في مداخلة شفهية قدمها مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان خلال الجلسة الخاصة لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، المنعقدة في 21 أكتوبر الجاري حول الوضع في حلب، دعا المركز الدول الأعضاء بالأمم المتحدة لضمان اتخاذ إجراءات فورية لحماية المدنيين المتضررين في المناطق التي تشهد أعمال قتالية.
تأتي هذه الجلسة العاجلة- الجلسة الخاصة الــ25للمجلس- استجابة لدعوة ممثلي المملكة المتحدة و34 دولة أخرى، في 17 أكتوبر الجاري، لبحث تفاقم الأزمة الإنسانية في حلب، وذلك بالتزامن مع تحذيرات المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة بأن: “حلب المدينة القديمة، ذات الجمال والحضارة الممتدة لآلاف السنين، تحولت اليوم لساحة ذبح.”
يقبع ما يقارب من 250 ألف مدني- بينهم 100 ألف طفل- من سكان حلب تحت الحصار، في ظروف بالغة الخطورة، وحاجة ماسة للمساعدات الإنسانية العاجلة.
كان النظام السورى وحلفائه قد كثفوا هجماتهم على مدينة حلب، بعد فشل اتفاق وقف إطلاق النار الميرم فى 10 سبتمبر الماضي، كما حالت القوات التابعة للنظام دون وصول الإمدادات الإنسانية للمدنيين، واستمرت في القصف العشوائي لمواقعهم، فضلا عن الاستهداف المتعمد للمستشفيات والطواقم الطبية والمدارس، وتدمير البنية التحتية الخاصة بالمدينة. وخلال الأيام القليلة الماضية سقط مئات الضحايا من المدنيين – من بينهم أطفال- بين قتيل وجريح.
من جانبه يدعم مركز القاهرة قرار المجلس في 21 أكتوبر الجاري، و الذى يدعوا إليى الوقف الفوري للهجمات العنيفة المرتكبة من جميع أطراف النزاع، بما في ذلك وقف جميع عمليات القصف، و تحليق الطيران العسكري في سماء المدينة، وإزالة كافة معوقات وصول المساعدات الإنسانية لكافة أنحاء حلب، بشكل فوري وآمن.
يحمل هذا القرار تأكيدًا على ضرورة مثول مرتكبي الجرائم الدولية الخطيرة المرتكبة في سوريا للمساءلة، ويشير للدور المهم المفترض أن تقوم به المحكمة الجنائية الدولية بهذا الصدد. كما يفوض القرار لجنة التحقيق الأممية المستقلة بشأن سوريا، في إجراء تحقيق شامل ومستقل ومتخصص حول الأوضاع في حلب، وتحديد الأطراف المشتبه في ارتكابها للانتهاكات المزعومة والتعديات على القانون الدولي لحقوق الإنسان على أن تقدم اللجنة تقريرها واستنتاجاتها للمجلس بدورته الاعتيادية القادمة، المقرر انعقادها في مارس 2017.
منذ أن اندلع الصراع في سوريا، لم ينجح المجتمع الدولي في تحقيق المساءلة عن الجرائم المرتكبة من قبل جميع الأطراف، وفي هذا الصدد دعا مركز القاهرة فى مداخلته أمام المجلس أعضاء مجلس حقوق الإنسان لدعم موقف المفوض السامي، فيما يتعلق بالدعوة لتعديل ممارسات مجلس الأمن، لضمان التصدي لحالة الجمود القائمة بخصوص المساءلة عن الجرائم الدولية المرتكبة في سوريا، وذلك من خلال اعتماد معايير تبيح تقييد استخدام الدول الأعضاء لحق النقض حين يتعلق الأمر بمخاوف جدية بشان ارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية أو إبادة الجماعية.
أكثر من 300 ألف مدني لاحقوا حتفهم –حتى الآن- في سوريا، فضلا عن مئات الآلاف من الجرحى والمنكوبين، وآلاف المحاصرين والعالقين في اثني عشر موقع- بينهم حلب- في ظروف بالغة الخطورة، ومعاناة مستمرة، في ظل صراع ممتد لخمس أعوام. فحمص، وداريا، واليرموك وحلب، ما هي إلا أمثلة مكررة لمناطق عديدة يدفع فيها المدنيون ثمن الحرب، ويذبحون لأجل أهداف سياسية
خمسة جلسات خاصة لمجلس حقوق الإنسان حول سوريا، وعشرات القرارات الأممية، لم تثنى المجتمع الدولي عن تخاذله المستمر في حماية المدنيين السوريين، والوصول لحل سياسي دائم للصراع، ووقف سياسة الإفلات من العقاب المستمرة لخمس سنوات.
فلكم تحدثت الحكومات –ومؤخرا في الجلسة الخاصة- عن ضرورة المساءلة، ولكن الشعب السوري ليس بحاجة لدعواتها الخطابية، إذ يلتمس خطوات عملية، نابعة من إرادة دولية جادة، تضمن الحماية الفعالة للمدنيين، ووقف الجرائم البشعة المتواصلة في سوريا.
Share this Post