نظم مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بالتعاون مع مؤسسة فري ميوز، وبالتعاون مع وزارة الخارجية النرويجية مساء الجمعة 13 مارس في جنيف ندوة نقاشية حول قمع الحريات الفنية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
استضافت الندوة –التي تعد الأولى من نوعها التي تناقش سبل قمع ومصادرة حرية الفنانين والإبداع الفني في منطقة الشرق الأوسط– المقررة الخاصة المعنية بالحقوق الثقافية بالأمم المتحدة فريدة شهيد، كما ضم اللقاء اثنين من الفنانين العرب، هما سولافة حجازي الفنانة التشكيلية السورية، ورسام الكاريكاتير السوري الفلسطيني هاني عباس. وأدار النقاش ولا ريتوف مدير مؤسسة فري ميوز.
ناقش اللقاء الذي جاء على هامش فعاليات الدورة الثامنة والعشرين لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، والمنعقدة حاليًا بجنيف، أحدث الإحصائيات والتقارير حول الانتهاكات في مجال الحريات الفنية، وطرح أمثلة من الرقابة والقمع ضد الفنانين ومختلف أشكال التعبير الفني في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
خلال اللقاء استعرضت فريدة شهيد المقررة الخاصة في مجال الحقوق الثقافية بالأمم المتحدة أهم ما جاء في تقريرها لعام 2013 حول حرية التعبير و إبداع الفنانين، مشيرةً إلى التحديات التي تعوق العمل على الحريات الفنية التي تتعرض للقمع والمصادرة –بسبل متنوعة– من قِبل السلطات السياسية و السلطات الدينية والثقافة المجتمعية على حد سواء، ومن ثم فجهود المقرر الخاص –حسب وصفها– ينبغي ألا تتمحور فقط حول حماية الفنانين، وإنما أن تمتد لحماية الإبداع الفني في حد ذاته، الأمر الذي لا يقتصر فقط على مواجهة فكرة الرقابة الفنية.
من جانبه أشاد أولا ريتوف مدير اللقاء بالدول التي لا يوجد لديها رقابة على الأعمال الفنية، مناشدًا بقية الدول أن تحذو حذوها، مشيرًا إلى أن بعض الدول قد تلقت توصيات دولية واضحة بشان الحريات الفنية أثناء الاستعراض الدوري الشامل لملفها الحقوقي أمام مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، من بينها مصر وتركيا.
وأضاف ريتوف أن الحريات الفنية في الشرق الأوسط تعاني من رقابة الدولة، فضلًا عن رقابة أطراف فاعلة غير حكومية، مثل المجتمع و رجال الدين، ناهيك عن أن معظم الدول في المنطقة لا تفي بالتزاماتها الدولية فيما يتعلق بحماية تلك لحريات، فعلى سبيل المثال في العراق يتم إلقاء القبض على مطربي موسيقى ( الهارد روك) لأنها ممنوعة هناك.
هاني عباس فنان الكاريكاتير السوري الفلسطيني، اعتبر أن الفن يؤثر إلى حد كبير في تشكيل اتجاهات الرأي العام، مؤكدًا أنه بعد الانتفاضة في سوريا صار لزامًا عليه أن يفكر أكثر في طبيعة تأثير فنه ومردوده لدى الجمهور، معتبرًا أنه لا قيمة لحريته طالما أن شعبه مازال يتطلع للحرية ولم يحظ بها، ناهيك عن أن تلك الحرية لم تكن مجانية وإنما كان ثمنها فراق الوطن على حد وصفه. واختتم عباس كلمته بأن “هؤلاء الموجودين خارج البلاد –سوريا– أصبحوا الأمل الوحيد في نقل معاناة من هم داخلها للأمم المتحدة والمجتمع الدولي”.
بدأت سولافة حجازي كلمتها بأنها لم تكن لتصنف نفسها كفنانة سياسية، وإنما فرضت السياسة نفسها على أعمالها. مؤكدةً على أن الرقابة لا تتمثل فقط في الأنظمة الحاكمة وإنما ثمة رقابة أخرى ترتبط بالسياق العام في الدول العربية، فمعظم الفنانين العرب يطرحون أعمالهم الفنية في مناخ يصادر الحريات بشكل عام، مما يساعد في خلق بيئة تعزز وتحتضن الإرهاب والعنف.
وتؤكد سولافة أنه أثناء الثورة السورية كان التعبير الفني جزءً من أدوات المجتمع المدني في نقل الصورة للمجتمع الدولي، إلا أن النظام كان يتعمد عرقلة تلك الجهود باستخدام أسلحته المختلفة، حتى أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي هي المنبر الوحيد الذي يمكن استخدامه في هذا الصدد.
اختتمت فريدة شهيد اللقاء بالتأكيد على أن الأزمة لا تكمن فقط في أجهزة الرقابة وإنما في غياب الإرادة السياسية لتحرير الفن، من قبل أنظمة تدرك قوة تأثير الفن وقدرته على إحداث التغيير، و لكنها أضافت “الدعابة و السخرية شكل من أشكال الفن، و الأنظمة دائمًا ما تخاف السخرية، الظلام يسير جنبًا إلى جنب مع النكتة لأنه هو السبيل الوحيد للتعايش مع الواقع المأساوي”.
جدير بالذكر أن الندوة حضرها خبراء من منظمات حقوقية إقليمية ودولية، فضلًا عن بعض ممثلي وفود الدول مثل فرنسا، استراليا، الولايات المتحدة الأمريكية والدنمارك وأيرلندا ونيوزيلندا. فيما أشاد وفد النرويج بموضوع الندوة وقدموا مجموعة من التوصيات الخاصة بتجربة النرويج في هذا الصدد، من بينها ما أشار إليه مركز القاهرة خلال الندوة حول ضرورة إيجاد سبل لمناقشة آليات لحماية الإبداع الفني داخل مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، و دعوة الدول لفتح حوار حول إيجاد آلية شاملة لحماية الإبداع و الفنانين متضمنةً تعريف حقوقهم وحمايتها.
Share this Post