بينما تحل ذكرى يوم الأسير الفلسطيني هذا العام، يواجه الأسرى والمعتقلون الفلسطينيون تهديدًا إضافيًا بانتشار فيروس كورونا (كوفيد-19) في السجون ومراكز الاعتقال الإسرائيلية. وفيما تستجيب الحكومات حول العالم لدعوات إطلاق سراح السجناء والمحتجزين، لم تتخذ سلطات الاحتلال الإسرائيلي أية خطوات لإطلاق سراح الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين أو التخفيف عنهم بشكل مناسب، من أجل منع تفشي كوفيد-19 في السجون. بل على العكس، تابعت السلطات الإسرائيلية -رغم الوباء- عمليات القبض والاعتقال التعسفي بشكل روتيني في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، ووضع المعتقلين في الحجر الصحي، وذلك ضمن حزمة من انتهاكاتها الواسعة والمستمرة لحقوق الشعب الفلسطيني. وعليه، تدعو منظماتنا إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لضمان إطلاق سراح الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين وتوفير أعلى مستوى ممكن من الرعاية الصحية في ظل انتشار وباء كوفيد-19، لا سيما للعديد من القُصَّر والمصابين بأمراض مزمنة العرضة للخطر، بالإضافة إلى المعتقلين إداريًا والمحتجزين بالمخالفة للقانون الدولي.
بحسب مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، يقبع في المعتقلات الإسرائيلية حاليًا 5,000 أسيرًا فلسطينيًا، بينهم 183 طفلًا و432 معتقلًا إداريًا. إذ تحتجز سلطات الاحتلال عددًا من الفلسطينيين إدارياً لأجل غير مسمى دون تهمة أو محاكمة، بينهم صحفيين ومدافعين عن حقوق الإنسان وأعضاء بالمجلس التشريعي الفلسطيني.
يمثل وباء كوفيد- 19 خطرًا إضافيًا على الأشخاص المحرومين من حريتهم في كل أنحاء العالم، باعتبارهم أكثر عرضة لخطر تفشي الوباء بينهم مقارنة ببقية السكان، ويتضاعف هذا الخطر بالنسبة للأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، حيث ظروف الاحتجاز القاسية والممنهجة، بما في ذلك التعذيب وسوء المعاملة، والإهمال الطبي، والتكدس ونقص التهوية، وصعوبة الوصول للمستلزمات الصحية والمطهرات، وسوء التغذية، والحرمان من الزيارات. هذه الظروف تجعل السجون الإسرائيلية بيئة خصبة خطيرة لانتشار الوباء فضلاً عن كونها سبق وتسببت في إصابة مئات المحتجزين بأمراض مزمنة دون علاج.
في مطلع مارس 2020، أوقفت مصلحة السجون الإسرائيلية جميع الزيارات العائلية والقانونية للأسرى، كإجراء احترازي، كما أرجأت السلطات الإسرائيلية جميع إجراءات المحاكمة في المحاكم العسكرية وتوقفت عن تقديم الفلسطينيين للمحاكمة أو التحقيق، ما يزيد من انتهاكات إسرائيل لحقوق الفلسطينيين في الحرية والأمن الشخصي وفي محاكمة عادلة وسريعة. علاوة على ذلك، منعت إسرائيل الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين من الاجتماع بممثليهم القانونيين، ومصرحة بتواصلهم تليفونيًا فقط، بما يمنع الوقوف على أوضاعهم الصحية وأوضاع السجون بشكل دقيق.
وفي هذا السياق، تواصل خدمة السجون الإسرائيلية رفض تركيب الهواتف الأرضية في العديد من السجون على النحو المنصوص عليه في أحدث مفاوضات الإضراب عن الطعام، مما أدى لزيادة عزلة الأسرى الفلسطينيين عن أسرهم وممثليهم القانونيين أثناء الوباء. فحتى الآن، سمحت مصلحة السجون لبعض الأسرى من النساء والأطفال بإجراء مكالمات هاتفية، دون جدول واضح وبعد الكثير من التأخير، بينما لم يُسمح إلا لعدد محدود من المعتقلين النساء والأطفال في سجن الدامون بالاتصال بأسرهم خلال جائحة كوفيد-19.
ورغم المبادئ التوجيهية والدعوات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، ومفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وخبراء الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان حول الحاجة إلى منع انتشار وباء كوفيد-19 في أماكن الاعتقال، تستمر الأوضاع في السجون الإسرائيلية في تدهور، حيث أفاد الأسرى بأن مصلحة السجون الإسرائيلية فرضت قيودًا جديدة على المشتريات من مطاعم السجن وكذلك مستلزمات النظافة الشخصية والأدوية الطبية. وفي الوقت نفسه، يتعمد ضباط مصلحة السجون تفتيش غرف السجناء بشكل روتيني وجمع الأٍسرى وإجراء عمليات الإحصاء خمس مرات في اليوم، دون ارتداء لملابس الخطر أو قفازات واقية أو أقنعة طبية. كما أفاد عدد من الأسرى الفلسطينيين في سجن عوفر مؤخرًا بمخاوفهم بشأن تعرض أحد حراس السجون الإسرائيليين للإصابة بكوفيد-19. وفي 1 أبريل 2020، تبين أن نور الدين صرصور، الأسير الفلسطيني السابق، مصابا بكوفيد-19، وذلك عقب إطلاق سراحه من سجن عوفر الإسرائيلي بيوم واحد.
في 25 مارس 2020، صرحت المفوضة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باتشيليت، بأنه “يجب على الحكومات، أكثر من أي وقت مضى، الإفراج عن كل شخص محتجز بدون أساس قانوني كافٍ، بما في ذلك السجناء السياسيين وغيرهم من المحتجزين لمجرد تعبيرهم عن انتقادات أو آراء مخالفة.” وفي 30 مارس، دعت اللجنة الفرعية لمنع التعذيب بالأمم المتحدة الحكومات إلى “تقليل عدد السجناء من خلال تنفيذ مخططات للإفراج المبكر أو المؤقت أو المشروط عن المجرمين الذين لا يمثلون خطرًا كبيرًا، ومراجعة جميع حالات الاحتجاز السابق للمحاكمة، وتوسيع استخدام الكفالة للجميع باستثناء الحالات الأكثر خطورة.”
في 27 مارس 2020، قررت سلطات الاحتلال الإسرائيلي إطلاق سراح نحو 400 سجينًا “غير عنيف” حسب القانون العام الإسرائيلي، كانوا يقضون عقوبات مخففة وقاربت فترة عقوبتهم على الانتهاء، مع اعتبارات الحالة الصحية والعمر، بينما امتنعت سلطات الاحتلال الإسرائيلية عن اتباع السياسات نفسها مع الأسرى والمعتقلين الإداريين الفلسطينيين.
وفي يوم الأسير الفلسطيني، تدعو منظماتنا وبشكل عاجل للإفراج الفوري عن الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية، وخاصة أولئك الأكثر عرضة للوباء، كالمصابين بالأمراض المزمنة، وذلك من أجل الحفاظ على حقوقهم وضمان سلامتهم وحمايتهم من تفشي وباء كوفيد-19 في السجون الإسرائيلية.
وفي ضوء ما سبق، وحتى إطلاق سراح الأسرى والمعتقلين الفلسطنيين، تدعو منظماتنا:
- مصلحة السجون الإسرائيلية إلى:
- تركيب خطوط أرضية في جميع السجون ومراكز الاعتقال الإسرائيلية، وضمان استمرار التواصل بين الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين وبين عائلاتهم وممثليهم القانونيين من خلال مكالمات هاتفية أو مكالمات فيديو غير خاضعة للمراقبة؛
- ضمان حصول الأسرى والمعتقلين على الرعاية الطبية اللازمة، ومستلزمات النظافة والأدوية الطبية.
- ضمان علنيّ بإلغاء استخدام عقوبة الحبس الانفرادي، باعتباره نمط من أنماط التعذيب المعترف به دوليًا، كتدبير لإدارة انتشار كوفيد-19 في السجون ومرافق الاحتجاز؛
- نشر جميع الخطط والسياسات المتبعة في السجون الإسرائيلية لضمان حماية جميع الأسرى خلال جائحة كوفيد-19.
- اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى:
- مواصلة زيارات السجون ومراكز الاعتقال الإسرائيلية، وتقديم معلومات دقيقة موثقة حول الأوضاع فيها، والإشراف على والتأكد من توفير الرعاية الصحية اللازمة للأسرى والمعتقلين أثناء تفشي الوباء، ودعوة مصلحة السجون الإسرائيلية لاعتماد المبادئ التوجيهية الدولية ذات الصلة لمنع تفشي كوفيد-19 في السجون الإسرائيلية؛
- المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة إلى:
- مطالبة إسرائيل، باعتبارها السلطة القائمة بالاحتلال، بالإفراج عن الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين بما يتماشى مع المبادئ التوجيهية الصادرة عن منظمة الصحة العالمية ومفوضية حقوق الإنسان وخبراء الأمم المتحدة المعنيين بحقوق الإنسان بشأن منع تفشي وباء كوفيد-19 في السجون، لا سيما الدعوات الإضافية الموجهة إلى دول محددة في هذا الصدد؛
- الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إلى
- دعوة إسرائيل إلى اتخاذ إجراءات عاجلة بما يتماشى مع المبادئ التوجيهية المذكورة أعلاه، ولا سيما الإفراج عن الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، والالتزام بتوفير أعلى مستوى ممكن من الرعاية الصحية خلال حالة الطوارئ الصحية العامة؛
- الدول الأعضاء بالأمم المتحدة، بما في ذلك السلك الدبلوماسي إلى:
- مطالبة إسرائيل بالوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي فيما يتعلق بمعاملة الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين وضمان حمايتهم، لا سيما خلال كوفيد-19.
المنظمات الموقعة:
- مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية (PHROC):
- مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان
- مركز الميزان لحقوق الإنسان
- مؤسسة الحق، القانون من أجل حقوق الإنسان
- مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان
- الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال – فرع فلسطين
- حريات – مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية
- مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان (JLAC)
- معهد مواطن للديمقراطية وحقوق الإنسان
- المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان
- مركز رام الله لدراسات حقوق الانسان
- الهيئة المستقلة لحقوق الانسان- عضو مراقب
- شبكة المنظمات الفلسطينية الغير حكومية (PNGO) :
- جمعية المهندسين الزراعيين العرب
- مركز موارد الطفولة المبكرة (ECRC)
- مركز أبحاث الأراضي
- الإتحاد العام الفلسطيني للجمعيات الخيرية
- الجمعية الفلسطينية الأكاديمية للشؤون الدولية
- مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي (WCLAC)
- عدالة، المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل
- الائتلاف الأهلي للدفاع عن حقوق الفلسطينيين في القدس
- المركز الفلسطيني للإرشاد
- المعهد الفلسطيني للدبلوماسية العامة (PIPE)
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- التحالف الدولي للموئل – شبكة حقوق الأرض والسكن (HIC-HLRN)
- عيادة ألارد ك. لوينشتاين الدولية لحقوق الإنسان ، كلية الحقوق بجامعة ييل
- جمعية المحامين العرب
- رابطة الحقوقيين الأمريكية(AAJ)
- جمعية التضامن الفرنسة الفلسطيمية (AFPS)
- عدالة- مشروع العدالة
- Abolitionist Law Center
Share this Post