يتابع ائتلاف المنصة (المكون من 16 منظمة ليبية) بقلق بالغ الأحداث المصاحبة لعودة أهالي تاورغاء لمدينتهم بعد تهجيرهم قسريًا منها منذ أغسطس 2011. ويؤكد الائتلاف أن استمرار منع أهالي تاورغاء من الوصول لمدينتهم يشكل انتهاك جسيم للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، ونتيجة مترتبة على سطوة المليشيات المسلحة والمجموعات العسكرية وشبه العسكرية خارج سيطرة السلطات، فيما يمثل نموذج جديد للإفلات من العقاب في ليبيا.
تأتي عودة أهالي تاورغاء تنفيذًا لبيان[1]المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الصادر في 26 ديسمبر2017، الذي أقر بأن المدينة مفتوحة لعودة الأهالي بداية من1 فبراير 2018، بناء على الاتفاق الموقع بين لجنتي مصراته وتاورغاء برعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا منذ عامين ونصف عام. وكانت حكومة الوفاق قد أصدرت قرارها رقم 423 لسنة 2017 بتشكيل لجنة لتنفيذ الاتفاق، وأعلنت عن إرسال ممثلي بعض الوزارات الخدمية لمدينة تاورغاء، وأنها بصدد تنفيذ الإجراءات اللازمة تمهيدًا لعودة الأهالي، إلا أن رابطة أسر الشهداء والمفقودين ومجلس الأعيان والمجلس العسكري في مدينة مصراتة عارضوا إعلان العودة عشية يوم 31 يناير 2018 على اعتبار أن الإعلان مخل بتنفيذ كافة بنود الاتفاق، وفقًا للترتيب الوارد به، وخاصة ما يتعلق بالعدالة والمصالحة، وتسليم المطلوبين للعدالة.
وبحسب مصادر عدة، شرعت مجموعات مسلحة من مدينة مصراته- يتبع بعضها قوة البنيان المرصوص [2]وقوة حماية وتأمين مدينة سرت- بالإضافة إلى مجموعة مسلحة أخرى- تتبع محمد بعيو الملقب بـ ( شيريخان)- مطلع فبراير الجاري، في غلق المنافذ المؤدية لمدينة تاورغاء، ومنعت الأهالي من العبور لكافة المداخل الشرقية والجنوبية والغربية للمدينة، ولا يزال أهالي تاورغاء مرابطون على مشارف المدينة في العراء يتطلعون للعودة لمدينتهم.
وفي تطور خطير للأحداث، مساء الأحد 4 فبراير، اقتحمت مجموعة مسلحة على متن سيارتين تجمعات أهالي تاورغاء على مشارف المدينة، وقصفتهم عشوائيًا وهربت، وتكرر الأمر من مجموعات مسلحة أخرى على متن خمس سيارات دفع رباعي محملة بأسلحة بعضها ثقيلة، لاذت بالفرار جميعها بعد الاستيلاء على عدد من خيام الأهالي ومقتنياتها، وتركهم في العراء بمنطقة “قرارة القطف” على بعد كيلومترات من المدخل الجنوبي للمدينة، على الحدود الإدارية مع مدينة بني وليد. كما استولى المسلحون على سيارة إسعاف تابعة لمستشفى بني وليد العام.
وفي هذا السياق يؤكد ائتلاف المنصة أنه وفقًا لتوصيات المقررة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان للنازحين خلال زيارتها لليبيا، تلتزم الحكومة الليبية بتطوير خارطة طريق شاملة تتماشى مع المبادئ التوجيهية المتعلقة بالنزوح الداخلي، من أجل تحديد الأدوار والمسئوليات بين الوزارات وغيرها من الهيئات المعنية، لضمان مساءلة جميع الجهات الفاعلة”.وإذ يدين الائتلاف هذه الانتهاكات الجسيمة، يؤكد على مسئولية المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني عن جميعها، وينبه إلى أن الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض له المشردين داخليًا في ليبيا من كافة المدن، سواء في تاورغاء أو بنغازي[3] أو غيرهما، تعد خرقًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، بالإضافة لمخالفتها للمبادئ التوجيهية بشأن المشردين داخليا“[4]حيث تقع على عاتق السلطات المحلية في المقام الأول وفي نطاق ولايتها مسئولية الحماية والمساعدة الإنسانية للمشردين داخليا.”
[1]– فيديو لبيان رئيس المجلس الرئاسي يعلن الأول من فبراير2018 موعدًا لبدء عودة أهالي تاورغاء لمدينتهم
[2]– تشكل قوات مصراتة أكبر عنصر في قوات البنيان المرصوص، و هو التحالف الذي تم تشكيله في صيف 2016 لمحاربة تنظيم داعش في سرت. وأعلنت طردها لداعش من مدينة سرت في ديسمبر 2016. وتضم قوات البنيان المرصوص أيضا الكتيبة 604، المكونة من أعضاء من التيار السلفي المدخلي المسلح من جميع أنحاء غرب ليبيا، بما في ذلك سرت. وقد زادت نفوذ التيار السلفي المدخلي في مصراتة وضواحيها خلال العام الماضي.
[3]– تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش بشأن عائلات بنغازي النازحة والممنوعة من العودة، الصادر في فبراير 2018.
[4]تقرير ممثل الأمين العام السيد فرانسيس م. دينغ، المقدم عملا بقرار اللجنة 1997/39 . إضافة للمبادئ التوجيهية بشأن التشريد الداخلي.
Share this Post