في ذكرى ميلاد الناشط الحقوقي البحريني عبد الهادي الخواجة، وتضامنًا معه في محبسه، ومؤازرة له في إضرابه عن الطعام الذي يقارب الشهرين، أقام مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان يوم الخميس 5 إبريل 2012، صالون ابن رشد بعنوان “الحريات وحقوق الإنسان في البحرين .. عبد الهادي الخواجة مثالاً”، ليناقش الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان، والتي تفاقمت بعد اندلاع الثورة البحرينية في 14 فبراير 2011. ضم الصالون سيد هادي الموسوي مسئول الرصد الحقوقي بجمعية الوفاق البحرينية، مريم الخواجة ابنة الناشط عبد الهادي الخواجة ومسئولة العلاقات الخارجية بمركز البحرين لحقوق الإنسان، جمال عيد مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، وأستاذة الإعلام بالجامعة الأمريكية رشا عبد الله وأدار اللقاء باحثة بمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان.
بدايةً تحدث سيد عبد الهادي الموسوي عن أن البحرين من أكثر البلدان العربية أهمية، من حيث موقعها في الإقليم العربي. هذا البلد الذي لا يزيد عدد سكانه عن النصف مليون، ومساحته أصغر من منطقة في القاهرة، إلا أن ما يقرب من 80% من هذه المساحة لا يستطيع المواطن البحريني أن يصل إليها لسيطرة الأسرة المالكة عليها. مشيرًا إلى أن البحرين لديها أكثر رئيس وزراء بقي في منصبه في العالم، وضع البحرين تحت قانون طوارئ لمدة تزيد عن 25 عاما، وعطل الكثير من مواد الدستور.
حول الثورة البحرينية في 14 فبراير وأشكال التعامل المتبادل بين الثوار والحكومة أثناء الثورة، قال الموسوي أن الثورة أدخلت عنصر هام إلى الساحة السياسية، وهم الشباب، وأن وجود المرأة أصبح مهمًا وواضحًا جدًا، إذ أن أكثر من 50 في المائة من النساء شاركن في الثورة، لتعرضهم للاعتقال ولانتهاكات صريحة.
أكد الموسوي أن الثوار لم يرتكبوا مظهرًا من مظاهر العنف، بالرغم من تدخل أجهزة الأمن والتي قامت بهدم 35 مسجدًا في 16 مارس 2011، واعتقلت أكثر 3 آلاف مواطن، بالإضافة إلى الاختفاءات القسرية، والتعذيب حتى الموت والذي أسفر عن مقتل خمسة شهداء، وكذا الفصل التعسفي، والتعدي على ملكيات المواطنين ونقل ملكيتها إلى الدولة.
وعن الموقف الدولي من الثورة في البحرين اختتم الموسوي حديثه مؤكدًا أن الدولة استخدمت أسلوب الإشاعات لتجريم الثورة وإحباطها. مشيرًا إلى أن دخول القوات السعودية للأراضي البحرينية، يتضمن مغزى سياسي وليس كما يشاع بأنه للحفاظ على الأماكن الحيوية داخل البحرين، وأن ما يثار حول الاستعانة بإيران هو ضرب من الخيال وأكبر دليل على ذلك وجود الأسطول الأمريكي الخامس في البحرين، كما أشار إلى أن وثيقة المنامة والتي يطالب بها عدد غفير من المواطنين لم تنص على ولم تقر بسياسة تنتهجها إيران، وإنما دولة تحلم بتحقيق الديمقراطية فقط.
من جانبها تحدثت مريم الخواجة كنا نتوقع من الحكومة أن تنتهز الفرصة عند صدور تقرير البسيوني، وتعمل على التغيير والتحول الديمقراطي، ولكن ما حدث عكس ذلك، فقد ترجمت الحكومة التقرير إلى مزيد من استخدام العنف الموجه، والانتهاكات المتعمدة لحقوق الإنسان والحريات العامة.
اختصرت الخواجة مطالب الثورة في حكومة تحترم حقوق الإنسان، ويحاسب كافة أعضاءها ويمكن محاكماتهم، فرغم تأكيدات المعتقلين تعرضهم للتعذيب على أيدي أبناء الملك، إلا أن العرف في البحرين، يحول دون محاسبة أي فرد من العائلة المالكة بحجة الاستقرار والتقدم. وأشارت الخواجة إلى أن السعودية ترى أن حصول البحرين على الحرية وممارسة الديمقراطية، من شأنه أن يهدد الحكم في السعودية.
واختتمت الخواجة حديثها بكلمة والدها “لا حياة بدون حرية”، موضحةً أن أبيها المضرب عن الطعام لـ57 يوم حتى الآن، يحب الحياة ولكنه يحب الحرية أكثر، ويحاول أن يبعث رسالة إلى العالم كله، بضرورة الإفراج عن جميع المعتقلين في البحرين.
أشار جمال عيد إلى أن الثورة البحرينية بدأت وهناك أكثر من 20 مناضل يحاكمون عبر قانون جائر، وأن الحكومات لازالت تستخدم أسلوبها في التحكم بالشعوب عن طريق تفريقهم بالإعلام والدين لحماية أنفسهم. وعن الشعب البحريني أكد عيد أن الشعب البحريني هو الأكثر التزامًا بحق التظاهر السلمي منذ قيام ثورات الربيع العربي بدءً من تونس، حيث أن ثورة البحرين شهدت خروج أكبر نسبة من السكان في مظاهرة.
وصف جمال عيد أمريكا وإسرائيل وإيران والسعودية بأنهم أعداء الربيع العربي، معتبرًا إنجلترا أيضًا الراعي الرسمي لتصدير السلاح إلى البحرين. مشيرًا إلي أن أمريكا تنظر إلى الاستقرار فقط، سواء أتى هذا الاستقرار عبر الديمقراطية أو عن طريق الديكتاتورية، أما إيران غير الديمقراطية فهي من أكثر الدول التي أساءت إلى الثورة البحرينية. واختتم قائلاً إن الحقوقيين أمثال عبد الهادي الخواجة هدفهم الوحيد هو البحث عن الحريات وتحقيقها.
رشا عبد الله أشارت إلى أن أكثر القنوات العربية التي تابعت الثورات العربية هي قناة الجزيرة وقناة العربية، ولكن هذا لم يحدث مع ثورة البحرين، لأن الحكومة القطرية والسعودية -المتحكم الرئيسي في القناتين- من شأنها ألا يتحدث العالم عن تلك الثورة لأنها تهدد أنظمتها، مؤكدة أن الثورة البحرينية ظُلمت في الإعلام الدولي، بينما تم التضييق الشديد على الإعلاميين والإعلام المحلي.
وعن وسائل الإعلام البديلة تحدثت عبد الله عن تأثير الشبكات الاجتماعية على العالم العربي، فرغم أن كل الدول العربية تعاني من قانون الطوارئ، لكن النشطاء والمدونين البحرينيين هم الأكثر نشاطًا، فهم أصحاب مبادئ حقيقية رغم قلة عددهم، كما أنهم أصحاب حس وبلاغة شديدة في مدوناتهم، رغم ما يتعرضون له من ضغوط شديدة، حجب لمواقعهم، وتضييق على حرية الرأي والتعبير. مشيرة إلى أن الحكومة البحرينية تجيد المراقبة الالكترونية بشكل أفضل من الحكومة المصرية. وضربت عبد الله مثالاً بوزيرة الإعلام مي خليفة في 2009 والتي قررت فور توليها الوزارة حجب بعض المواقع في الدولة. ولكن رغم التعتيم الإعلامي وكتم الأصوات، يخرج صوت الثوار البحرينيين المطالب بالحرية.
اختتمت باحثة مركز القاهرة اللقاء بالتأكيد علي أن الثورة البحرينية ليست معركة بين السنة والشيعة، وإنما حول حقوق وحريات المواطنين في البحرين، مشيرة إلى وجود أكثر من 3 آلاف معتقل و80 قتيل في الثورة، أغلبهم من الغازات السامة التي يستخدمها الأمن ضد المتظاهرين، ويطلقها بشكل عشوائي على المناطق السكنية.
Share this Post