تحت عنوان “المرأة والأقباط في النظام الانتخابي الجديد”، نظم مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، في 19 فبراير 2007، ندوة شارك فيها كل من الأستاذ سمير مرقص الكاتب والباحث، والأستاذ مجدي خليل المدير التنفيذي لمنتدى الشرق الأوسط للحريات بواشنطن والأستاذ عادل جندي الكاتب والباحث، والدكتور محمد البلتاجي أمين عام الكتلة البرلمانية لجماعة الأخوان المسلمين، والدكتورة مكارم الديري أستاذة بجامعة الأزهر ومرشحة الإخوان المسلمين في الانتخابات البرلمانية 2005، وقد تولى إدارة الندوة بهي الدين حسن مدير المركز.
في البداية أشار مجدي خليل إلي أن الوقت الحالي يشهد معركة ” تكسير عظام” بين الأخوان والنظام الحاكم علي أرضية الدولة الدينية ، فيما يسعى الأقباط إلي تحقيق شعار مصر للمصريين ومصر أولا.
وأكد أن الأقباط يرفضون تماما استمرار العمل بالمادة الثانية من الدستور، معتبرا أنها فرضت عليهم في الثمانينات، في إطار صراع بين الدولة والكنيسة، مشيرا إلي أهمية السعي لإقامة الدولة المدنية والعدالة السياسية وتحقيق تمثيل برلماني عادل للمرأة والأقباط ، واتهم خليل جماعة الأخوان بتبني أفكار تقوم علي تقسيم الناس بين مؤمن وكافر، وقال إن تقدم مصر لن يتم بمحاكاة دول مثل باكستان أو السودان، وإنما بالتعلم من تجارب دول أخرى كأمريكا وفرنسا، ودعا إلي الأخذ بنظام التمثيل البرلماني النسبي لما يحققه من تسريع لاندماج الأقليات في المجتمع، وتوافق بين فئات المجتمع المختلفة وتعبير عن مصالح الأمة بشكل عام.
فيما تناول الباحث سمير مرقص تاريخ التمثيل البرلماني للأقباط مشيرا إلي أن نسبة هذا التمثيل وصلت إلي 7% في الفترة بين عامي 1924 و1952 وانخفضت في الوقت الحالي إلي أقل من 2% . كما أشار إلى عودة للنظر للأقباط، منذ فترة السبعينات، باعتبارهم ” أهل ذمة ” وتقسيم الجماعة الوطنية علي أساس: مسلم وغير مسلم وذلك في ظل المد الإسلامي الذي شهدته تلك الفترة.
كما أكد على أن رغبة الأقباط في المشاركة العامة اصطدمت مع شعار “الإسلام هو الحل” الذي رفعته جماعة الأخوان المسلمين في السنوات الأخيرة، مطالبا باستعادة ” النموذج المصري ” الذي عاشته البلاد في القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين.
واتهم مرقص التيارات السياسية المختلفة بالسعي إلي تشكيل أكثر من ذاكرة تاريخية للأمة وكل منها مختلفة عن الأخري، وذهب إلي أن الأقباط ليست لديهم مشكلة مع الإسلام الثقافي ولكن مشكلتهم هي مع تيار الإسلام السياسي الذي لم يطرح بعد رؤية واضحة فيما يتعلق بقضية المواطنة، مشيرا إلي أن مصر تواجه مشكلة الصراع السياسي بين الأخوان والنظام السياسي منذ عام 1954 حتى الآن وأن الحركة الوطنية ظلت رهينة لهذا الصراع طوال هذا الوقت.
وقد دعا مرقص إلي الأخذ بنظام انتخابي يضمن وجود تمثيل برلماني عادل للأقباط.
من جانبه أكد الدكتور محمد البلتاجي أمين عام الكتلة البرلمانية لجماعة الأخوان المسلمين على أن المصريين بشكل عام يعانون من الاستبداد والفساد والتبعية الحكومية للمشروع الأمريكي الصهيوني ، ونفي أن تكون مصر قد عاشت طوال الأربعة عشر قرنا الماضية بمثل ما تعانيه الآن من الطائفية والمزايدة السياسية، متفقا مع وجود مشكلات يعاني منها الأقباط فيما يتعلق بالوظائف العامة وبناء دور العبادة وقال إن هذه جميعا وغيرها أمور يمكن مناقشتها علي أرضية المواطنة.
أكد البلتاجي تمسك الأخوان باستمرار العمل بالمادة الثانية من الدستور متسائلا عن المظالم التي يمكن أن تكون هذه المادة قد حققتها ضد الأقباط ومشيرا إلي أن الإسلام لا يعترف بالتفويض الإلهي ولا يوجد فيه من يتحدث باسم السماء، وحذر في نفس الوقت من أية دعوة لتبني الأجندة الأمريكية والغربية، مشيرا إلي أن حملة أقباط المهجر لجمع مليون توقيع لإلغاء المادة الثانية من الدستور يمكن مواجهتها بحملة مضادة لجمع أكثر من 40 مليون توقيع للإبقاء علي هذه المادة.
انتقد البلتاجي العودة للحديث عن نظام المحاصة البرلمانية وإعطاء كوتة للأقباط في الوقت الحالي رغم رفض رموز الأقباط لهذا المطلب منذ عام 1923، كما انتقد الدعوة للأخذ بنظام القائمة النسبية رغم ما يقوم عليه من استبعاد للمستقلين وقال إن 97 % من الشعب المصري ليست لهم علاقة بالأحزاب القائمة منتقدا تجاهل الحديث عن نموذج الدولة الدينية القائم في الفاتيكان وإسرائيل ووجود 46 حزبا دينيا في أوروبا وأمريكا ، وقال البلتاجي إن الحديث عن الاضطهاد يصب في اتجاه الكراهية وليس المودة محذرا من الانسياق وراء من يسعون لاستثمار الطائفية في البلاد وتحقيق المشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة العربية.
ودعت الدكتورة مكارم الديري الأستاذة بجامعة الأزهر ومرشحة جماعة الأخوان في الانتخابات البرلمانية الأخيرة إلي عدم تجاهل التاريخ المشترك للمسلمين والأقباط علي أرض مصر، مشددة علي أهمية التمسك بمطالب جوهرية مثل تعزيز سلطان القضاء واستقلاله وتعزيز حقوق المواطنين ، وقالت الديري إن مصر دولة عربية إسلامية وليست مدنية فقط، محذرة من الترويج للمشروع الشرق أوسطي الذي يقوم علي إضعاف البلاد العربية وتقسيمها إلي دويلات صغيرة وطائفية.
وطالبت الديري بضمان المشاركة الحقيقية للجميع مسلمين وأقباط من غير تفرقة، ومن خلال نصوص قانونية، والتزام مؤسسات الدولة بتعزيز حقوق المواطنة بين الجميع وعلى قدم المساواة.
وأشارت إلى أن الهيئة السياسية للإخوان كان من بينها ثلاثة من الأقباط في عهد مؤسس الجماعة حسن البنا، مطالبة بعدم إدخال الاستثناءات في الدستور حيث لا بد أن يتميز الدستور بالدوام ولا يكون قائمًا على استثناءات للعمال والفلاحين والأقباط والطلاب والمرأة والحاكم وحزبه واستثناءً للإرهاب ، فيصبح الدستور استثناءً ويفقد كونه دائمًا للحالات الطبيعية.
وقال عادل جندي- باحث سياسي مقيم في فرنسا- إن هناك بديهيات لأي دولة متحضرة عصرية تصف نفسها بأنها دولة ديمقراطية وهي: الحرية والعدالة والمساواة. واعتبر أن هذه القيم مثلث متساوي الأضلاع بمعنى أنه لا تقوم حرية أحد علي سلب حريات الآخرين، وتأتي الديمقراطية بعد هذه القيم حيث هي آلية تستند إلى حكم هذه القيم حيث السلطة للشعب الذي يختار ممثليه في إدارة المجال المشترك في انعكاس للخريطة المجتمعية.
واعتبر جندي أن الأغلبية لا يحق لها أن تقرر شيئًا يهدر هذه المبادئ الرئيسية حيث لا يجوز للديمقراطية أن تتعدى على القيم الثابتة، مؤكدا أن نضال المرأة للتحرير هو على مستوى العالم وليس في مصر وكذلك الأقليات الدينية في مواجهة العنصرية إلا أنه اعتبر أن الحجج تقريبًا واحدة على مستوى العالم أيضًا. وقال جندي إن هناك دورًا على المهمشين أنفسهم للمكافحة ضد التمييز، عبر دخولهم في العمل العام وإثبات الذات
Share this Post