في خطوة تصعيدية جديدة، صادرت قوات الأمن المصرية العدد 72 من مطبوعة “وصلة” والتي تُصدرها الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، والقبض على عامل المطبعة التي تُطبع بها المطبوعة، كما ووجهت إليه اتهامات بإحراز مطبوعات تحرض على قلب نظام الحكم، وتروج لجماعة إرهابية!، وأمرت نيابة أوسيم اليوم بحبسه 4 أيام على ذمة التحقيق.
إن المنظمات المصرية الموقعة أدناه تعرب عن استنكارها البالغ للهجمة المتزايدة النطاق والمستمرة على مؤسسات حقوق الإنسان والمجتمع المدني العاملة في مصر، والمحاولات الأمنية المستميتة الهادفة إلى إسكات جميع الأصوات المستقلة بالبلاد. وتؤكد المنظمات على أن إقدام السلطات على مثل هذه الخطوة يعد استمرارًا لسياسات تقييد وقمع المنظمات الحقوقية، وانتقامًا من الدور الذي تقوم به في كشف انتهاكات حقوق الإنسان، خصوصًا وأن ما حدث للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان يأتي بعد أقل من شهر من جريمة اقتحام مقر المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالإسكندرية؛ وهو ما يوضح أن هناك نية واضحة لتصفية المجتمع المدني وملاحقة المنظمات الحقوقية.
كانت أجهزة الأمن قد اقتحمت مساء أمس الأول المطبعة التي تقوم بطباعة مطبوعة وصلة، والتي تصدر عن الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان بصفة غير دورية، وصادرت نحو 1000 نسخة من الجريدة وقوالب الطباعة، واعتقلت عامل المطبعة دون إبداء أسباب القبض عليه بشكل رسمي، وحين توجه محامي الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان إلى قسم شرطة أوسيم التابع له المطبعة، رفض ضباط الشرطة اطلاعه على المحضر أو تفاصيل الواقعة أو أسباب مصادرة المطبوعة، وشنوا هجومًا لفظيًا بالجملة على منظمات حقوق الإنسان. وقد قامت نيابة أوسيم أمس بالتحقيق مع عامل المطبعة ووجهت له اتهامات مذهلة تهدف أساسًا إلى تلويث السمعة والإضرار بصورة المنظمات الحقوقية، وهي اتهامات بطبع وإحراز مجلة تحرض على قلب نظام الحكم، كما تم اتهام عامل المطبعة بالانضمام إلى جماعة إرهابية، فضلًا عن اتهامه بإدارة وطبع جريدة دون إخطار. كما وجهت النيابة لصاحب المطبعة تهمة قيامه بتوزيع الجريدة، وقررت النيابة ظهر اليوم بحبسه لمدة أربع أيام على زمة التحقيق، بالرغم من تقدم الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان بطلب رسمي بإخلاء مسئولية المطبعة عن إصدار مطبوعة وصلة، باعتبارها أحد مطبوعات الشبكة ونرى أن مثل هذا القرار الهدف منه توجيه رسالة تهديد لكافة الأطراف التي تتعامل مع منظمات حقوق الإنسان من مطابع وغيرها.
أحد أهداف هذه الحملات المتوالية هو التغطية على فشل السلطات في وضع حلول سياسية قائمة على احترام سيادة القانون في مواجهة الأزمات العميقة التي تواجه البلاد. وتحذر المنظمات من أن استمرار السلطات الأمنية في إساءة استخدام القانون من أجل تقييد الحريات المدنية والسياسية، لن يساعد سوى على تفاقم الأزمة. فتلك السياسات الأمنية المتعجرفة –التي حاول الرئيس السابق د. محمد مرسي اتِّباعها ضد الأصوات المستقلة والمعارضة– هي ما قضت –في المقام الأول– على مشروعه السياسي، وهي ذاتها، التي قضت على المشروع السياسي لسابقيه.
إن ما قامت به أجهزة الأمن أول أمس يتعارض كليًا مع دستور 2014 المعدل، والذي نص في مادته (71) على عدم جواز مصادرة أي مطبوعة أو فرض رقابة عليها إلا في زمن الحرب أو التعبئة العامة، كما يتعارض مع نص المادة 75 والتي نصت على حرية العمل الأهلي، كما يتعارض بشكل صارخ مع المعايير الدولية للحق في تكوين الجمعيات التي تضمن حق الجمعيات في التعبير عن رأيها في قضايا الشأن العام.
إن المنظمات الموقعة على هذا البيان تستهجن بأشد العبارات، نوعية الاتهامات الملفقة، والتي تهدف أساسًا للإيقاع بمنظمة حقوقية وهي الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان التي تصدر عنها مطبوعة “وصلة”، إن توجيه مثل تلك الاتهامات، هو بمثابة عودة لما هو أكثر قمعًا من فترة الرئيس الأسبق حسني مبارك، كما يوضح طبيعة الاتهامات التي قد لمنظمات حقوق الإنسان في الفترة المقبلة.
تأتي تلك الواقعة في سياق حملة إعلامية –منظمة ومتواصلة– تديرها أجهزة الأمن لتشويه منظمات حقوق الإنسان والنيل من مكانتها الأدبية باتهامات وادعاءات تبث عبر وسائل إعلام بعضها “مملوك للدولة”. وبالتوازي مع إعلان وزارة التضامن الاجتماعي عن مقترحاتها لمشروع قانون الجمعيات الأهلية الجديد والذي يضع قيودًا أشد تعسفًا وقمعًا من تلك المنصوص عليها في القانون 84 لسنة 2002 (الذي أصدره حسني مبارك)، بل وأشد من القيود التعسفية التي وردت في مشروع قانون الرئيس السابق محمد مرسي الذي قدمه في مايو 2013 قبل شهر من الإطاحة به. حيث يمنح للجهات الأمنية الحق في التحكم بنشاط الجمعيات الأهلية، ويستبعد مجال حقوق الإنسان من ضمن مجالات عمل الجمعيات الأهلية.
إن تكرار الهجوم على منظمات حقوق الإنسان ومحاولة قمع عملها بإجراءات أمنية قمعية يؤكد تواصل سياسات العداء لتلك المنظمات بين كل العهود السابقة والحالية، وإنه لمن من المؤسف أن يبدأ الرئيس الجديد عهده بمصادرة مطبوعة تصدر عن منظمة حقوقية بالطريق الإداري، بالمخالفة للدستور، وهذا مؤشر خطير ليس تجاه منظمات حقوق الإنسان فحسب، بل على حرية التعبير عن الرأي بشكل عام، وحرية إصدار المطبوعات بشكل خاص.
المنظمات الموقعة:
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- الائتلاف المصري لحقوق الطفل
- الجماعة الوطنية لحقوق الإنسان والقانون
- الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان
- المبادرة المصرية للحقوق الشخصية
- المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية
- مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف
- مركز قضايا المرأة المصرية
- مركز هشام مبارك للقانون
- مؤسسة المرأة الجديدة
- المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة
- مؤسسة حرية الفكر والتعبير
- نظرة للدراسات النسوية
- مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب
- الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية
Share this Post