محمد سيد سعيد
5 يونيو 2008
لم تتردد الحكومة لحظة في اعتقال الأديب مسعد أبو فجر رغم صدور خمسة أحكام قضائية بالإفراج الفوري عنه. لم تتردد في اعتقال وتعذيب آلاف من أبناء العريش وبدو شمال سيناء بعد الحادث الإرهابي الأول في شرم الشيخ على بعد مئات الأميال عنهم. واحتفظت الحكومة بعشرات من شباب البدو السيناوي بقانون الطوارئ لمجرد الخوف أن “يسحرهم” الإرهاب الديني! ولكنها للغرابة لم تتخذ أي تدابير أمنية لا قبل ولا بعد قيام شخصيات بدوية معروفة بالاسم والشكل والشهرة بالعدوان “العسكري” على دير أبوفانا و”أسر” وتعذيب أربعة من أبرز الرهبان المصريين فيه. والأغرب أن الروايات تقول إن نفس الأشخاص قاموا بأعمال عدوان سابقة على هذا الدير، وأنه كان ثمة علامات واضحة على احتمال قيامهم بالعدوان الذي قاموا به فعلًا منذ أيام دون أن يقول لهم أحد “اختشوا” ولا أن يتدخل أحد بنصحهم باللجوء للقضاء أو المحافظ للتوصل لحل ما لمنازعات الأراضي المزعومة.
فالأصل في التاريخ والجغرافيا وعلوم الكون والمجتمع أن البدو لا يسكنون مكانا بعينه ولا يزعمون ملكية أراض بذاتها. يحدث ذلك منذ بضع سنوات لسببين واضحين: الأول أن الزحف العمراني المقدس، وخاصة بالقرب من الشواطئ وعلي تخوم المدن حوّل بعض الأراضي إلى سلعة تجارية وصار لها ثمن. أما الثاني فهو أن الدولة لم تصدر قانونًا يحرم ويجرم الاستيلاء على الأراضي المشاع. المفهوم أن كل الأراضي المشاع ملك للدولة باسم الشعب كله. ولكن البدو صاروا يزعمون ملكيتها بحكم الادعاء “بوضع اليد” وهو زعم يستخدم فقط لإثراء رؤساء عشائريين لا أكثر.
وكان الأفضل أن نحقق العدالة لجميع المصريين ولجميع البدو بأن تضع الدولة سياسة منهجية ونزيهة لتسكين البدو في مناطق معينة، وأن تمنحهم عقود ملكية حتى يستقروا، وحتي تقاوم الدولة بكل شدة محاولة أقليات منهم اغتصاب أراض بهدف التجارة والابتزاز.
لا يحدث ذلك لأن “النظام “كله صار مبنيًا على النهب الفوضوي وخاصة نهب الأراضي بتوظيف أي نوع من القوة. وتلجأ الدولة للتذرع بالقانون فقط عندما تحتاجه. والسؤال هو: لماذا لم تقدم الدولة على استدعاء القانون أو شيء من الحكمة قبل العدوان على دير أبو فانا؟.. ألم تكن في أشد الحاجة للسلام الاجتماعي؟
Share this Post