خلال عقد التسعينيات برزت المنطقة العربية، ومن ضمنها سوريا، كاستثناء من الموجة العامة للتحول الديمقراطي التي سرت في العالم منذ نهاية عقد الثمانينيات، وكانت التحولات الخاصة بالأوضاع السياسية والحقوقية الداخلية في بلدان المنطقة سلبية في عمومها.
خلال العقود الأربعة الماضية كبرت سوريا كموقع إقليمي وكدور سياسي خارجي، لكن بالنهج الذي سارت عليه الأمور، كنا في المحصلة أمام خسارة حقيقية مبرمجة لإنسان هذا البلد ولمؤسسات المجتمع كافة.
هذا النهج بدأ مع إعلان حالة الطوارئ والأحكام العرفية منذ عام 1963، وترسيخ التضييق على الأحزاب السياسية في ميثاق “الجبهة الوطنية التقدمية” واحتكار العمل السياسي من حزب البعث، الحزب القائد للدولة والمجتمع كما جاء في الدستور الدائم لعام 1973، وتبعية سائر أحزاب الجبهة له وإلغاء المفهوم الديمقراطي للعمل السياسي، ومن ثم تنامت تحت وطأة القوانين التسلطية المتتابعة فئات اجتماعية مستفيدة مباشرة منها، ومراكز قوى متعددة لها مصالح حقيقية في بقاء التسلط واستمراره، وطال التهميش كل قطاعات المجتمع التي ارتدت إلى مستوى المتطلبات الدنيا، بعد أن كان “الشأن العام” خبزها وملحها.
Share this Post