أشارت 21 منظمّة حقوقية في بيان لها في 24 يونية الجاري أنّ المضايقات والتخويف المستمرين من قوات الأمن المصرية لعائلة مواطن أمريكي يلتمس العدالة والحقيقة والتعويض، تشكّل مصدر قلق بالغ.
فبحسب تصريح قدمه المدافع الحقوقي محمد سلطان إلى محكمة أمريكية، داهمت قوات الأمن المصرية منازل أقاربه المقيمين في مصر مرتين في وقت متأخر من الليل، الأولى في 9 يونية 2020، وبعدها في 15 من الشهر نفسه، حين اعتقلت خمسة من أنسباءه الذكور تتراوح أعمارهم بين 20 و24 عامًا، وأخفتهم قسريًا ليومين، قبل التحقيق معهم واحتجازهم.
نُفذت المداهمات على ما يبدو للانتقام من سلطان بعد رفعه دعوى قضائية أمام محكمة أمريكية مطلع هذا الشهر، بموجب قانون حماية ضحايا التعذيب، ضدّ رئيس الوزراء المصري السابق حازم الببلاوي على خلفية مزاعم تعذيب وانتهاكات حقوقية أخرى تعرض لها سلطان وقت احتجازه في مصر قبل أعوام.
يقول نيل هيكس، نائب مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان لشئون المناصرة والحماية الدولية: “على مصر أن تُطلق فورًا سراح أقرباء سلطان وتتوقف عن مضايقة أسرته وترهيبها، إذ يبدو أنّ هذه الأعمال الانتقامية ترمي إلى عرقلة العدالة وإسكات النشطاء المصريين، حتى ولو غادروا مصر”. وفي هذا الصدد شددت المنظمات بدورها على ضرورة إطلاق سراح أقرباء سلطان فورًا وإنهاء الأعمال الانتقامية المنهجية ضدّ نشطاء حقوقيين وأقربائهم.
وفق محامين، مَثَل أنسباء سلطان المعتقلين أمام نيابة أمن الدولة العليا، المختصة بالتحقيق في تهديدات الأمن القومي، في القاهرة، في 17 يونية الجاري، حيث استجوبت النيابة الأقرباء الخمسة حول تهم بـ”نشر أخبار كاذبة” والانضمام إلى “منظمة إرهابية” غير مسمّاة، وأمروا باحتجازهم لمدة 15 يومًا على ذمة التحقيق.
في 9 يونية، وقعت المداهمات الأولى بعد الساعة الواحدة صباحًا بقليل، إذ اقتحم حوالي 20 عنصرًا مسلحًا من الشرطة، بملابس مدنية ورسمية، شقق أفراد العائلة في مبنى بمدينة بركة السبع في محافظة المنوفية. ووفق شهادة خطية مصدّقة قدّمها سلطان لمحكمة أمريكية في 16 يونية الجاري، فتّشت عناصر الشرطة الشقق، وفحصوا هواتف أفراد العائلة وحواسيبهم الشخصية وأجهزة أخرى، وسألوهم عن سلطان. ثم غادروا دون اعتقال أحد أو مصادرة أية أجهزة شخصية.
ذكرت الشهادة أيضًا، أنّه وفي قرابة الساعة الواحدة صباح يوم 15 يونية، داهمت قوات الأمن منزل عمّ سلطان في الإسكندرية. وبعد تفتيش الشقّة، اعتقلوا نسيبين من أنسبائه الذكور، حمزة سلطان (20 عامًا) وعصمت سلطان (23 عامًا). ولم يُبرّر أحدًا سبب الاعتقال، أو يُطلع الأسرة على مذكرة توقيف، كما لم يكن معلومًا مكان اقتياد الشابين.
قرابة الوقت نفسه في 15 يونية أيضًا، اقتحم أكثر من 15 عنصرًا من قوات الأمن الشقق نفسها لأفراد عائلة سلطان التي سبق وداهموها في 9 يونية بمحافظة المنوفية، ولكن هذه المرة اعتقلوا ثلاثة من أنسباء سلطان الآخرين هم، محمود سلطان (21 عامًا)، أحمد سلطان (23 عامًا) ومصطفى سلطان (24 عامًا). بعدما صادر رجال الشرطة أيضا هواتفهم وحواسيبهم الشخصية، وبالمثل لم يتم تقديم أية مذكرات توقيف، ولم يفصح أحدًا عن مكان اقتيادهم.
يقول سلطان أنّه يعتقد أنّ هذه الاعتقالات تمّت بغية “إرغامه على إسقاط الدعوى” ضدّ الببلاوي. ويضيف أنّ عناصر من الشرطة زاروا في 15 يونية والده صلاح سلطان في سجن وادي النطرون حيث يقضي حكمًا بالسجن المؤبد، واستجوبوه حول أفراد عدّة من عائلة سلطان. وفي صباح اليوم التالي، نقلت السلطات الوالد إلى مكان لم تُفصح عنه.
كانت السلطات المصرية قد اعتقلت صلاح سلطان في 2013 وحاكمته في قضايا عديدة متعلّقة بأنشطة سياسية معارضة تتعلق بإطاحة الجيش المصري بالرئيس السابق محمد مرسي في يوليو2013.
في 1 يونية الجاري، رفع سلطان دعوى قضائية أمام المحكمة المحلية في واشنطن العاصمة، بموجب قانون حماية ضحايا التعذيب، وهو قانون فيدرالي يسمح برفع قضايا تعذيب والقتل خارج نطاق القانون يرتكبها مسئولون في بلدان أجنبية. لذا تعتقد المنظمات الموقعة أنّ أفعال قوات الأمن المصرية ضدّ عائلة سلطان تبدو كمحاولة لمنعه من التماس العدالة، والحقيقة، والتعويض في الولايات المتحدة. وفي دعواه، زعم سلطان أنّ الببلاوي كان من المسئولين عن محاولة إعدامه خارج نطاق القانون وتعذيبه خلال فترة احتجازه في القاهرة بين 2013 و2015.
جدير بالذكر أن الببلاوي يقيم حاليًا في الولايات المتحدة ويشغل منصب مدير تنفيذي لمصر وبلدان عربية عديدة في “صندوق النقد الدولي”.
تسمي الدعوى أيضا عددًا من المتهمين الذين لم تُرفع دعاوى بحقّهم، بمَن فيهم الرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي ووزير الدفاع وقت تفريق المتظاهرين في ميدان رابعة واعتقالهم؛ ووزير الداخلية السابق محمد ابراهيم؛ ومساعد وزير الداخلية السابق ونائب مدير “قطاع الأمن الوطني” اللواء محمود السيد شعراوي.
أن قضية سلطان، تأتي في سياق عام يتزايد فيه استهداف الحكومة المصرية للنشطاء الحقوقيين في مصر، وسط اعتقالات، وحظر سفر، وتجميد الأصول، ناهيك عن تخويف، ومضايقة، واعتقال أقرباء النشطاء المصريين الموجودين في الخارج.
المنظمات الموقّعة:
- الأورو- متوسطية للحقوق
- الجبهة المصرية لحقوق الإنسان
- منظمة العفو الدولية
- الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان
- المنبر المصري لحقوق الإنسان
- ريبريف
- فرونت لاين ديفيندر
- فريدوم هاوس
- “كوميتي فور جستس”
- مبادرة الحرية
- مركز الحقوق الدستورية
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- مركز ضحايا التعذيب
- مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط
- منظمة المجتمع المنفتح
- منظمة حقوق الإنسان أولا
- مؤسسة جايمس فول”
- هيومن رايتس فاونديشن
- هيومن رايتس ووتش
- الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، في إطار عمل “مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان”
- المنظمة الدولية لمناهضة التعذيب، في إطار عمل “مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان”
الصورة:
Share this Post