نظم مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بالتعاون مع المنظمة الدولية لمناهضة التعذيب ومنظمة هيومان رايتس ووتش ومركز الخليج لحقوق الإنسان ومنظمة الخدمة الدولية لحقوق الإنسان مساء اليوم الأربعاء 18 يونيو 2014 في جنيف، لقاءً خاصًا حول حالة حقوق الإنسان في منطقة الخليج والعمليات الانتقامية التي يتعرض لها المدافعون عن حقوق الإنسان في تلك المنطقة بالتركيز على دولتي قطر والكويت.
اللقاء الذي حمل عنوان “القمع، الانتقام والاعتقال للمدافعين عن حقوق الإنسان في منطقة الخليج: الكويت وقطر في دائرة الضوء”. جاء على هامش فعاليات الدورة السادسة والعشرين لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، والمنعقدة حاليًا في جنيف، والتي من المقرر أن تمتد حتى 27 من الشهر الجاري.
استضاف اللقاء كل من جو ستورك من منظمة هيومان رايتس ووتش، ومايكل إينسن ممثل منظمة الخدمة الدولية لحقوق الإنسان، وميليني جينجل المحامية الحقوقية البريطانية والعضو بمركز الخليج لحقوق الإنسان، ومحمد التاجر المحامي الحقوقي البحريني والمنسق العام لمرصد البحرين لحقوق الإنسان. أدار اللقاء خالد إبراهيم المدير المشارك لمركز الخليج لحقوق الإنسان.
ركز جو ستورك في كلمته على دولة قطر مستعرضًا مجموعة من القضايا أهمها الانتهاكات الجسيمة بحق العمال المهاجرين، والطابع السلطوي للحكومة والذي يعوق الكشف عن أية انتهاكات، ناهيك عن غياب الشفافية والمعلومات بشان الأوضاع في قطر.
كما تطرق ستورك أيضًا لما تعانيه قطر من “محسوبية سياسية” وازدواجية واضحة في المعايير في ظل احتكار واضح لمقاليد الأمور من قبل العائلة المالكة، هذا بالإضافة لما تعانيه المرأة من انتهاك لحقوقها مقارنة بالرجل. كما ركز النقاش على الفجوة الواضحة ما بين مواقف الحكومة القطرية المعلنة فيما يتعلق بحقوق الإنسان وبين وضعية تلك الحقوق في الواقع الفعلي، مشيرًا إلى أن قطر صدقت على عدد من الاتفاقيات الدولية؛ إلا أنه على صعيد الممارسة والتشريع المحلي تأتي الممارسات والقوانين على نحو منافي لكل هذه التعهدات الدولية، لاسيما فيما يتعلق بالقوانين المنظمة لعمل الجمعيات الأهلية وحرية التنظيم أو المتعلقة بحرية التعبير، مدللًا على ذلك بصدور العديد من الأحكام القاسية تحت زعم انتقاد العائلة المالكة أو تهديد السلم العام، وأن قانون تنظيم الجمعيات في قطر يصادر تقريبًا الحق في وجود أية منظمات مدنية مستقلة في قطر. وعن قناة الجزيرة قال ستورك “القناة تابعة للعائلة المالكة، وهذا هو السبب في أنها لا تتطرق للشأن القطري، ولا تسلط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان في قطر”.
من جانبه ركز محمد التاجر في مداخلته على تجربة اعتقاله في البحرين، مشيرًا إلى أن استهداف المحامين المعنيين بانتهاكات حقوق الإنسان والمدافعين عن ضحاياها منذ 2011، وقد تبع ذلك القبض على أكثر من خمس محامين من بينهم من تم اعتقاله بسبب تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، مستعرضًا حالات لعدد من النشطاء الحقوقيين في البحرين الذين يواجهون أحكامًا بالسجن وغيرها من أعمال الانتقام جراء اهتمامهم بقضايا حقوق الإنسان.
وأضاف التاجر قائلًا “إن الانتهاكات التي مورست ضدي لم تتوقف عند اعتقالي بل امتدت إلى العديد من الإجراءات التعسفية وصلت إلى ممارسات مشينة، منها تصويري بالفيديو في غرفة نومي، مع زوجتي، ومقايضتي على وضع الفيديو على الانترنت إذا استمر عملي في مجال حقوق الإنسان”.
وفي سياق متصل أكدت المحامية ميليني جينجل على الدور الذي لعبه التقرير السنوي لمركز الخليج الذي تم إطلاقه من جنيف في مارس الماضي، في تسليط بعض الضوء على الانتهاكات بمنطقة الخليج والصعوبات والتضحيات التي يتكبدها المدافعين عن حقوق الإنسان في تلك البلدان. وفي هذا السياق ركزت ميلني على دولة الكويت والتقرير الصادر عن مركز الخليج مؤخرًا بشأنهًا، والذي يبحث قضايا حرية التعبير والحق في التجمع السلمي، مُركزةً على أهمية رفع الوعي بحالة حقوق الإنسان في الكويت قبل الاستعراض الدوري الشامل المقبل للكويت أمام الأمم المتحدة.
في هذا السياق استعرضت ميليني عددًا من الأحكام الصادرة مؤخرًا، والتي تعكس انتقامًا واضحًا من الأفراد جراء ممارسة حقهم في التعبير عن أرائهم، منهم على سبيل المثال: رشيد العنزي حبس لعامين، سارة آل ادريس حبس لمدة 20 أشهر، هدى العجمي حبس لمدة 11 عاما، حمد النقي حبس لمدة 10 أعوام، عياد الحربي حبس لمدة عاميين.
تطرقت ميليني أيضًا في حديثها إلى قضايا “البدون” في الكويت والمقدر عددهم بأكثر من مائة ألف شخص، وما يعانوه من انتهاك واضح لحقوقهم في حرية تكوين الجمعيات والحق في حرية التعبير وتكرار تعرضهم للمحاكمات جراء ممارساتهم لحقوقهم الأساسية.
من جانبه ركز مايكل اينسن في كلمته على مسئولية الأمم المتحدة والدول الأعضاء في حماية حقوق الإنسان والمدافعين عنها في دول الخليج، لاسيما هؤلاء المتعاونون مع آليات الأمم المتحدة؛ خاصةً في الكويت وقطر، معتبرًا أن حماية النشطاء الحقوقيين في الخليج لابد أن تكون على رأس أولويات المدافعين عن حقوق الإنسان الذين يعملون في إطار الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان، بما يضمن وقف تلك الممارسات ومنع تكرارها. مشيرًا إلى أن ثمة مشكلة تواجه الأمم المتحدة تتعلق بعدم التعرف على تلك الأعمال الانتقامية؛ نتيجة تضييق الخناق على الحقوقيين في الخليج، مشددًا على أهمية بناء قدرات المدافعين عن حقوق الإنسان، وتدريبهم على آليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وكيفية التواصل معها خاصةً في الكويت وقطر.
أيضًا قدم مايكل مجموعة من التوصيات للأمم المتحدة فيما يتعلق بعمليات القمع والانتقام والاعتقال المتكرر للمدافعين عن حقوق الإنسان في منطقة الخليج –وتحديدًا في قطر والكويت– تتضمن العمل على بناء قدرات المدافعين عن حقوق الإنسان في الخليج وتحسين مهارتهم في التعامل مع آليات الأمم المتحدة، والعمل على تنسيق استجابات أفضل من الأمم المتحدة، وتعزيز أكبر لدور الإجراءات الخاصة ومجلس حقوق الإنسان.
وأكد خالد إبراهيم أهمية رفع الوعي بالانتهاكات المرتكبة ضد حقوق الإنسان والمدافعين عنها في منطقة الخليج بشكل عام، لاسيما في ظل استمرار الهجمات ضد المدافعين عن حقوق الإنسان خاصة في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وحرص الحكومات على فرض كافة المعوقات التي تحول دون تواصل النشطاء الحقوقيين في الخليج مع المجتمع الدولي ومع غيرهم من المدافعين عن حقوق الإنسان في المنطقة، وذلك من خلال إجراءات حظر السفر وغيرها من المعوقات، التي من شانها تقليص دور المجتمع المدني ومصادرة أية فرصة للنشطاء الحقوقيين في الخليج لتشكيل مجموعات وطنية أو دولية للدفاع عن حقوق الإنسان.
Share this Post