يرحب مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بخطة العمل التي أعلنها الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، الأسبوع الماضي لمنع التطرف العنيف. ويرحب مركز القاهرة بصفة خاصة بإقرار الأمين العام للأمم المتحدة بأنه على مدى العقد الماضي كان هناك تركيز قوي على البعد الأمني لمكافحة الإرهاب، جاء على حساب الركائز الأساسية الأخرى لمكافحة الإرهاب، مثل احترام حقوق الإنسان والتمسك بسيادة القانون.
لأكثر من عقد من الزمان، أكد الخبراء والمنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان، ومن بينها مركز القاهرة،[1] أن احترام حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب ينطوي على ما هو أكثر من مجرد القيمة الأدبية، وأن انتهاكات حقوق الإنسان تسهم إسهامًا لا يستهان به في عملية التطرف وصولًا إلى التطرف العنيف. وكما بيَّن الأمين العام للأمم المتحدة، فإن “المتطرفين الذين يمارسون العنف يسعون أيضًا لتوظيف قمع أجهزة الدولة، وغيره من المظالم، في معركتهم ضد الدولة. وهكذا، فإن الحكومات التي تنحصر استجاباتها في التدابير الأمنية القمعية والإجراءات الباطشة بحقوق الإنسان وسيادة القانون … تؤدي إلى توليد متطرفين أكثر عنفًا”.
تشكل خطة عمل الأمم المتحدة دعوة غير مباشرة لبعض الحكومات العربية والأطراف الدولية الداعمة لها لمراجعة استراتيجياتها لمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، التي أثبتت على مدار العقد الماضي فشلها في احترام حقوق الإنسان، وكذلك في منع انتشار الإرهاب. وتماشيًا مع خطة العمل، يؤكد مركز القاهرة مجددًا أن الدول ملزمة بموجب القانون الدولي بتأسيس كافة تشريعاتها وسياساتها واستراتيجياتها الرامية إلى منع التطرف العنيف على احترام حقوق الإنسان والتمسك بسيادة القانون.
تقضي إحدى التوصيات الرئيسية للأمين العام للأمم المتحدة بإنشاء آليات وطنية لرصد و تقييم الاستراتيجيات الوطنية المتعلقة بمنع التطرف العنيف؛ ولذلك، يدعو مركز القاهرة الحكومات العربية إلى إنشاء الآلية المذكورة بمشاركة المنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان.
علاوةً على ذلك، فإن تحويل خطة العمل إلى إجراءات ملموسة يستلزم إنشاء آليات دولية في إطار الأمم المتحدة؛ لضمان توافق الاستراتيجيات الوطنية الرامية إلى منع التطرف العنيف مع المعايير الدولية والتزامات حقوق الإنسان. تلك الآليات هي الضمانة الوحيدة لتنفيذ استراتيجية عالمية وشاملة للتصدي –على نحو كاف– للتهديد المتزايد الذي يمثله التطرف العنيف بكافة أشكاله.
انطلاقًا من هذه القناعة، قام مركز القاهرة باقتراح آليات للأمم المتحدة، جرى عرضها في حلقة عمل للخبراء بعنوان “حقوق الإنسان والتصدي للتطرف العنيف”،[2] عُقدت في نيويورك بالتعاون مع منظمة “حقوق الإنسان أولًا” على هامش مؤتمر قمة الزعماء للتصدي لتنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” (داعش) والتطرف العنيف في سبتمبر 2015.
[1] مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، “26 منظمة حقوقية عربية في خطاب لقمة الملوك والرؤساء العرب: “داعش” الابن الشرعي للسياسات والممارسات القمعية والخطاب الديني السائد في العالم العربي”، https://cihrs.org/?p=14732
[2] تصدر نتائج ورشة العمل وورقة تُفصِّل الآليات المقترحة في كتاب عن مركز القاهرة باللغة الإنجليزية في فبراير ٢٠١٦
Share this Post