يرحّب مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بالقرار رقم A/ES-10/L.22، الصّادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 21 ديسمبر الجاري، بشأن الوضع القانوني في القدس، والذّي صدر في أعقاب الجلسة الاستثنائية الطارئة العاشرة المخصّصة لمناقشة “الأعمال الإسرائيلية غير القانونية في القدس الشرقية المحتلة وباقي الأرض الفلسطينية المحتلة،” تحت بند “متحدون من أجل السلام،” ولكنه يأسف لعدم تضمين القرار أية توصيات أو آليات فعالة تضمن تطبيقه على أرض الواقع.
القرار الذي جاء تعبيرًا عن الإجماع الدولي بشأن القدس بتصويت إيجابي من قبل 125 دولة، وامتناع 35 أخرى، وتصويت سلبي لـ 9 أعضاء، أعاد التأكيد على قرارات مجلس الأمن السابقة ذات الصلة. إذ طالب القرار بأن “تمتثل جميع الدول لقرارات مجلس الأمن وألا تعترف بأي إجراءات أو تدابير تتعارض وأحكام قراراته.”
جاء اجتماع الجمعية العامة في هذه الجلسة الاستثنائية الخاصة ردّا على قرار الولايات المتحدة الأمريكية الأخير بالاعتراف بالقدس -التي ضمتها إسرائيل بشكل غير شرعي- عاصمة لإسرائيل، في خرق واضح لبنود ميثاق الأمم المتحدة ومخالفة صارخة للقرارات الأممية السابقة ذات الصّلة. ورغم أن مجلس الأمن هو الهيئة الأممية المسئولة عن حماية السلم والأمن الدوليين من العدوان، فقد فشل في إصدار نص القرار ذاته، قبل ثلاث أيام من اجتماع الجمعية العامة، وذلك بعد أن استخدمت الولايات المتحدة حق النقض الذي تمنحه لها عضويتها الدائمة في مجلس الأمن. ويأتي هذا الفشل كجزء من سلسلة الإخفاقات الأخيرة للمجلس في ضمان حماية فعليّة للسّلم والأمن في منطقة الشرق الأوسط بسبب الاستخدام المفرط والتعسفي لحق النقض من قبل الأعضاء الدائمين فيه، بما في ذلك حالات أخرى كسوريا واليمن.
ومن الجدير بالذكر أن بند “متحدون من أجل السلام” والذي يستند إلى قرار الجمعية العامة 377 لعام 1950 يمكّنها من اتخاذ الخطوات اللازمة في حالة فشل مجلس الأمن في ذلك، من خلال الدعوة لجلسات استثنائية طارئة للتباحث و”إصدار أية توصيات تراها ضرورية للدول الأعضاء من أجل اتخاذ إجراءات جماعية.” وفي هذا السياق يأسف مركز القاهرة لأن القرار لم يتضمن أية توصيات يمكن أن تضع حدًا للانتهاكات أو تحمي الوضعية القانونية في القدس من سياسات الضم والتوسع الإسرائيلية على أرض الواقع. كما يأسف المركز لعدم إشارة القرار للوضعية الإنسانية والحقوقية المتردية في القدس بما في ذلك عمليات التهجير القسري وسياسات العقاب الجماعي التي يعاني منها الفلسطينيون في القدس، إضافة للإستخدام المفرط للقوة في قمع الاحتجاجات المشروعة ضد القرار الأمريكي الأخير.
يؤكد مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان أنه لا بديل عن عملية سياسية حقيقية لتحقيق سلام عادل ودائم للصّراع الفلسطيني الإسرائيلي، إلا أنه ينوّه إلى أن وضعية القدس القانونية وكذلك باقي الأرض الفلسطينية المحتلة ليست موضوعًا للتفاوض، بل هي مسألة تطبيق للقانون لا غير، بشكل يجبر السلطة المحتلة على الانسحاب، وتمكين الشعب الفلسطيني صاحب الحق الأصلي بالسيادة من تقرير مصيره بشكل حر.
ختاما، يدعو المركز الجمعية العامة إلى البقاء مجتمعة بخصوص هذا الموضوع وأن تتخذ التدابير اللازمة من أجل إجراءات فعلية تضمن تطبيق القرارات الأممية السابقة ذات الصلة، وذلك لإنهاء الاحتلال العسكري طويل الأمد في الأرض الفلسطينية. وفي هذا الصّدد يدعو المركز الجمعية العامة بأن:
- توصي مجلس الأمن بوضع مرجعيات واضحة للتفاوض مبنية على أسس القانون الدولي ، والتي تسمح بعودة الأطراف لعملية تفاوضية جدية وفق إطار زمني محدد.
- أن تحيل وضعية الاحتلال طويل الأمد لمحكمة العدل الدولية لتحديد مدى مسئولية الدّول غير الأطراف في النزاع للحد من الانتهاكات القائمة.
- دعوة جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لممارسة الضغط اللازم فرديا وإقليميا ودوليا لوقف السياسات غير القانونية التي تمارسها إسرائيل، بصفتها القوة القائمة بالاحتلال في القدس، بما في ذلك إزالة جميع العوائق لوصول الفلسطينيين إليها من الحواجز العسكرية وجدار العزل، وإيقاف البناء في المستوطنات والسماح للفلسطينيين في القدس القيام بعملهم وضمان تمثيلهم السياسي الطبيعي في مؤسساتهم الوطنية.
Share this Post