حظى صالون ابن رشد الثقافى الذي أقامه مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان لمناقشة وثيقة الأزهر بحضور مكثف وجدل مثمر- استمر قرابة أربعة ساعات- حول الوثيقة ، وماهيتها من حيث كونها داعمة للدولة المدنية أو تمثل دعوة لإقامة الدولة الدينية فى مصر؟ وتباينت آراء المشاركين والمعلقين حول ماهية هذه الوثيقة و مدى أهميتها ، طبيعة الدور الذى ينوط بالأزهر أن يقدمه فى هذه المرحلة الشديدة الأهمية .
ذلك الدور الذى أوضحه محمود عزب مستشار شيخ الأزهر فى مستهل حديثه مشيراً إلي ضرورة عدم التعامل مع الأزهر باعتباره مؤسسة دينية فقط، بل باعتباره مدرسة علمية تدرس كل العلوم لا الدينية فقط . مميزاً بين الدور الوطنى للأزهر والدور السياسي ، على اعتبار أن هذه الوثيقة هى انعكاس طبيعى لحرص الأزهر على مستقبل الأمة فى لحظة فارقة ومهمة . الأمر الذى دلل عليه سمير مرقس رئيس مجلس أمناء مؤسسة “المصري” للمواطنة والحوار ، قائلاً ” يجب أن نميز بين الدور الوطني و الموقف السياسي للأزهر مضيفاً ” كلنا مع الدور الوطني للأزهر و لكن فى الموقف السياسي قد نختلف ” . وعن هذا الموقف أكد عزب أن الأزهر لا يتطلع بهذه الوثيقة إلى جر الدولة للدين، كما إنه على الجانب الأخر لا يعمل على فصل الدين عن الدولة “
كان غياب مصطلح المدنية عن التعريف الذى قدمته وثيقة الأزهر للدولة الحديثة محل انتقاد الكثيرين وعلى رأسهم عبد المعطى حجازي رئيس بيت الشعر المصري ، الذى رأى أن غياب هذا التوصيف الذى يعد أبرز شعارات ثورة 25 يناير يمثل قصوراً حقيقاً فى تعريف الدولة الحديثة ، قائلاً ” لولا أن الوثيقة أسقطت كلمة مدنية واستبدلتها بمرجعية إسلامية لكانت حظت بترحيب الكثيرين. وهو ما برره محمود عزب مستشار شيخ الازهر قائلاً ” تعريف دولة مدنية وفقاً لوثيقة الأزهر يعني دولة ديمقراطية، وطنية، وحديثة ، مضيفاً أن الأزهر لا يرفض وصف الدولة بـ” المدنية ” و إنما يرفض غموض المصطلح و صعوبة شرحه “.
وأضاف حجازي إن الحديث عن دولة مدنية لا يعني بالضرورة كونها دولة معادية للدين، فالدين هو المكون الأساسي لحضارة المصريين، بل إن المصريين أهدوا الدين للبشرية كلها . ” متسائلاً حول كيفية قيام دولة مدنية بمرجعية إسلامية ، و عن مبدأ المواطنة الذى يبنى على أساس مصالح مشتركة بين المواطنين دون أى مساس بحق الدين .
فى سياق متصل أشار سمير مرقص إنه علمياً لا يوجد دولة مدنية، إنما يوجد فقط دولة حديثة ذات مقومات مدنية ” وهو ما اتفق عليه حازم حسني الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية . مضيفاً أن الوثيقة إنما تعبر عن أزمة حقيقية يعيشها المثقفون فى مصر، متخوفاً أن تؤسس الوثيقة لدولة دينية لا نريدها .
اهتم سمير مرقس أحد واضعي الوثيقة بالتأكيد على فكرة قابلية الوثيقة للتعديل قائلاً ” الوثيقة ليست نصاً مقدساً، ولا نهائياً. و هو قابل للتعديل والتغيير ” وهو ما دلل عليه محمد كمال الدين إمام أستاذ القانون بجامعة الأزهر ومستشار شيخ الأزهر موضحاً أن الأزهر لم يستأثر بإنشاء هذه الوثيقة ، وإنما هي خلاصة نقاش ديمقراطي جمع بين أزهريين ومثقفين من مختلف التيارات الفكرية والسياسية والدينية لمدة خمسة أسابيع متصلة .
Share this Post