تعرب المنظمات الموقعة أدناه عن تشككها في وجود إرادة سياسية لوقف التدهور المستمر في سجل حقوق الإنسان في مصر، رغم إبداء مصر قبولها 224 توصية والموافقة الجزئية على عدد 23 فيما رفضت 53 وذلك من إجمالي 300 توصية وُجهت لها من 121 دولة، لتحسين حالة حقوق الإنسان، أثناء الجلسة الأولى للاستعراض الدوري الشامل لملفها الحقوقي أمام الأمم المتحدة في نوفمبر ٢٠١٤. وتؤكد المنظمات الموقعة أن إعلان الحكومة المصرية قبول بعض التوصيات والتحفظ على بعضها صباح اليوم 20 مارس في الجلسة الثانية للاستعراض، يبقى بلا معنى أو قيمة إذا لم يتحول لممارسة فعلية على أرض الواقع تبرهن على وجود إرادة سياسية لحماية حقوق الإنسان والمدافعين عنها.
كانت الدول الأعضاء بالأمم المتحدة قد وجهت للحكومة المصرية٣١٩ توصية وهو عدد غاية في الضخامة وغير مسبوق، يمثل –تقريبًا– ضعف التوصيات التي استقبلتها حكومة مبارك في 2010.
ركّزت التوصيات في جلسة نوفمبر على مجموعة من الحقوق التي كانت عرضة لانتهاكات منهجية خلال السنوات الأربع الماضية، وعلى رأسها الحق في التظاهر والتجمع السلمي والحق في تكوين الجمعيات. حيث تلقت مصر 38 توصية في هذا الصدد (مقابل 4 توصيات فقط في الاستعراض الدوري الشامل الأول لمصر في 2010)، تنوعت بين المطالبة باحترام الحق في التظاهر والتجمع السلمي بشكل عام، وبين توفير البيئة المناسبة التي تحمي المدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية، والإفراج عن المحتجزين على خلفية قضايا تتعلق بممارسة حقوقهم، إلا أن نسبة ليست بقليلة من التوصيات طالبت بوضوح بإعادة النظر في قانون التظاهر 107 لسنة 2013 وقانون الجمعيات الأهلية 84 لسنة 2002 ليتوافقا مع المعايير الدولية.
في هذا السياق تستعرض المنظمات الموقعة تطورات حالة حقوق الإنسان في مصر على صعيد تلك الحقوق خلال الفترة من نوفمبر 2014 –موعد الجلسة الأولى– وحتى مارس 2015.
على مستوى الممارسة العملية، شهدت تلك الحقوق في الأشهر القليلة الماضية انتهاكات واضحة تتنافى مع ما أبدته مصر من ترحيب وتفهم لتلك التوصيات الدولية. ففي 30 نوفمبر الماضي، بعد أيام من جلسة الاستعراض، اندلعت تظاهرات في ميدان عبد المنعم رياض بوسط القاهرة اعتراضًا على حكم المحكمة الذي فُسّر على أنه يبرّأ مبارك من قتل وإصابة المتظاهرين في 2011. وتعاملت الشرطة مع تلك التظاهرات بالعنف المعتاد نفسه، فسقط قتيلان وأصيب 9 متظاهرين بحسب وزارة الصحة، كما ألقت قوات الأمن القبض على مائة متظاهر.
وخلال شهري نوفمبر وديسمبر 2014، وثقت منظمات حقوقية القبض على 39 طالب وطالبة على خلفية تظاهرات أو أنشطة جامعية، بعضهم تم القبض عليه من منزله.
وفي 24 يناير وبينما قرر50 عضو بحزب التحالف الشعبي الاشتراكي تنظيم مسيرة سلمية بالزهور واللافتات أحياءً لذكرى الخامس والعشرون من يناير 2011، هاجمت قوات الأمن المسيرة وتعمدت فضها بالقوة المفرطة، الأمر الذي أسفر عن مقتل المدافعة عن حقوق الإنسان شيماء الصباغ عضو الحزب، ووجهت اتهامات للمشاركين في المسيرة –بل والشهود على الواقعة– بالمشاركة في تظاهرة أخلت بالأمن العام.
ووجه النائب العام مؤخرًا تهمة ضرب أفضى إلى موت إلى أحد الضباط المشاركين في فض المظاهرة، وهو ما تعتبره المنظمات خطأً في تطبيق القانون هدفه حماية الضابط المتهم.
في 8 فبراير 2015 فشلت قوات الأمن في تأمين دخول بضعة آلاف من جمهور نادي الزمالك لمشاهدة مباراة لفريقهم في الدوري المصري، ونتيجة التعامل العنيف لقوات الشرطة مع جمهور المتفرجين بالغاز والخرطوش، سقط أكثر من 22 قتيل، بينهم فتاة تبلغ من العمر 14 عامًا.
أما على صعيد الحق في تكوين الجمعيات والمدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان، استمرت مضايقات الحكومة لهم بأشكال مختلفة، فالتهديد بإغلاق تلك المنظمات أو تعريض أفرادها للخطر لا يزال مستمرًا، الأمر الذي دفع عددًا من المنظمات إلى نقل جزء من أنشطتها خارج البلاد، كما دفع بمنظمات أخرى إلى تقليص أنشطتها وخفض عمالتها.
كان أربعة من العاملين بالمعهد المصري الديمقراطي ((EDA بينهم مدافعة عن حقوق الإنسان قد فوجئوا بعد شهر من جلسة الاستعراض الدوري الشامل في نوفمبر، بقرارات منعهم من السفر على خلفية قضية التمويل الأجنبي في 2011. كما وُجهت لهم ادعاءات “بالتحايل على قانون الجمعيات وتأسيس شركة تمارس أغراض الجمعيات” فيما صدر في فبراير 2015 حكمًا تعسفيًا ضد الناشط أحمد دومة بالإضافة إلى 228 بينهم ٨ مدافعات بالسجن المؤبد وغرامة 17 مليون جنيهًا مصريًا على خلفية تظاهرهم في ديسمبر 2011.
وفي سياق متصل، قضت محكمة الاستئناف في ديسمبر 2014 بالحبس لمدة عامين بحق المدافعتين عن حقوق الإنسان يارا سلام وسناء سيف و٢٢ آخرين، على خلفية اتهامهن بالمشاركة في مظاهرة سلمية بمحيط قصر الاتحادية الرئاسي في يونيو 2013، للتنديد بحبس نشطاء آخرين بسبب قانون التظاهر القمعي.
كانت مصر قد تلقت أيضًا في نوفمبر الماضي، 58 توصية تتعلق بحقوق المرأة (مقابل 25 توصية في ٢٠١٠). إذ حثت الدول مصر على تشجيع المشاركة السياسية للمرأة، ومقاومة كافة أشكال التمييز ضدها، ومقاومة العنف الجنسي. الأمر الذي لم يشهد أي تغير ملحوظ على مدى الشهور الماضية، سوى بعض الخطوات الشكلية.
كانت الحكومة المصرية قد أعلنت عن استراتيجية قومية لمكافحة العنف ضد المرأة في أعقاب جلسة الاستعراض الدوري الشامل. ولكن افتقر ذلك الإعلان إلى الشفافية، حيث لم يرد عنه أية تفاصيل، كما لم يتم إدماج أيًا من المنظمات الحقوقية النسوية في إرساء قواعد تلك الاستراتيجية.
على صعيد أخر، ورغم جهود المجموعات النسوية لتعديل المواد 267 و268 و269 لم تنل تلك المواد أي تعديل، ناهيك عن تقاعس الدولة عن معاقبة الجناة في وقائع الاعتداء على النساء. فرغم تعدد حالات التحرش الجماعي والذي وصل إلى الاغتصاب الجماعي في بعض الحالات منذ نوفمبر 2012، لم يتم حتى الآن محاسبة أيًا من مرتكبي تلك الجرائم عدا 7 أفراد في الثامن من يونيو 2014.
تأسف المنظمات الموقعة لاستمرار غياب التشاور الفعال مع المنظمات الحقوقية حول تحسين حالة حقوق الإنسان بما في ذلك غياب التشاور حول توصيات الاستعراض الدوري الشامل، فقد سعت عدد من منظمات ملتقى المنظمات المصرية المستقلة لدعوة الحكومة للحوار حول مجريات الجلسة الأولى من الاستعراض الدوري الشامل ومجمل التوصيات المقدمة لمصر، ولكن تلك الدعوات لم تلق إلا التجاهل التام.
المنظمات الموقعة:
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- المبادرة المصرية للحقوق الشخصية
- نظرة للدراسات النسوية
- مؤسسة حرية الفكر والتعبير
- مؤسسة قضايا المرأة المصرية
- مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف
- المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية
- الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان
- مصريون ضد التمييز الديني
- مركز وسائل الاتصال الملائمة من أجل التنمية
- مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف التعذيب
Share this Post