تزامنًا مع إقرار قانون تقسيم الدوائر، المكمل الأخير للقوانين الانتخابية المنظمة لعملية الانتخابات البرلمانية، نظَّم مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان –مكتب مصر، مساء أمس الاثنين 22 ديسمبر، لقاءً ضمن فعاليات صالون ابن رشد، تحت عنوان “البيئة التشريعية للانتخابات البرلمانية… هل سيكون البرلمان المقبل معبرًا عن الشعب؟” وذلك لتقديم قراءة أولية للبيئة التشريعية الحاكمة للعملية الانتخابية. استضاف اللقاء أحمد فوزي أمين عام الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، وخالد داوود الصحفي بالأهرام، والمتحدث الرسمي باسم حزب الدستور، والدكتور عمرو هاشم ربيع نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، وأدار اللقاء محمد زارع مدير مكتب مصر بمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان.
في البداية أوضح زارع أن المركز سعى إلى جمع ممثلين من جهات مختلفة، ضالعة ومهتمة بعملية الانتخابات البرلمانية، ومن ثم وجه الدعوة إلى أعضاءً من اللجنة المكلفة بوضع قانون تقسيم الدوائر–الذي صدق عليه الرئيس أثناء اللقاء– ولكن ارتباطات بعضهم حالت دون إتمام ذلك. واعتبر زارع أن الانتخابات المقبلة تكتسب أهميتها المضاعفة من التركة الثقيلة من القوانين –منذ يونيو 2012– التي سيكون على مجلس النواب مناقشتها، بالإضافة إلى القوانين التي تحتاج لتعديل لتتوافق مع الدستور.
استعرض عمرو هاشم ربيع في مطلع حديثه مجموعة القوانين التي تشكل البيئة التشريعية للانتخابات، وهي قانون مباشرة الحقوق السياسية، وقانون مجلس النواب، وقانون تقسيم الدوائر، مشيرًا إلى وجود بعض الإشكاليات والتحفظات على كلا منها، كما انتقد ربيع عدم تمثيل الأحزاب في اللجنة المكلفة بإعداد قانون تقسيم الدوائر، بالإضافة إلى تجاهل رأي اللجنة العليا للانتخابات، حول القانون. مشيرًا إلى أن النظام الانتخابي الحالي سوف ينتج برلمانًا خدميًا بالمقام الأول لا يهتم بالسياسة.
ووصف هاشم القانون الحالي بأنه “يشرعن لعودة الإخوان المسلمين”. كذا انتقد المادة المتعلقة بإغلاق اللجان في أيام الاقتراع ساعة راحة في منتصف اليوم، واصفًا تلك المادة بأنها “تفتح الباب للتزوير”، داعيًا الرئاسة إلى محاولة تدارك وتصحيح هذا “الوضع المعيب” على حد تعبيره.
اعتبر خالد داوود أن القوانين الانتخابية ” تعكس عدم رغبة النظام في وجود وضع ديمقراطي حقيقي في مصر بعد 25 يناير”، مضيفًا أنه وبسبب هذه البيئة التشريعية، يتوقع أن يكون المجلس القادم أقرب للمجلس المحلي.
انتقد داوود دعوى القانون بالتمثيل العادل للمرأة واصفًا إياها بالوضع الغريب وغير المفهوم، قائلًا: إذا كان الهدف هو ضمان التمثيل العادل للمرأة، فلما اكتفى بالتأكيد على نسبة وجودها في القوائم وليس في إجمالي المقاعد. واعتبر داوود الوضع الحالي “حالة من الانتشاء بالرئيس الذي يجمع كل السلطات في يده”.
أحمد فوزي بدأ الحديث بالتنديد بالهجمة الشرسة على منظمات المجتمع المدني المصرية، التي كشفت فساد نظام مبارك؛ معتبرًا أن في هذا عقابًا لها على ما كشفته من فساد ذاك النظام، معتبرًا أنه “منذ 11 فبراير 2011، تراجعت إرادة التحول الديمقراطي، وارتفعت نبرة تشويه ثورة 25 يناير واعتبارها مؤامرة”. وأضاف أنه بات واضحًا أن الهدف من الانتخابات القادمة هو القضاء على المكتسب الرئيسي لثورة يناير، وهو الاهتمام بالسياسة، مضيفًا أن ثورة يناير حققت “المعجزة” بأن جعلت المواطنين المصريين طرفًا في المعادلة السياسية.
وجَّه فوزي حديثه إلى من يتهمون الأحزاب السياسية بأنها تتنازع على السلطة، ولديها أجنداتها الخاصة، قائلًا أن الوظيفة الرئيسية للأحزاب هي الرغبة في الوصول للسلطة وامتلاك أفكارها وبرامجها الخاصة. معتبرًا أن المكسب الأكبر من ثورة 25 يناير هو أن المواطن المصري أصبح يتعامل مع السلطة والسياسة بشكل مختلف.
انتقد المشاركون ما اعتبروه تكتمًا من الدولة حول موعد الانتخابات البرلمانية، وقال فوزي “الدولة تتعامل مع موعد الانتخابات على اعتباره سرًا حربيًا” مستنكرًا أن يستغرق وضع قانون تقسيم الدوائر أكثر من 8 أشهر، بينما تم وضع دستور كامل خلال ثلاثة أشهر.
واعتبر فوزي الإخوان المسلمون “فزاعة” غير حقيقية فيما يخص علاقتهم بالانتخابات، موضحًا أن الإخوان لن يشاركوا في الانتخابات المقبلة، مبررًا وجهة نظره بأن مشاركتهم في الانتخابات تعني قبولهم بالتداول السلمي للسلطة، واعترافهم الضمني بخارطة الطريق والانتخابات الرئاسية..
اختتم زارع اللقاء ببعض التعليقات والأسئلة من الحضور، منوهًا إلى أن مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان قد نقل نشاطاته الإقليمية إلى تونس، بينما هو مستمر في العمل ببرامجه العاملة على مصر في القاهرة.
Share this Post