بمناسبة اليوم العالمي للعمال، نشرت 87 منظمة من منظمات المجتمع المدني والنقابات من جميع أنحاء العالم رسالة مفتوحة إلى مدير عام منظمة العمل الدولية، السيد جاي رايدر، تدعو المنظمة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية حقوق العمال الفلسطينيين، وتأمين سبل العيش والكرامة لهم ولأسرهم أثناء جائحة كوفيد-19 وبعدها.
فخلال هذه الأزمة، فشلت إسرائيل في ضمان السكن اللائق، والغذاء المناسب، والمياه النظيفة والصرف الصحي المناسب، للعمال الفلسطينيين، فضلاً عن التقاعس عن إجراء الفحص الخاص بالوباء لهم، مفضلة التخلص من العمال الفلسطينيين عند نقاط التفتيش فور ظهور أي أعراض اشتباه بالإصابة، دون مراعاة لحقهم في الصحة، ولا تنسيق لضمان تلقيهم العلاج الطبي اللازم حال ثبوت إصابتهم.
نص الرسالة:
1 مايو 2020
من أجل حماية العمال الفلسطينيين أثناء وبعد جائحة كوفيد-19
رسالة مفتوحة مشتركة لمنظمة العمل الدولية
السيد: غاي رايدر
المدير العامّ لمنظمة العمل الدولية
نحن المنضمون لهذه الرسالة، من منظمات ونقابات وأفراد من مختلف أنحاء العالم، نتوجّه لمنظمة العمل الدولية بمناسبة يوم العمال العالمي، ساعين إلى حثّكم، ضمن إطار ولايتكم، على اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية حقوق العمال الفلسطينيين من الرجال والنساء وأسرهم، وحماية سبل عيشهم وكرامتهم، أثناء وبعد جائحة كوفيد-19.
لقد أكد إعلان مئوية منظمة العمل الدولية من أجل مستقبل العمل على الدور الأساسي لمنظمة العمل الدولية، بعد مرور قرن على تأسيسها، في تحقيق “العدالة الاجتماعية والديمقراطية وتعزيز السلام العالمي والدائم.”[i] ونحن إذ نرحّب بالبيان الأخير لمنظمة العمل الدولية الذي يدعو حكومات العالم إلى اتخاذ إجراءات لمنع انتشار وباء كوفيد-19 في مكان العمل والسيطرة عليه، نرحب أيضا ببرنامج العمل اللائق في فلسطين الذي أطلقته منظمة العمل باعتباره يعكس جدية الجهود الرامية لتعزيز فرص العمل والعيش وبلوغ المبادئ والحقوق الأساسية في أماكن العمل للنساء والرجال الفلسطينيين.[ii]
وكما شددت منظمة العمل الدولية، يمكننا “فقط من خلال تنفيذ تدابير السلامة والصحة المهنية حماية حياة العمال وأسرهم والمجتمعات الأوسع، وضمان استمرارية العمل والبقاء الاقتصادي.”[iii]
لقد أدت جائحة كوفيد- 19 في مختلف أنحاء العالم إلى تفاقم وطأة الفقر والتمييز والصراع والاحتلال. أما في فلسطين فقط سلّطت الجائحة الضوء على النظام الإسرائيلي القائم على القمع والهيمنة والتمييز على الأساس العرقي ضدّ الشعب الفلسطيني، ما يصل حد جريمة الفصل العنصري.[iv] وكما أشرتم في أحدث تقاريركم لعام 2019 حول وضع العمال في الأراضي العربية المحتلة، فإن “فرصة الفلسطينيين فرصة لتحسين مصيرهم محدودة جدًا، بسبب الاحتلال الإسرائيلي الخانق المتغلغل في جميع المناحي، والمهيمن على كل جوانب حياة الفلسطينيين. [v]”
لقد واصلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة استهداف سبل عيش الفلسطينيين بشكل عشوائي خلال جائحة كوفيد-19، بما في ذلك الهجمات المتكررة على المزارعين والرعاة والصيادين في قطاع غزة. [vi]
على الجانب الأخر، تضاعفت احتمالية إصابة العمال الفلسطينيين بعدوى كوفيد-19 في ظل إعطاء سلطات الاحتلال الإسرائيلية الأولوية بشكل مستمر للاعتبارات الاقتصادية على حساب حقوق العمال الفلسطينيين المتأصلة وكرامتهم. فمع بداية انتشار الوباء، سمحت سلطات الاحتلال الإسرائيلي لحوالي 60.000 عاملاً فلسطينيًا في إسرائيل بالإقامة مؤقتا في إسرائيل لفترة أقصاها شهرين خلال فترة الطوارئ، مع تكليف أرباب العمل الإسرائيليين بضمان السكن اللائق والصرف الصحي السليم، والغذاء النظيف للعمال.[vii] ومع ذلك، واجه العمال الفلسطينيين ظروفًا سكنية قاسية، وأُجبروا على النوم في مواقع البناء أو في البيوت الزجاجية.[viii] فضلاً عن عمال فلسطينيين تم التخلص منهم عند نقاط التفتيش بمجرد ظهور أية أعراض اشتباه بإصابتهم بالوباء، دون تنسيق مسبق لضمان حصولهم على العلاج. [ix]
كما رفضت إسرائيل إجراء اختبار كوفيد-19 للعمال الفلسطينيين، وبالتالي فشلت في اتخاذ تدابير كافية للحد من انتشار هذا الوباء في الأراضي الفلسطينية، وقوّضت جهود احتواء الوباء المبذولة من قبّل السلطة الفلسطينية إزاء العمال العائدين. فبحسب وزارة الصحة الفلسطينية يشكل العمال وعائلاتهم والأشخاص المتصلين بهم غالبية حالات الإصابة بـفيروس كوفيد-19 في الضفة الغربية.[x]
بينما نحتفل نحن باليوم العالمي للعمال، ونتذكر الإنجازات التي بُذلت في سبيل تعزيز حقوق العمال في جميع أنحاء العالم، تستمر معاناة العمال الفلسطينيين العاملين في إسرائيل والمستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في ظروف عمل صعبة، وأجور متدنية، أقل من تلك التي يتقاضوها العمال الإسرائيليين، بالإضافة إلى الحرمان من الرعاية الصحية وامتيازات أخرى، بين جملة من السياسات والممارسات التمييزية الأخرى للاحتلال الإسرائيلي بحقهم.[xi]
وعلى وجه الخصوص، يُعتبر قطاع البناء في اسرائيل، الذي يعتمد بشكل أساسي على العمال الفلسطينيين على جانبي الخط ّالأخضر، أحد أكثر القطاعات خطورة فيما يخصّ إصابات العمل، لأنه يفتقر إلى الإشراف اللازم من قبل الحكومة الإسرائيلية المسئولة عن ضمان احترام أصحاب العمل لحقوق العمال الفلسطينيينن، [xii]ناهيك عن أنه من القطاعات المستمرة في العمل خلال جائحة كوفيد-19 باعتباره “خدمة أساسية”.
وكما أوضحت منظمة العمل الدولية، لقد كشفت جائحة كوفيد-19 عن هشاشة النظم الاقتصادية في جميع أنحاء العالم، فضلاً عن إمكانية أن يؤد هذا الوباء على المدى الطويل إلى “تعاظم دوائر الفقر وعدم المساواة بشكل كبير.” [xiii]
أن ثمة حاجة ملحّة أكثر من أي وقت مضى لوضع حد لحرمان الفلسطينيين من حقوقهم الفردية والجماعية طويل الأمد، باعتباره سببًا جذريًا في الحيلولة دون تمتع الفلسطينيين بمستوى معيشي لائق، بما في ذلك الحق في العمل.
وتجدر الإشارة إلى أن المقررين الخواص للأمم المتحدة قد تطرقوا إلى التزام إسرائيل القانوني بضمان حصول الفلسطينيين على الخدمات الصحية الأساسية[xiv] معربين عن قلقهم بشأن عرقلة إسرائيل للجهود الرامية إلى السيطرة على آثار فيروس كوفيد-19 وتخفيفها بشكل فعال، داعيين إلى المساواة في الحصول على العلاج والاختبار دون أي تمييز.[xv]
وبناء على ذلك، نناشدكم نحن الموقعون أدناه من منظمات المجتمع المدني والنقابات العمالية والأفراد:
- توجيه رسالة عاجلة لوزير العمل ووزير الصحة في إسرائيل، تدعو سلطات الاحتلال الإسرائيلي بصفة عاجلة إلى منح العمال الفلسطينيين رواتبهم لثلاث أشهر خلال فترة الطوارئ، وفقًا لقانون العمل، بالإضافة إلى اتخاذ ما يلزم من تدابير، بما في ذلك مع أرباب العمل، لضمان التغطية الصحية للعمال الفلسطينيين خلال وبعد جائحة كوفيد-19، بما في ذلك توفير السكن الملائم والغذاء والماء والصرف الصحي للعمال الفلسطينيين المقيمين في اسرائيل، دعمًا لحقوقهم الأساسية، وتخفيفًا لأثار فيروس كوفيد-19 بين العمال وأسرهم عند عودتهم.
- دعوة مؤتمر العمل الدولي- في دورته 109 المرتقبة- إلى تحميل إسرائيل، باعتبارها السلطة القائمة بالاحتلال، المسئولية عن انتهاكات حقوق العمال الفلسطينيين، وضمان تنفيذ -تحت إشراف لجنة الخبراء- التوصيات المذكورة في التقرير حول أوضاع العمال في الأراضي العربية المحتلة، وتطبيق الاتفاقيات التي صادقت عليها إسرائيل في هذا الصدد.
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام،
[i] إعلان منظمة العمل الدولية للذكرى المئوية لمستقبل العمل، الذي اعتمده مؤتمر العمل الدولي في دورته 108 في جنيف في 21 يونية 2019.
[ii] منظمة العمل الدولية، “برنامج العمل اللائق الفلسطيني 2018-2022” أبريل 2018، متاح على:
https://www.ilo.org/global/about- the-ilo/how-the-ilo-works/departments- and-office / program / dwcp / WCMS_629011 / lang – en / index.htm .
[iii] منظمة العمل الدولية، “احموا العمال الآن وبعد تخفيف تدابير الإغلاق” 28 أبريل2020، متاح على: https://www.ilo.org/global/about-the-ilo/newsroom/news/WCMS_742898/ lang – ar / index.htm .
[iv] انظر، على وجه الخصوص، منظّمة الحق، “الفصل العنصري الإسرائيلي يقوض حق الفلسطينيين في الصحة في ظل جائحة كوفيد-19، أبريل 2020، متاح على: http://www.alhaq.org/advocacy/16692.html .
[v] منظمة العمل الدولية، وضع العمال في الأراضي العربية المحتلة، تقرير المدير العام، مؤتمر العمل الدولي، الدورة 108، 2019، ILC.108 / Dg / App ، الفقرة 152، متاح على:
https://www.ilo.org/ilc/ILCSessions/108/reports/reports-to-the-conference/WCMS_705016/lang–en/index.htm .
[vi] منظمة الحق ، “الانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة لحقوق الإنسان في ظل جائحة كوفيد-19 (الفترة المشمولة بالتقرير 8 – 29 مارس 2020)” ، 3 أبريل 2020، متاح على: http://www.alhaq.org/advocacy /16676.html .
[vii] انظر، على سبيل المثال، يارون لي و هاغر شيزاف، “بالنسبة لعمال البناء الفلسطينيين في إسرائيل ، فإن فيروس كورونا ما هو إلا خطر واحد آخر” ، صحيفة هآرتز، 20 مارس 2020، متاح على:
https://www.haaretz.com/ israel-news / .premium-for-الفلسطينية-construction-worker-in-israel-the-coronavirus-is-one-more-dan-1.8694613 .
[viii] انظر، على سبيل المثال، سهى عراف، “في اللحظة التي يكون فيها العامل مريضًا ، يرمونه إلى نقطة التفتيش مثل الكلب” صحيفة 972+ ، 24 مارس 2020 ، متاح على: https: //www.972mag. كوم / حاجز فلسطيني – عمال كورونا /
[ix] انظر أكرم الوعرة، “فيروس كورونا: عمال فلسطينيون يتركون في وضع حرج بينما تتراجع إسرائيل عن خطة الاحتواء”، ميدل إيست آي، 25 مارس 2020، متاح على:
https://www.middleeasteye.net/news/coronavirus-palestinian-workers-israel-reneges-deal-contain-pandemic
انظر أيضاً آدم راغسون، “السلطة الفلسطينية تتهم إسرائيل بالتخلي عن عامل فلسطيني مريض عند نقطة تفتيش في الضفة الغربية”، تايمز أوف إسرائيل، 24 مارس 2020، متاح على:
https://www.timesofisrael.com/pa-accuses-israel-of-abandoning-sick-palestinian-worker-at-west-bank-checkpoint/
وكالة وفاء ، ” يصرّح المتحدث باسم الحكومة ان معاملة إسرائيل للعمال الفلسطينيين غير إنسانية”، 24 مارس 2020، متاح على: http://english.wafa.ps/page.aspx؟id=PNU4Tka115493323044aPNU4Tk
[x] منظمة الحقّ، “مجموعات المجتمع المدني ترسل نداء إلى الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة بشأن حقوق وكرامة العمال الفلسطينيين في إسرائيل خلال جائحة كوفيد-19 ” ، 15 أبريل 2020 ، متاح على: http://www.alhaq.org/ الدفاع / 16733.html .
[xi] الحق، “سبل العيش المحتلة: الفلسطينيون يكافحون من أجل حقهم في العمل” ، 1 مايو 2012 ، متاح على: http://www.alhaq.org/advocacy/6891.html.
[xii] انظر الى الحاشية X اعلاه
[xiii] منظمة العمل الدولية، ” كشف فيروس كوفيد-19 عن هشاشة اقتصاداتنا” ، 27 مارس 2020 ، متاح على: https://www.ilo.org/global/about-the-ilo/newsroom/news/WCMS_739961/lang –en / index.htm .
[xiv] المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، كوفيد-19:على إسرائيل واجب قانوني لضمان حصول الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة على الخدمات الصحية الأساسية – حسب تصريح لخبير من الأمم المتحدة” ، 19 مارس 2020 ، متاح على: https://www.ohchr.org/FR/NewsEvents/Pages/DisplayNews.aspx?NewsID=25728&LangID=E.
[xv] المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، ” كوفيد-19: يجب على إسرائيل الإفراج عن السجناء الفلسطينيين الذين يعتبرون في وضع هشّ، حسب تصريح خبراء الأمم المتحدة”، 24 أبريل 2020، متاح على: https://www.ohchr.org/EN/NewsEvents/Pages/DisplayNews.aspx ؟ NewsID = 25822 & LANGID = E .
قائمة الموقعين باللغة الانكليزية هنا
Share this Post