محمد سيد سعيد
جريدة البديل، 11 يونيو 2008
ثمة عملية إعادة ترتيب كبري فيما يبدو تتم داخل حركة الإخوان المسلمين ولا يعلم الرأي العام عنها شيئًا. ما نعرفه هو أن الدكتور عصام العريان، أبرز المتحدثين باسم الحركة والمحاور البارع والشخصية المهذبة والمقبولة من المجتمع المدني والسياسي بأطيافه المختلفة، فقد مكانته في مجلس شوري الجماعة. ولا غبار على ذلك إن كانت العملية التصويتية ديمقراطية بالفعل. وكان المرشد العام قد برر هذه الواقعة بأمرين أحدهما عقلاني ومقبول. قال إنه يتمني هو نفسه أن يصبح “مرشدًا عامًا سابقًا”. وربما نضرب معه موعدًا للوفاء بوعده لأن الأمر بيده إلى حد كبير جدًا.
وقال أيضًا ما معناه أنه ليس من حق الرأي العام أن يعرف ما يتم داخل الجماعة. والمشكلة في هذا الكلام أنه يعود بنا لمفهوم أو عصر التنظيمات السرية. وربما لهذا السبب أو دلالته فقد الدكتور عصام العريان مكانته في “برلمان” الجماعة. فهو مع غيره من الإصلاحيين في الجماعة حريص على الإيحاء بأنها قبلت الفكرة الديمقراطية بل كان يذهب للقول بأنها –أي الجماعة– تطبقها أكثر من غيرها.
وتفسيري عن بعد لما جرى خلال الأسابيع القليلة الأخيرة في الجماعة أن المتشددين قرروا استبعاد هذا الجناح الإصلاحي. وبدأت العملية بتحجيم أبرز الإصلاحيين وأكثرهم عقلانية وشجاعةً وقبولًا من المجتمع المدني والسياسي وهو الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح, وربما حاول البعض لشدة دهشتي التخلص من أقوي شخصية، وهو، فيما يبدو أيضًا أهم موهبة تنظيمية في مكتب الإرشاد، أي المهندس خيرت الشاطر نفسه، شفاه الله وفك حبسه.
ويبدو عن بعد أيضًا أن المرشد العام بنفسه وراء هذا القرار ربما بعد أن انتقد الإصلاحيون تصريحاته الضارة في منابر الإعلام وآخرها في وكالة إيلاف الإلكترونية.
ورغم الانقلاب الذي قام به المتشددون فإني أثمن زعمهم أن الدكتور عصام العريان سقط في الانتخابات الديمقراطية لمجلس الشورى أو ربما سقط سهوًا. ويشتبه هذا التصريح عندي مع تفسير سقوط عدد من الأشخاص من شرفة منازلهم بعد اقتحامها من جانب البوليس بأنهم سقطوا من الدور الرابع أو الخامس بدعوة من الجاذبية الأرضية لا بدفعة بسيطة من قوي بشرية.
وإن تركنا مقتضيات الصراع في الجماعة فثمة تفسير موضوعي بحت. فأكثرية من الأجيال الوسيطة في الجماعة وصلت أو أوصلت لاستنتاج أن المنهج الإصلاحي فشل وأنه آن الأوان لتصفيته وتولي المتشددين السلطة كاملة. ونسي المتشددون والأرجح أنهم لم يفهموا أن هذا هو ما ترغبه السلطة الحكومية بالضبط.
Share this Post