يعرب مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان عن انزعاجه واستنكاره البالغ إزاء تصاعد أعمال القمع والترويع والترهيب، التي تمارسها السلطات السورية بحق النشطاء السياسيين ودعاة الإصلاح والديمقراطية وحقوق الإنسان، والتي وجدت تجسيدها مؤخرا في سلسلة من الأحكام القضائية الجائرة، التي تجد سندها في هيمنة السلطة التنفيذية وأجهزتها الأمنية على شئون القضاء من جهة، وعلى ترسانة من النصوص القانونية الاستثنائية، التي يشيع استخدامها للتنكيل بالحريات العامة، وكافة صور العمل السياسي السلمي، وعبر توجيه اتهامات لا تثير سوى السخرية من مدى انحدار النظام السياسي والقانوني والقضائي في سوريا.
ويسجل مركز القاهرة في هذا السياق إدانته المطلقة للأحكام المتلاحقة التي صدرت مؤخرا وطالت باقة جديدة من النشطاء السياسيين والحقوقيين، وعلى وجه الخصوص:
• الحكم الجائر الذي أصدرته محكمة جنايات دمشق بحق المعارض السوري ومؤسس التجمع الليبرالي الديمقراطي كمال اللبواني، والذي انتهى إلى معاقبته بالسجن لمدة 12 عاما وتجريده من حقوقه المدنية، بعد إدانته بتهمة “دس الدسائس لدى دولة أجنبية لدفعها لمباشرة العدوان على سوريا”! وهى التهمة التي وجهت إليه على أسر عودته قبل نحو عامين من زيارته لأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، التقى خلالها بمنظمات حقوق الإنسان وممثلي الصحافة والإعلام ومسئولين حكوميين. وقد تجاهلت المحكمة الأدلة التي تقدم بها محامو اللبواني، والتي تتضمن العديد من تصريحاته المعلنة، والتي أكد من خلالها معارضته لأي تحريض لعدوان ضد سوريا.
• التنكيل بالمعارضين والمثقفين والحقوقيين الذين وقعوا على عريضة إعلان دمشق-بيروت، الذي يدعو إلى إعادة النظر في الطريقة التي تدير بها سوريا الملف اللبناني، وهو ما وجد تعبيره في صدور أحكام بالسجن لمدة خمس سنوات بحق الناشط الحقوقي المعروف أنور البني، وثلاث سنوات للناشطين ميشيل كيلو ومحمود عيسى، وذلك بعد اتهامهم بالعمل على “إضعاف الشعور القومي وإيقاظ النعرات الطائفية والمذهبية”!. كما شملت هذه الأحكام، الحكم غيابيا على كل من حسن شمر وخليل حسين بالسجن لمدة عشر سنوات بالتهم ذاتها؛ إلى جانب تهمة تعريض سوريا لأعمال عدائية.
ويذكر في هذا الإطار أن السلطات السورية كانت قد اتخذت عددا من الإجراءات العقابية بحق الموقعين على إعلان دمشق- بيروت قبل عام، شملت إبعاد 17 من المثقفين عن وظائفهم، وإصدار قرارات بالمنع من السفر لغالبية الموقعين على الإعلان والمدافعين عن حقوق الإنسان.
• الأحكام الصادرة من محكمة أمن الدولة العليا ذات الطبيعة الاستثنائية، والتي لا يجوز الطعن في أحكامها، والتي استهدفت عناصر محسوبة على التيار الإسلامي، وشملت السجن لمدة ثلاث سنوات لياسر مردلي بتهمة الانتساب إلى جمعية سرية، تهدف إلى “تغيير كيان الدولة الاقتصادي والاجتماعي”!
• الحكم الصادر من محكمة الجزاء بطرطوس، الذي يقضي بعقوبة السجن لمدة ستة أشهر على المعارض الناشط السياسي عادل محفوظ بتهمة “تعكير صفو الأمة”!
إن مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان إذ يعرب عن تضامنه الكامل مع ضحايا التوحش البوليسي وكافة انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، فإنه يشدد على ضرورة تضافر جهود المجتمع المدني في سوريا والدول العربية والعالم، من أجل وضع حد نهائي لهذا العدوان المنهجي المتواصل على الحريات السياسية والعامة وحقوق الإنسان، والعمل من أجل:
1- إنهاء حالة الطوارئ الاستثنائية التي تعيشها سوريا منذ نحو نصف قرن!
2- الإفراج الفوري عن كافة سجناء الرأي، وغيرهم من المعتقلين، بسبب آرائهم أو لأسباب وثيقة الصلة بالنشاط السياسي السلمي. وإعادة المفصولين منهم إلى وظائفهم وتعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم.
3- المراجعة الشاملة لكافة نصوص القوانين التي تجرم الرأي والعمل السياسي السلمي، والتي تقيد الحقوق والحريات العامة، بالتعارض مع الالتزامات الدولية للحكومة السورية، بموجبها تصديقها على عدد من الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان.
4- وضع حد لتدخل أجهزة الأمن والسلطة التنفيذية في شئون القضاء، والعمل على إعادة تنظيم السلطة القضائية في إطار احترام المعايير الدولية لاستقلال القضاء.
Share this Post