خبر صحفى: أصدر مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان صباح اليوم ورقة تحليلية ناقش فيها أهم ما جاء في القانون المقترح من قِبل وزارة الشئون الاجتماعية حول تنظيم عمل الجمعيات والمؤسسات الأهلية، وهو القانون الذي اعتبره المركز بمثابة حلقة جديدة في مسلسل قمع العمل الأهلي وتكميم أفواه المنظمات الحقوقية، معتبرًا أنه يعيد العمل الأهلي نحو خمسين عامًا للخلف، ويتعامل مع الجمعيات والمؤسسات الأهلية بشكل تسلطي فج يجعلها تتلقى الأوامر فقط من الجهة الإدارية والسلطات الأمنية وما عليها سوى التنفيذ. الرؤية التحليلية التي طرحها المركز للقانون في حوالي 25 ورقة تعرضت تفصيليًا لكافة البنود الواردة في مشروع القانون والتي تتضمن مداخل جديدة لاغتيال العمل الأهلي ومحاصرة النشطاء وعرقلة قيام المجتمع المدني بدوره المنوط به في مراحل التحول الديمقراطي.
تُشير الورقة التحليلية إلى أن القانون المقترح يتضمن تعديًا صريحًا على العديد من النصوص القانونية بما فيها الإعلان الدستوري، فقد قصر القانون المقترح عمل الجمعيات الأهلية على “الرعاية الاجتماعية، التنمية وتنوير المجتمع” مستبعدًا مجال العمل الحقوقي من أنشطة الجمعيات، فلا مجال للدفاع عن حقوق الضعفاء والمسجونين وشهداء تعنت السلطة، بما يمثل خرقًا لما نصت عليه المادة 4 من الإعلان الدستوري. ولم يكتف القانون بحصر أنشطة الجمعيات، وإنما ألزمها بعدم الجمع بين أكثر من ميدان عمل إلا بموافقة الجهة الإدارية.
القانون أيضًا أعطى لوزير الشئون الاجتماعية سلطة غير مبررة لحل أي كيان أياً كان الإطار القانوني الذي ينظمه، وفرض عقوبة الغرامة على من أنشأه إذا تبين له أنه يقوم بعمل من أعمال الجمعيات الأهلية، وهو ما يُعد تدخلاً سافرًا في إرادة مؤسسي المنظمة ويمنع الهياكل القانونية الأخرى “مثل الشركات المدنية” من ممارسة نشاط يندرج ضمن أنشطة الجمعيات الأهلية.
مشروع القانون اشترط أيضًا الموافقة المسبقة لبعض الأنشطة التي تقوم بها الجمعية من أجل تنمية مواردها المالية كجمع تبرعات من الجمهور، أو الحصول على تمويل أجنبي أو التعاون مع إحدى المؤسسات أو الجهات الأجنبية في نشاط معين من ضمن أغراض الجمعية، كما أنه سمح للجهة الإدارية بالتدخل والاعتراض على بعض الأمور الداخلية للجمعية بما في ذلك حق الجهة الإدارية في الاعتراض على قرارات الجمعية، أو أن تقف ضد إرادة أعضاء الجمعية وتعترض على مرشح أو أكثر من مرشحين انتخابات مجلس إدارة الجمعية.
يذكر أن 39 منظمة من منظمات حقوق الإنسان المستقلة كانت قد بادرت في عام 2009 بطرح مشروع قانون لتحرير العمل الأهلي كبديل للقانون 84 لسنة 2002، يلتزم بالمعايير الدولية لحرية التنظيم، وقد أعادت طرح ذلك المشروع على حكومة عصام شرف بتاريخ 16 نوفمبر 2011، ثم تقدمت بالمشروع نفسه لكمال الجنزوري رئيس مجلس الوزراء الحالي ونجوى خليل وزيرة الشئون الاجتماعية بتاريخ 17 ديسمبر 2011، وكذا لرئيس المجلس الاستشاري ، فما كان من الجهات المعنية ألا أن ردت على ذلك المقترح بطرح مشروع قانون عبد العزيز حجازي لتنظيم العمل الأهلي والذي سبق وتم طرحه في عهد مبارك مارس 2011، واعتبرته المنظمات الحقوقية وقتها قانون فاشي للقضاء على العمل الأهلي.
القانون المقترح من وزارة الشئون الاجتماعية سمح للجهات الإدارية بمنح الترخيص المسبق للجمعية أو المؤسسة قبل مزاولة نشاطها، كما أضاف -القانون- عائق أخر لم يكن موجودًا في القانون الحالي وهو أن تقدم الجمعية طلب التأسيس للاتحاد الإقليمي ليقوم بدوره بمراجعته ويقرر ما إذا كان الطلب مستوفي أم لا، كما ضاعف من الحد الأدنى لعدد الأشخاص المؤسسين للجمعية، وزاد من الأعباء المالية على المؤسسات الأهلية بأن ضاعف رأس المال اللازم لتأسيس المؤسسة الأهلية إلى عشرة أضعاف ما كانت عليه في القانون الحالي.
واستكمالاً لوضع العراقيل أمام المنظمات أقر المشروع العضوية الجبرية في الاتحاد العام والاتحادات الإقليمية، إذ يُلزم القانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية بالانضمام إلى الاتحادات الواردة بالباب الخامس منه مثل الاتحاد الإقليمي، الاتحاد النوعي والاتحاد العام. كما حرص المشروع المقدم من الوزارة على احتفاظ الجهة الإدارية بحق وقف أنشطة الجمعية أو المؤسسة الأهلية بقرار إداري –بعد موافقة الإتحاد العام- وليس بحكم قضائي.
إن المشروع المقترح من وزارة الشئون الاجتماعية يبتعد كل البعد عن أبسط مفاهيم وقواعد عمل المجتمع المدني، ويبذل جهدًا ملحوظًا لضمان السيطرة الكاملة لوزارة الشئون الاجتماعية والجهات الأمنية على عمل الجمعيات والمؤسسات الأهلية على اعتبارها مجرد وحدات إدارية تتبع الجهاز البيروقراطي للدولة.
مرفق الورقة التحليلية للقانون المقترح والصادرة عن مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
Share this Post