أقام مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان أمس الأحد 18 سبتمبر 2011 محاضرة بعنوان “نحو فهم أوضح للنظام الانتخابي الجديد” بالتعاون مع مركز 25 يناير بقصر ثقافة بنها، المحاضرة ناقشت قانون تقسيم الدوائر وقانون النظام الانتخابي الجديد، اللذان أقرهما مجلس الوزراء وصادق عليهما المجلس العسكري بصفته صاحب السلطة التشريعية في المرحلة الانتقالية وترتب عليهما جدلاً واسعًا في الشارع المصري.
ألقى المحاضرة الناشط الحقوقي “محمد زارع” مدير برنامج مصر بمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، فى حضور الأمين العام لمركز 25 يناير لثقافة حقوق الإنسان ببنها “حافظ موسى”، و”محمد زيدان” رئيس مجلس إدارة المركز، ومدير قصر الثقافة ببنها “يسري الدالي”. كما حضر اللقاء عدد من ممثلي الأحزاب مما أثرى اللقاء حول الخطوات التي يمكن أن تتخذها الأحزاب في ظل المرحلة القادمة.
افتتح اللقاء “حافظ موسى” الأمين العام لديوان المحافظة بالحديث عن الديمقراطية قائلاً “الديمقراطية هدف وغاية، وللغاية وسيلة، والانتخابات وسيلتنا لتحقيق هذا الهدف”، مؤكدًا على أن الحرية هي أولى المبادئ التي نادت بها الثورة، وإننا حصلنا عليها بعد اختناق كبير، لكننا أسأنا فهمها وتطبيقها. من جانبه شدد مدير قصر الثقافة “يسري الدالي” على ضرورة أن يبتعد المشاركون عن الأيدلوجيات، وأن يُظهروا للحاضرين صورة واضحة يمكن لهم عن طريقها فهم الواقع الذي نعيشه.
محمد زيدان رئيس مجلس إدارة مركز 25 يناير أكد أن مصر تمر الآن بمرحلة تحتاج لتكاتف كل الفئات من أجل إقامة نظام جديد، يخلص في الانتخابات القادمة، طالب زيدان بضرورة قيام منظمات المجتمع المدني بمراقبة تلك الانتخابات، لأن هذا حق وليس منحة من أحد، مشددًا على دور الأمن خلال تلك المرحلة، مستنكرًا عجز جهاز الشرطة بحجمه الهائل عن التصدي للجرائم التي تشهدها مصر الآن، ومطالبًا الشرطة أن تعيد تقييم مكانتها وتتصالح مع نفسها، حتى تتمكن من تهيئة حالة من الطمأنينة خلال الانتخابات المقبلة.
بدأ “محمد زارع” حديثه جازمًا بأن لا أحد يمكنه -حتى الآن- التأكيد على أن الانتخابات ستجرى في موعدها المحدد، ذلك لأن المجلس العسكري أعلن أمس أنه سيعقد جلسة مع القوى السياسية لمناقشة ما يمكن فعله من أجل الانتخابات القادمة، وتسائل زارع عن عدم إصدار قانون تقسيم الدوائر حتى الآن بالرغم من قرب موعد الانتخابات، فعلى أي أساس سيبني المرشحون خطة حملتهم الانتخابية وتحالفاتهم السياسية مشيرًا إلي أن ما نشر عن قانون تقسيم الدوائر لا يعتبر قانونًا ساريًا لأنه لم ينشر في الجريدة الرسمية حتى الآن. معتبرًا أن هناك تخبطًا في إدارة العملية الانتخابية حيث قيل أن انتخابات مجلسي الشعب والشورى ستتم في وقت واحد، ثم تم التصريح بعد ذلك بأن كل منهما على حدة.
أكد زارع إنه لدينا “فوضى تشريعية” واضحة تنعكس فى وجود ثلاثة قوانين تنظم انتخابات مجلس الشعب وحده وهي “قانون مباشرة الحقوق السياسية” و “قانون مجلس الشعب” و “قانون تقسيم الدوائر الانتخابية”، مستنكرًا نص قانون مجلس الشعب على عقوبات جنائية سالبة للحرية لخرق قواعد الدعاية الانتخابية عن طريق تلقي أموال من جهات أجنبية مضيفًا أن مثل تلك الأفعال معاقب عليها بالفعل في قانون العقوبات فلا داعي للنص عليها في قانون مجلس الشعب، موضحًا أن هذا يعكس الفلسفة التشريعية في مصر أن يكون الفعل معاقب عليه في أكثر من قانون.
وعن النظام الفردي ذكر زارع إنه نظام يتميز بالسهولة في الانتخاب، ولكن عيوبه تتمثل فى أنه ينطوي على انتخاب أفراد وليس برامج، ومن هذا المنطلق يمكن لهؤلاء الأفراد أن يستغلوا المشكلة الأمنية لشراء الأصوات وأعمال البلطجة والعنف متسائلاً عن أسباب التمسك به برغم رفض جميع القوى السياسية لهذا النظام. وأضاف زارع إن من عيوب النظام الفردي المعمول به الآن هو اتساع الدائرة الانتخابية فبعد أن كانت مصر مقسمة ل222 دائرة أصبحت مقسمة إلى 126 مما يمثل عبئًا أمنيًا إضافيًا. وحول آلية التصويت في النظام الفردي شرح زارع إنه يمكن للناخب أن يدلي بصوته لاثنين فقط، بشرط أن يكون أحدهما فئات والأخر عمال أو فلاحين، أو التصويت لأثنين من العمال والفلاحين. مشيرًا إلى أن الذي ينجح في هذا النظام هو من يحصل على 50 % +1 من إجمالي الأصوات الصحيحة ، أما في الإعادة ينجح المرشح إذا ارتفعت أصواته عن منافسه حتى لو بصوت واحد.
انتقد زارع نظام القائمة النسبية المغلقة المشروطة المقرر تطبيقها والتي تتكون من 4 إلي 6 مرشحين فقط، فى حين أن المتعارف عليه تكونها من 10 مرشحين أو أكثر، بما يجعلها أشبه بنظام فردي مقنن. أضاف زارع أن القائمة تسمى مغلقة لأن الترتيب الحزبي مُلزِم لا يمكن أن يُعَدَل بها أو يرتب أو يحذف منها أو يضاف أحد المرشحين، ومشروطة لأن وجوب القبول في البرلمان يتمثل في الحصول على نصف بالمائة على أقل تقدير على مستوى الجمهورية، وأن تضاف امرأة على كل قائمة، وألا يلي صفة الفئات صفة مماثلة لها وإنما يمكن أن تكون عمال أو فلاحين.
وعن اللجنة العليا للانتخابات تسائل كيف يكون من ضمن أعضاء اللجنة أقدم أثنين من نواب رئيس محكمة النقض، وفي الوقت ذاته تفصل ذات المحكمة في صحة عضوية المرشحين.
أكد زارع في نهاية حديثه أن الانتخابات ستتم عن طريق الرقم القومي، وهذا مدون على الموقع الخاص باللجنة العليا للانتخابات، ويمكن للجميع أن يتأكدوا من إدراج أسمائهم ضمن كشوف الانتخاب، وأن الكشوف أيضًا موجودة في القسم التابع له الناخب.
من ناحية أخرى أكد ممثلوا الأحزاب على أن الأحزاب يجب أن تتكاتف سويًا لأن الانتخابات القادمة تمثل منعطفًا تاريخيًا في الحياة السياسية المصرية، كما اتفقوا أيضًا على أن اتساع الدائرة يحول بين المرشح وناخبيه، نظرًا لصعوبة التواصل معهم عبر دائرة انتخابية كبيرة، حيث أن البرلمان القادم يجب أن يعبر عن الشعب وألا يكون بمثابة انتكاسة.
يذكر أن هذه هي المحاضرة الثانية عشرة ضمن سلسلة محاضرات برنامج “حقوقنا الآن وليس غدًا” الذي بدأه مركز القاهرة في ابريل الماضي، مستهدفًا تعليم ونشر ثقافة حقوق الإنسان عبر مناطق ومحافظات الجمهورية.
Share this Post