احتفل مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان أمس بمقر التحرير لاونج باليوم العالمي للعدالة الاجتماعية، وذلك ضمن أنشطة نادي خريجي المركز. بدأت الاحتفالية بكلمة افتتاحية لـ محمد زارع مدير برنامج مصر بالمركز، والذي أكد أن المطالبة بالعدالة الاجتماعية كانت الشرارة الأولى للثورة المصرية بل لمعظم الثورات العربية، مشيرًا إلى الدور الذي لعبته منظمات المجتمع المدني على مدار سنوات طويلة من اجل ترسيخ مبادئ العدالة الاجتماعية، مؤكدًا أن نجاح الثورة المصرية مرهون بقدرة الشعب على انتزاع تلك الحقوق وفرضها على صناع القرار.
تضمن الجزء الأول من الحفل عرض لأبرز الملفات الاقتصادية والاجتماعية في مصر، والتي بدأها نديم منصور المدير التنفيذي بالمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بحقوق العمال، مشيرًا إلى أنه رغم نجاح العمال في انتزاع حكم برفع الحد الأدنى للأجور إلا أنه حتى الآن لم يتم اتخاذ أي إجراءات أو قرارات لتفعيل هذا الحكم، مضيفًا أن العمال مازالوا يعانون ظروف قاسية لا تتماشى مع أهمية دورهم في المجتمع، كما أنهم مازالوا يعانون من التضييق على حريتهم التنظيمية فرغم وجود أكثر من 300 نقابة مستقلة إلى الآن لم يصدر قانون يعضد من دور وقيمة هذه الجمعيات. منصور اختتم كلمته بدعوة الجميع إلى مساندة حقوق العمال كمدخل محوري لتحقيق العدالة الاجتماعية.
ومن حقوق العمال إلى حقوق النساء، أكدت منى عزت مديرة حملة حرية التنظيم بمؤسسة المرأة الجديدة، على تدني وضعية المرأة بشأن موقعها من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، لاسيما الحق في العمل والحق في التعليم، موضحةً أن سياسات الخصخصة والانفتاح الاقتصادي كانت لها أثار اجتماعية قاسية على الطبقات الدنيا والفقيرة والمتوسطة أيضًا على مدار سنوات من عهد النظام السابق في ظل انسحاب الدولة من تقديم كثير من الخدمات مثل التعليم والصحة. وأشارت منى إلى تعاظم الدور الاقتصادي للمرأة في المجتمع ليس فقط بين الطبقات الفقيرة التي غالبًا ما تُعيلها المرأة (الأرملة – المطلقة – المهجورة – المعيلة – زوجة العامل المؤقت) وإنما أيضًا في الطبقات المتوسطة التي صارت من المستحيل أن تعتمد على دخل الرجل فقط. وعن الحق في التعليم أكدت منى عزت أن سياسات النظام السابق حرمت العديد من النساء من حقهن في التعليم نتيجة عدم مراعاة الدولة للخصوصية الجغرافية والثقافية لبعض المناطق وخصوصًا الحدودية منها، إذ أن تمركز المدارس والجامعات في المدن والمحافظات وبُعدها عن القرى والنجوع والمناطق المتطرفة يحول دون تمتع العديد من النساء بهذا الحق، هذا علاوة على الموروث الثقافي الذي كرسته مناهج التعليم والذي يختزل دور المرأة في المجتمع في الإنجاب وتنظيف المنزل.
افتتح علاء شكرالله رئيس مجلس إدارة جمعية التنمية الصحية والبيئية – أهد كلمته بـ “أنا مقتنع ومتفائل باستمرار الثورة وأتوقع أنها ستؤثر على المنطقة وستفتح أفاق جديدة لنا” مؤكدًا على أن غياب العدالة الاجتماعية كان سببًا رئيسيًا في قيام ثورة على النظام، ليس فقط النظام المصري وإنما النظام العالمي الذي ينتهك أسس العدالة الاجتماعية. ركز شكرالله في كلمته على الحق في الصحة كأحد أهم ملفات الحقوق الاجتماعية والسياسية، موضحًا أسباب تدهور الخدمات الصحية في مصر واصفا الوضع الراهن “بالمريض” مستعرضًا بعض المقترحات المطروحة لإصلاح هذا الوضع. هذا وقد اعتبر شكرالله أن الدولة حين تراجعت في الإنفاق على الخدمات الصحية ساهمت بشكل مباشر في انهيار هذه الخدمات تدريجيا، و أوضح أن من وصفهم النظام السابق بالبلطجية خلال أحداث الثورة ليسوا إلا فقراء خرجوا احتجاجًا على سوء الخدمات الصحية في المستشفيات وما كان يحدث فيها من مهازل حتى أنها كانت توصف بالـ “السلخانة”.
ركز حسام حداد المحامي بمركز هشام مبارك، في كلمته على الحق في السكن، كحق أصيل يضمن تحقق العدالة الاجتماعية، مطالبًا الدولة بالالتزام بتوفير سكن ملائم لمواطنيها، فبدون الحق في السكن لن يستطيع الفرد الاستمتاع بأي من الحقوق الأخرى، ومن ثم يجب على الدولة أن تقوم بتشريع القوانين لتيسير الحق في السكن لمواطنيها ولا تترك الأمر بين مالك جشع وساكن جشع أيضًا.
الجزء الثاني من الحفل تضمن مناظرة بين بعض الأحزاب حول ضمانات العدالة الاجتماعية في برامجهم الحزبية، والذي افتتحه يحيى فكري ممثلاً عن حزب التحالف الشعبي. في البداية أكد فكرى على أنه لا توجد ديمقراطية بلا عدالة اجتماعية، فالديمقراطية في مفهومها هي إرادة شعب خرج بحرية ليطالب بحقوقه، مؤكدًا أن برامج وخطط الأحزاب الممثلة في البرلمان لابد وأن تقوم على إشكاليتين محوريتين هما كيفية تمويل الضمانات الاجتماعية ؟ وكيفية إدارتها ؟ وهو الأمر الذي وجده حزب التحالف الشعبي في عملية إعادة توزيع الثروة وذلك من خلال سياسات تقليص وإعادة الإنفاق.
فريد زهران ممثل الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، أكد أن العدالة الاجتماعية قوامها الأساسي فكرة التنمية، مؤكدًا أن الفكر التنموي لدى النظام السابق كان قائمًا على أن “رجال الأعمال هم قاطرة التنمية” والنتيجة 42% من الشعب تحت خط الفقر، و40% فقراء، ومن ثم فالمطلوب الآن هو صنع نموذج تنمية يفيد 82% من الشعب، مؤكدًا على توافر مصادر التمويل في مصر والبنية الأساسية اللازمة لذلك.
اختتمت الاحتفالية على أنغام فرقة بساطة والتي تغنت بمجموعة من أغانيها المعبرة عن القضية مثل “مزحوم يا قطر الغلبانين، شباب كتير فاض بيها خلاص، هيلا”.
Share this Post