بحثت أمس لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب في اجتماع تشاوري الإطار القانوني لعمل الجمعيات الأهلية في ضوء مجموعة من المقترحات والقوانين المقدمة لتنظيم العمل الأهلي، سواء المقدمة من وزارة الشئون الاجتماعية أو من 39 منظمة حقوقية بعضها ممثل في النقاش . الاجتماع الذي جاء بناء على دعوة من رئيس اللجنة ضم عدد من ممثلي الأطراف المعنية بالقانون وبتنظيم العمل الأهلي بشكل عام، حضر الاجتماع كل من وزيرة التعاون الدولي فايزة أبو النجا، ورئيس الوزراء الأسبق عبد العزيز حجازي رئيس الاتحاد العام للجمعيات الأهلية حاليًا وكذا المستشار محمد الدمرداش ممثلاً عن وزارة الشئون الاجتماعية و هيثم البقلي مستشار وزير العدل كما ضم الاجتماع عدد من نشطاء الحركة الحقوقية وقيادات العمل الأهلي في مصر مثل بهي الدين حسن مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، مجدي عبد الحميد رئيس الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، احمد سميح المدير التنفيذي لمركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف، حسام بهجت مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، منى ذو الفقار عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، منى عزت مسئول حملة حرية التنظيم بمؤسسة المرأة الجديدة، نهاد أبو القمصان مديرة المركز المصري لحقوق المرأة، عزة سليمان مديرة مركز قضايا المرأة المصرية، حجاج نايل مدير البرنامج العربي لنشطاء حقوق الإنسان، وإيهاب سلام مدير المشروعات بالمجموعة المتحدة،محامون ومستشارون قانونيون.
في البداية أكدت الوزيرة فايزة أبو النجا على إيمانها بدور المجتمع المدني معللة إحالة عدد من المنظمات الأهلية للمحاكمة برفض تلك المنظمات العمل تحت مظلة القانون فأغلبها منظمات أجنبية تعمل في مصر دون ترخيص وهو ما علق عليه الحضور بالرفض واعتبروه تطرقًا لما هو خارج السياق إذ أن الاجتماع يستهدف بحث مشكلات القانون تجنبًا لمثل هذه المداهمات في المستقبل، مصرين على نعتها بالمداهمات المفتقرة للسند القانون بل نعتها بهي الدين حسن بجريمة وانتهاك للقانون والهجمة البربرية باستخدام قوات الصاعقة والجيش على منظمات حقوقية، وارتكاب عدة مخالفات قانونية أقلها مصادرة الملفات والأجهزة دون إثبات هذا في محضر موثق بما يفتح المجال للعبث بهذه الأوراق.
الوزيرة أيضًا تطرقت في كلمتها إلى التمويل الأجنبي مستشهدةً بمعلومات قالت أنها ضمن التشريع في الولايات المتحدة، مؤكدةً أن الحكومة الأمريكية تتدخل في عمليات التمويل للمنظمات غير الحكومية وتراقبها من خلال النائب العام وتمنعها وتصادرها أحيانًا، وهو ما أثار استياء الحضور، حيث نفى حسام بهجت تلك المعلومات ووصفها بالمغلوطة مؤكدًا أن القانون الذي استعرضته الوزيرة هو قانون يتعلق بتمويل الحملات الانتخابية في الولايات المتحدة وليس للقانون أي صلة بتمويل الجمعيات الأهلية والذي لا يخضع لتدخل الحكومة، معتبرًا أن استشهاد الوزيرة بهذا القانون هو بمثابة تعمد لتضليل اللجنة. وفى هذا الصدد أكد بهي الدين حسن أن ثمة خلط لدى الوزيرة بين التمويل السياسي وتمويل العمل الأهلي، فالأول مرفوض تمامًا إذ أنه يستهدف دعم المرشحين والأحزاب في أنشطة حزبية تستهدف الوصول للسلطة، مؤكدًا أن التمويل السياسي من الأطراف الأجنبية محظور في أي دولة في العالم ولابد أن يخضع للرقابة، أما تمويل العمل الأهلي فلا علاقة له بذلك، فالعمل الأهلي هو عمل تنموي وليس سياسي. ونوه بهي للقانون التونسي للجمعيات الأهلية والصادر بعد الثورة، والذي تبنى المعايير الدولية لحرية تنظيم المجتمع المدني، بما في ذلك حق المنظمات الأهلية في توفير الموارد المالية لنشاطها دون رقابة مسبقة على نشاطها، على أن تقوم هذه المنظمات بالإعلان بشفافية عن مصادر هذه الموارد والتعاقدات التي تبرمها في هذا السياق.
وفى هذا الصدد أكد أحمد سميح أن رفض الحكومة للتمويل الأجنبي للمنظمات يُلزمها بتوفير تمويل بديل للعمل الأهلي، إذ لا تستقيم الدول الديمقراطية دون دور للمجتمع المدني، وهو ما لا تقوى عليه الدولة المصرية، مطالبًا الحكومة بإعادة نظام الوقف وغيره من مصادر تمويل الجمعيات الأهلية.
من جانبه نفى عبد العزيز حجازي ما تردد حول أن القانون المقترح من وزارة الشئون الاجتماعية هو نفسه القانون الذي سبق وقدمه في عهد مبارك، رافضًا أن ينعت مقترحه بقانون حجازي مؤكدًا أن وزارة “مصيلحي” قد أدخلت تعديلات جذرية على هذا المقترح، وهو ما أكده هيثم البقلي مستشار وزير العدل مشيرًا إلى أن التعديلات أدخلتها بعض الوزارات والمخابرات العامة.
في ختام الجلسة التي استهدفت مناقشة قانون العمل الأهلي في مصر أكد ممثل وزارة الشئون الاجتماعية على أن مقترح الوزارة لا يُعد مقترح قانون بالمعنى الحقيقة، فهو مجرد مدخل لإدارة نقاش حول شكل القانون الذي يحقق التوافق بين جميع الأطراف، وهو ما رفضه كل ممثلي الجمعيات في الاجتماع مؤكدين أن هذا المقترح لا يسعى لأي توافق، وإنما لقمع العمل الأهلي والحقوقي في مصر، معتبرين أن أية قانون مقترح لتحرير العمل الأهلي لابد أن يقوم على فكرة “الإخطار” وليس الرقابة المسبقة، ويكون الاحتكام في حالات المخالفة للقضاء ولكن لا يحق للحكومة حل الجمعية أو التدخل في نشاطها.
في هذا السياق عرضت مجموعة من المنظمات مقترحها بشأن قانون لتحرير العمل الأهلي، ذلك المقترح الموقع من 39 جمعية ومنظمة حقوقية وتنموية، كما استعرض مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان رؤية تحليلية للقانون المقترح مفندًا أبرز عيوبه ونواقصه، كما قدم المركز ورقة بأهم الخطوط العريضة و المطالب الرئيسية لأي قانون ينظم عمل الجمعيات الأهلية، وقد أعلن النائب زياد العليمي دعمه لمشروع القانون المقدم من المنظمات الحقوقية وقدمه باسمه لرئيس لجنة حقوق الإنسان. ومن جانبه أوضح النائب عمرو حمزاوى الذي شارك في الاجتماع انه قدم المشروع المقترح من الجمعيات الحقوقية إلى اللجنة التشريعية للبرلمان.
من جانبه أبدى رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب محمد أنور عصمت السادات تفهمًا كبيرًا لأهمية دور المجتمع المدني في المرحلة الراهنة، رافضًا قمع العمل الأهلي بالقوانين والإجراءات التعسفية، معتبرًا أن هذه الجلسة التشاورية هي بداية لسلسلة من الحوارات والنقاشات التي تستهدف الوصول إلى قانون يحرر العمل الأهلي ويسمح للمجتمع المدني بالقيام بدوره في المرحلة الدقيقة الراهنة.
Share this Post