في إطار مسلسل التنكيل بالنشطاء السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان في سوريا تستأنف اليوم محاكمة الكاتب الصحفي ميشيل كيلو العضو البارز بلجان إحياء المجمع المدني بسوريا وعضو لجنة تنسيق إعلان دمشق الذي أطلقته العديد من الفعاليات المدنية والسياسية من أجل الدفع باتجاه الإصلاح والديمقراطية في سوريا.
الجدير بالذكر أن ميشيل كيلو ظل رهن الاعتقال بسجن عدرا منذ أوائل مايو 2006 بعد أن ألقى القبض عليه مع العديد من النشطاء الحقوقيين والسياسيين، في مقدمتهم أنو البني ومحمود عيسى. وقد طالتهم هذه الإجراءات على خلفية مشاركتهم في التوقيع على عريضة تطالب السلطات السورية بالعمل على إعادة بناء العلاقات السورية –اللبنانية على أسس مختلفة، وهى العريضة التي وقعتها أكثر من 250 مثقف سوري. ومن ثم فإن إجراءات الاعتقال والإحالة إلى المحاكمة تمثل في حد ذاتها نوع من العقاب والتنكيل بالنشطاء السوريين الذين تجاسروا على الإعلان عن آرائهم السياسية في شأن الملف السوري/ اللبناني الذي كان من المتعذر على اللبنانيين أنفسهم –حتى وقت قريب- الخوض فيه تحت وطأة الضغوط الرهيبة الناجمة عن الوجود العسكري السوري في لبنان.
والاتهامات التي يحاكم بشأنها ميشيل كيلو وزملائه تستند إلى أحكام قانون العقوبات الذي يحفل بالنصوص غير المنضبطة التي تتيح للسلطات السورية توظيفها دوما بحق المعارضين وبحق أي مواطن تسول له نفسه أن يعبر بصورة علنية عن آرائه السياسية أو انتقاداته لنظام الحكم وممارساته.
وفي هذا الإطار فإن ميشيل كيلو محاصر بعدد من الاتهامات الهزلية التي تشمل العمل على “إضعاف الشعور القومي” و”النيل من هيبة الدولة” و”إثارة النعرات الطائفية والمذهبية”، ويواجه محمود عيسى تهمة إضافية وهى “القيام بأعمال لم تجزها الحكومة من شأنها تعريض سوريا لخطر أعمال عدائية”.
ويلفت النظر أن ميشيل كيلو الذي يمثل مع زملائه أمام محكمة الجنايات الثانية يواجه في الوقت ذاته قرارا بإحالته للمثول أمام القضاء العسكري بموجب المادة 150 من القانون الجنائي العسكري التي تقضي بعقوبة السجن المؤقت لمدد قد تصل إلى خمس سنوات لكل من ينشر مقالا سياسيا أو خطبة سياسية بقصد الدعاية أو الترويج لحزب أو جمعية أو هيئة سياسية محظورة. وقد جاءت هذه الخطوة بالإحالة للقضاء العسكري بزعم أن ميشيل كيلو وآخرين، حاولوا الترويج للعريضة المذكورة والمعروفة باسم إعلان دمشق/ بيروت داخل محابسهم وسعوا لإقناع سجناء آخرين بالانضمام لذلك الإعلان!!.
إن الاتهامات التي يواجهها كيلو ورفاقه تكاد تكون نسخة طبق الأصل من الاتهامات ذاتها التي شاع توجيهها للعشرات من النشطاء السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان في سوريا عبر مسلسل المحاكمات الجائرة التي تتواصل في سوريا خلال العام الأخير، تعبيرا عن صلابة الموقف السوري وتشدده ليس تجاه الذين يحتلون جزءا من الأراضي السورية، بل في مواجهة مواطنيه الذين ينشدون الحرية لشعبهم.
إن مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان إذ يطالب السلطات السورية بالإفراج الفوري غير المشروط عن ميشيل كيلو وأنور البني وإسقاط كافة التهم الموجهة ضدهما وبقية زملائهما، فإنه يشدد على ضرورة وضع حد نهائي للمحاكمات الجائرة وإطلاق سراح كافة سجناء الرأي والنشطاء السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، وفي مقدمتهم كمال اللبواني مؤسس التجمع الليبرالي الديمقراطي في سوريا، والناشط الحقوقي نزار رسنتاوي، والكاتب المعروف عارف دليلة عميد كلية الاقتصاد الأسبق، وتجميد العمل بتلك النصوص العقابية التي تجاوزها العصر، والتي يشكل استمرار العمل بها وصمة عار للنظام السوري وتجعل سجل حقوق الإنسان في سوريا أكثر سوادا.
Share this Post