يعرب مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان عن قلقه البالغ إزاء تصاعد حدة المواجهات الدامية التي تشهدها الساحة العراقية وما يقترن بها من لجوء قوات التحالف التي تحتل العراق، وبخاصة القوات الأمريكية إلى استخدام المدفعية الثقيلة والدبابات والطيران في قصف مواقع آهلة بالسكان، وتعقب بعض عناصر الميليشيات العراقية المسلحة داخل المنازل والمساجد، وما يرتبه تصاعد تلك العمليات من تداعيات، تصبح بموجبها الفوضى والدمار والانفلات الأمني وإزهاق أرواح الأبرياء عنوانا للحياة في العراق بعد عام من الاحتلال وسقوط نظام الطاغية الدموي صدام حسين.
ويؤكد مركز القاهرة في هذا الإطار على إدانته الشديدة لأعمال القصف الوحشي الذي تشهده على وجه الخصوص مدينة الفلوجة، والتي يخضع الآلاف من سكانها لحصار محكم ومتواصل منذ عدة أيام، وما تشكله هذه العمليات من جرائم حرب وانتهاك صارخ لأحكام القانون الدولي الإنساني، لا يمكن تبريرها بجرائم السحل البربرية والتمثيل بالجثث التي نفذتها بعض الجماعات العراقية في الفالوجة بحق مدنيين أمريكيين.
ويدعو مركز القاهرة في هذا السياق المجتمع الدولي لتحمل مسئولياته تجاه إنقاذ الشعب العراقي، ووضع حد لمعاناته الهائلة، وتمكين الأمم المتحدة من الاضطلاع بمسئولياتها داخل العراق، واتخاذ على نحو فوري وعاجل التدابير والإجراءات الضرورية المناسبة من أجل إعادة الاعتبار للقانون الدولي الإنساني، ووضع حد لجرائم الإرهاب، وكذلك لجرائم الحرب المرتكبة من قبل قوات الاحتلال في العراق، ورفع الحصار عن سكان الفلوجة، وتأمين وصول الإمدادات الغذائية والطبية والإغاثة الإنسانية لكافة المناطق العراقية المتضررة من جراء المواجهات العسكرية الدامية. وكذلك تأمين إجراءات نقل السلطة للعراقيين، وضمان التزام قوات التحالف بإنهاء الاحتلال في يونيو القادم، الأمر الذي من شأنه أن يساعد على وضع حد لمعاناة وآلام الشعب العراقي بعد ثلاثة عقود من الطغيان وعام من الاحتلال. كما يدعو المركز بصفة خاصة دول الاتحاد الأوروبي لتحمل مسئولياتها في هذا الإطار.
ويشدد مركز القاهرة على أن قوات الاحتلال ملزمة بموجب القانون الدولي بتوفير الحماية والمساعدة الضرورية للشعب الذي احتلت أراضيه، وهى ملزمة كذلك بالحفاظ على النظام العام وتقديم المواد الغذائية والرعاية الطبية والإغاثة الإنسانية وتأمين حياة آمنة للمدنيين، بما في ذلك وضع حد للعمليات الإرهابية ضد المدنيين العراقيين، وحماية كوادر الدولة العراقية ومنشآتها الحيوية وبنيتها التحتية التي تستهدفها أغلبية هذه العمليات.
وأخيرا فإن مركز القاهرة يدرك المخاطر المترتبة على تورط بعض الجماعات داخل العراق في ارتكاب أعمال إرهابية أفضت إلى سقوط المئات من الضحايا وإلحاق أضرارا فادحة بالمنشآت المدنية وترويع هائل للسكان، بل وربما أضرت بشكل مباشر بالحق المشروع للشعب العراقي في مقاومة الاحتلال بموجب القانون الدولي؛ لكن مركز القاهرة يرفض كلية التذرع بتلك الأعمال الإرهابية لإضفاء نوع من المشروعية على ما ترتكبه قوات التحالف، وبخاصة القوات الأمريكية من جرائم حرب. كما يرفض المركز أيضا التذرع بتلك الأعمال الإرهابية لإطالة أمد الاحتلال.
Share this Post