الصحافة “المستقلة” بين المهنية والتوظيف الأمني
يلاحظ بعض المحللين تحولات مثيرة في بعض الصحف “المستقلة”، بين هذه التحولات كيفية تعامل بعض الصحف “المستقلة” مع التحقيقات والتقارير الأمنية باعتبارها حقيقة مطلقة، وعدم سؤال أي جهة أو شخص ذو صلة بمحتوى تلك التقارير الأمنية، لتدقيقها وعرض وجهات النظر الأخرى ومعلومات الأطراف الغير الأمنية مما يثير تساؤلات حول مدى قدرة بعض الصحف المستقلة علي الحفاظ علي مهنيتها وحياديتها في مواجهة الضغوط الأمنية؟.
فعلي سبيل المثال، تناولت إحدى الصحف المستقلة من خلال سلسلة تحقيقات في أيام 20، 21، 22 يوليو 2009 التحريات الأمنية الخاصة بتنظيم الإخوان المسلمين وآخرين، ولقد نال من خلالها شخص الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح –الأمين العام لاتحاد الأطباء العرب- نصيب من “الاتهامات التي لا تستند إلي أي دليل ولا تقوم علي أي أساس” كما ذكر بيان اتحاد الأطباء العرب الذي نشر في جريدة الدستور يوم السبت 25 يوليو 2009، ويوم الاثنين 27 يوليو 2009، ولم يجر تدقيقها والتيقن من صحتها من أي مصدر آخر.
وقد كتب الدكتور أيمن نور في عموده بجريدة الدستور يوم 26 يوليو 2009 معلقاً: “.. أجهزة الأمن في مصر بدأت مسلكاً خطيراً في الأعوام الأخيرة هو أنها لم يعد يشبعها قدرتها -غير المحدودة- علي اغتيال حرية خصومها، وإيداعهم السجون والمعتقلات فأصبحت تتوحم أكثر علي سمعتهم، وكرامتهم قبل حريتهم.. ..إننا لا نطمع أن تخوض الصحافة “المستقلة” معاركنا أو تدافع عنا -بالحق وغير الحق- لكن طموحنا فيها ألا تكون أداة يخوض بها الأمن معاركه ضدنا مستفيداً من رصيد -قابل للنفاد- من المصداقية!!..”
ولقد تناول فهمي هويدي في مقالة بجريدة الشروق يوم 26 يوليو 2009 معلقاً علي ذات الواقعة: “.. لقد أدركت الأجهزة الأمنية أن الصحف القومية أصبح وجهها مكشوفا عند نشر التسريبات الأمنية. الأمر الذي يقلل من صدقية ما تنشره. لذلك فإنها ركزت على اختراق الصحف “المستقلة”، التي تعطى لقرائها انطباعا بالحياد. وقد نجحت في ذلك، الأمر الذي فتح أفقا جديدا أمام تلك الأجهزة. لكي توسع من نطاق حملاتها الإعلامية. بما يمهد أو يغطى أو يبرر ضرباتها الأمنية..”
وفي نفس الإطار قامت إحدى الصحف المستقلة في عددها يوم 24 يوليو 2009، بإقحام تساؤلات حول موقف منظمات حقوق الإنسان في مصر من مقتل مروة الشربيني أثناء تغطية بيان صادر من 42 منظمة حقوقية مصرية وعربية تضامناً مع الشعب الإيراني.
ولقد كتب طارق الشامي في جريدة الدستور يوم 26 يوليو 2009 معلقاً: “..لا شيء يثير الاستهجان هذه الأيام أكثر من تلك الحملة التحريضية التي شنتها وسائل إعلام وساسة وفقهاء قانون ضد عدد من منظمات حقوق الإنسان لمجرد أنها أصدرت بياناً جماعياً أدانت فيه قمع السلطات الإيرانية للمظاهرات المعارضة للرئيس أحمدي نجاد فيما لم تنتقد نفس هذه المنظمات مقتل مروة الشربيني علي يد متطرف ألماني. المقارنة مغلوطة في حد ذاتها ولا تستهدف سوي اللعب علي مشاعر الناس، بتضليلهم وتحريضهم ضد المنظمات الحقوقية التي يحلو لجهات بعينها إثارة الشكوك واللغط حول مقاصدها وغاياتها، خصوصاً أن تلك المنظمات لم تتوقف عن كشف انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، رغم تراجع الدعم والتأييد الغربي لها خلال الأشهر الماضية…”
جدير بالذكر أن إحدى الصحف المستقلة قامت بنشر معلومات مغلوطة وقذف في حق مركز القاهرة على لسان السفير السوداني بمصر، وامتنعت الصحيفة عن نشر الرد الذي أرسله مركز القاهرة.
Share this Post