قدم مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان أمس الثلاثاء 12 مارس 2013، مداخلة شفهية أمام مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، أعرب فيها عن قلقه حيال تردي أوضاع حقوق الإنسان في مصر منذ بدء فترة رئاسة الدكتور محمد مرسي.
استند المركز في هذه المداخلة على تقييم أعضاء ملتقى منظمات حقوق الإنسان المصرية المستقلة –المكون من 23 منظمة حقوقية مستقلة في مصر– لحالة حقوق الإنسان في مصر خلال الـ8 أشهر الأولى لرئاسة مرسي. وأكد على حدوث ثلاث أزمات رئيسية متعلقة بحقوق الإنسان خلال هذه الفترة: الأولى تنطوي على قرارات أصدرتها السلطات التنفيذية تقوض استقلال القضاء واحترام أحكامه، الثانية تتعلق باستهداف حرية الرأي والتعبير من خلال الهجمات والدعاوى القضائية التي يتعرض لها الصحفيين والإعلاميين، والثالثة هي انتهاك حق التجمع والتظاهر السلمي. وأوضح مركز القاهرة أن هذه الأزمات لا تزال مُعلقة دون حل، على الرغم من أن الملتقى قدم –في فبراير الماضي– مبادرة تحمل اسم “النقاط العشر لوقف جرائم العنف” تهدف إلى وقف الانتهاكات التي تقوم بها حكومة الدكتور مرسي”، كما أكد المركز “أن استمرار فشل الحكومة في تنفيذ إصلاحات جذرية ودائمة لتحسين وضع حقوق الإنسان في مصر لن يؤدي إلا إلى المزيد من الصراع”.
في سياق متصل، قام مركز القاهرة يوم الإثنين الموافق 11 مارس، بتنظيم لقاء على هامش فعاليات الدورة 22 لمجلس حقوق الإنسان المنعقدة حاليًا في جنيف. وضم هذا اللقاء ممثلين عن ملتقى منظمات حقوق الإنسان المصرية المستقلة، من بينهم محمد زارع مدير برنامج مصر – خارطة الطريق بمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ماسة أمير، باحثة بنظرة للدراسات النسوية، ونهاد عبود من مؤسسة حرية الفكر والتعبير. أدار اللقاء زياد عبد التواب، نائب مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان.
افتتح عبد التواب اللقاء بالتأكيد على ضرورة اتخاذ اجراءات عاجلة من قِبل المجتمع الدولي لحماية المجتمع المدني المستقل في مصر، مشيرًا إلى محاولات الحكومة الأخيرة لفرض قيود غير مسبوقة على أنشطة المنظمات غير الحكومية وعلى حصولها على التمويل، مما يهدد وجود مجتمع مدني مستقل في مصر.
قامت نهاد عبود بعرض الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيين والمصورين الصحفيين كمثال على التهديدات التي تواجهها حرية الرأي والتعبير في مصر. كما تحدثت أيضًا عن قضايا “إزدراء الأديان” والتي يتعرض لها الآن من يتجرأ على انتقاد الحزب الحاكم أو جماعة الإخوان المسلمين. وأشارت أيضًا إلى قضية “ألبير صابر” الشاب القبطي الذي وجهت إليه تهمة إزدراء الأديان لنشره فيلم “براءة المسلمين” على صفحته الشخصية بموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك. كما أعربت عبود عن قلقها حيال مشروع قانون تنظيم وسائل الإعلام الذي تتم مناقشته حاليًا في مجلس الشورى والذي يسعى إلى تشكيل مجلس وطني لوسائل الإعلام.
أوضحت عبود أن الحكومة تستهدف الحق في حرية التعبير في سياق الحق في التظاهر بشكل خاص. وتحدثت عن مشروع قانون تنظيم التظاهرات، موضحةً ما يتضمنه من قيود على الحق في حرية التجمع، من خلال منح السلطات صلاحيات واسعة لحظر التظاهر وتقييد المظاهرات. وأردفت أن مشروع القانون لا يضع قيودًا على استخدام القوة من قبل أفراد الشرطة ردًا على الاحتجاجات، وهي إشكالية بالغة في حالة مصر، حيث تم قتل 40 متظاهرًا و ضابطي شرطة بسبب الاستخدام المفرط للقوة من قبل قوات الشرطة في بورسعيد في يناير 2013. اختتمت نهاد حديثها بأن ما يثير القلق هو تضمن الدستور الجديد لمواد من شأنها تقييد الحق في التجمع لأول مرة في مصر.
استكمل محمد زارع النقاش حول مشروعي قانون الجمعيات الذان تتم مناقشتهما حاليًا. وأوضح أنه في حالة تمرير أحد هذين المشروعين، سيتم تقويض استقلالية المجتمع المدني في مصر، وذلك لأن هذين القانونين يسمحان للحكومة بالإشراف على أنشطة المجتمع المدني عن طريق تأميم تمويلها. كما يفرض كلا القانونين مزيدًا من القيود على المنظمات الدولية التي ترغب في العمل في مصر.
استهلت ماسة أمير حديثها بتذكير الحضور بالانتهاكات التي تتعرض لها المدافعات عن حقوق الإنسان في مصر، موضحة أن كشوف العذرية والأنماط الأخرى من الانتهاكات التي قام بها المجلس الأعلى للقوات المسلحة لا تزال مستمرة من قبل حزب الحرية والعدالة، حيث قامت نظرة للدراسات النسوية برصد العديد من حالات الاغتصاب والعنف الجنسي –لاسيما ضد المتظاهرات– منذ يونيو 2012. وأكدت على أن مرتكبي هذه الانتهاكات لازالوا مفلتين من العقاب، في حين يتم إقصاء المرأة من المشاركة في الأنشطة السياسية والإجتماعية، حيث لم تتخذ الحكومة أية خطوات لفتح تحقيقات أو لمقاضاة المسئولين عن هذه الانتهاكات؛ بل على العكس قام أعضاء مجلس الشورى بتوجيه اللوم إلى المتظاهرات أنفسهن على الاعتداء الذي تعرضن له.
في ختام اللقاء تم توجيه الدعوة للمجتمع الدولي لإعادة تقييم سياساته تجاه مصر، لتجنب تكرار أخطاء الماضي، بما في ذلك دعم النظم الديكتاتورية، التي ترتكب انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان.
Share this Post