في 22 يونية 2020، قدمت ثلاث منظمات حقوقية فلسطينية وإقليميّة تقريرًا مشتركًا إلى آلية خبراء الأمم المتحدة المعنية بحقوق الشعوب الأصليّة مجموعة من مفوّضي الإجراءات الخاصّة في الأمم المتحدة، حول السياسة الإسرائيلية المتواصلة منذ عقود والخاصة باحتجاز رفات وجثامين الضحايا الفلسطينيين. قُدم التقرير نيابة عن مركز القدس لحقوق الإنسان ومنظمة الحق ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ردًّا على نداء كانت آلية الخبراء قد وجّهته للتعليق على تقريرها المرتقب صدوره حول إعادة الجثامين والأغراض الرمزية، بناءً على الإعلان العالمي لحقوق الشعوب الأصلية، والذي من المتوقّع أن تُقدم نسخته النهائية لمجلس حقوق الإنسان في جلسته الـ 45 المقررة في سبتمبر 2020.
المنظمات الثلاث طالبت آليةَ الخبراء بالتطرق في تقريرها إلى سياسة الاحتلال غير القانونية، والتوصية بإعادة جثامين الفلسطينيين المحتجزة وإنهاء هذه السياسة، ورفع كافّة القيود المفروضة على مراسم تشييع الضحايا والتي تنتهك حقوقهم الأساسية المكفولة في القانون الدولي.
يستند تقرير المنظمات المشترك إلى مسار مركز القدس المستمر منذ 12 عامًا في تمثيل عائلات الضحايا المحتجزة جثامينهم أو المفقودة أو المختفية قسرًا أمام المحاكم الإسرائيلية، داعمًا جهود المناصرة الدولية التي يبذلها مركز القدس ومنظمة الحق ومركز القاهرة لتسليط الضوء على العقوبات الجماعية غير الشرعية التي تمارسها سلطات الاحتلال، والمطالبة بالمحاسبة والعدالة الدولية على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
هذه الجهود المتضافرة تأتي في ظلّ مصادقة الجهاز القضائي الإسرائيلي على سياسة احتجاز جثامين الضحايا الفلسطينيين، مما يؤكّد على ضرورة تفعيل آليات المحاسبة الدولية.
يتألّف التقرير المقدم إلى آلية الخبراء من قسمين، يستعرضُ الأول الخلفيةَ التاريخية لسياسة احتجاز الجثامين والمراحل المختلفة التي مرّت بها خلال خمسة عقودٍ من الاحتلال العسكري الإسرائيلي، متلمسًا تطور هذه الممارسة من تطبيق متفاوتٍ وغير ثابت إلى تجميدٍ مؤقّت وصولًا إلى تجديد تصعيدها والمحاولات الحالية لوضع سند قانوني لها وتسويغها من خلال تشريعاتٍ إسرائيليّة وأحكامٍ قضائيّة.
أما الجزء الثاني فيضم جدول زمني مفصَّل يستعرض أهم التطورات القانونية والقضائية في هذا الصدد، بما في ذلك الإطارَ القانوني المستخدم لترسيخ هذه السياسة وكيفية تعامل الجهاز القضائي الإسرائيلي مع الالتماسات الفلسطينية المقدمة ضد ممارسات احتجاز الجثامين وفرض القيود على مراسم التشييع.
ترى المنظمات أن ممارسات احتجاز الجثامين سواء في الثلاجات أو في مقابر الأرقام، وفرضَ الشروط والتضييق على جنازات الشهداء ومراسم تشييعهم تنتهك المادة 12(2) من الإعلان العالمي لحقوق الشعوب الأصلية، كما تتناقض وقواعدَ التعامل مع جثامين قتلى الحروب التي ينص عليها القانون الدولي الإنساني العرفي. فضلاً عن انتهاك تلك الممارسة لعدة حقوقٍ يحميها قانون حقوق الإنسان الدولي مثل الحق في الكرامة والحق في الحياة الأسرية والحرية الدينية والثقافية وحظر كافّة أشكال المعاملة أو العقوبة القاسية والمهينة وغير الإنسانية.
كما تمثل سياسة احتجاز جثامين الضحايا وفرض شروط مقيّدة على مراسم التشييع عقوبةً جماعيةً تحظرها المادة 50 من اتّفاقيتي لاهاي والمادة 27 من اتفاقّية جنيف الثالثة والمادة 33 من اتّفاقية جنيف الرابعة للعام 1949، بل قد يصل احتجاز الجثامين ورفض سلطات الاحتلال الإفصاح عن مكانها حد تعريف جريمة الإخفاء القسري الوارد في الاتفاقية العالمية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري.
لقد احتجزت سلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ أكتوبر 2015 جثامين أكثر من 250 فلسطينيًّا قتلوا أو أعدموا ميدانيًّا رميًا برصاص قوات الاحتلال، وما زالت سلطات الاحتلال تحتجز جثامين 62 قتيلاً منذ مايو 2020 بحجّة استخدامها للتفاوض في صفقة تبادل أسرى محتملة. وبالمقابل، ما زالت جثامين حوالي 253 فلسطينًا قابعة في مقابر الأرقام وما تعرف بمقابر قتلى العدو، بعضها هناك منذ عقود.
لقراءة النسخة الكاملة من التقرير باللغة الإنجليزية هنا
Share this Post