تتابع منظمات حقوق الإنسان الموقعة على هذا البيان باهتمام بالغ ما تشهده الساحة السياسية المصرية من تفاعلات تعطى مؤشرا إيجابيا على أن قضايا الإصلاح السياسي والدستوري قد بدأت تفرض نفسها على أولويات عمل القوى والتيارات السياسية المختلفة.
وتؤكد هذه المنظمات أنه بصرف النظر عن القواسم المشتركة التى يمكن استخلاصها بين المبادرات الداعية للإصلاح سواء من قبل أحزاب سياسية أو من خلال منابر منظمات المجتمع المدنى وحقوق الإنسان, فإن قوة الدفع التى يمكن أن تكتسبها أية مبادرة أو برنامج إصلاحى ترتهن بالدرجة الأولى بتوافر إرادة سياسية صلبة من قبل الأطراف التى تتبنى هذه المبادرات, وأن تتجسد فى توجهات عملية جادة لبناء تحالفات على أسس مبدئية، وفى إطار برنامج واضح المعالم تحدد على أساسه كافة الأطراف المهمومة بقضية الإصلاح السياسي موقفها بحرية من الانضمام أو عدم الانضمام لهذا التحالف أو ذاك.
وتود منظمات حقوق الإنسان الموقعة على هذا البيان أن توضح ما يلي:
أولا: أن منظمات حقوق الإنسان أخذت وتأخذ دائما على عاتقها التعاون وتقديم الدعم لكل المبادرات التي من شأنها أن تفتح طريقا للإصلاح الديمقراطي وتعزيز حقوق الإنسان, والتنسيق والحوار مع كافة التيارات الحزبية وقوى المجتمع المدني للدفع بهذه العملية, دون أن يؤثر ذلك على استقلالية هذه المنظمات وحيادها تجاه كافة الأطراف السياسية والحزبية سواء كانت حكومية أو معارضة, ودون أن يؤدى ذلك إلى الخلط بين العمل السياسي والحزبي –الذي يستهدف الوصول للحكم- من جانب, والحقوقي -الذي يقتصر دوره على تعزيز حقوق الإنسان- من جانب آخر, خاصة وأن بعض منظمات حقوق الإنسان قد اقترحت ودعمت تشكيل ائتلافات لهذا الغرض على مدار السنوات الخمس الماضية.
ثانيا: ترحب هذه المنظمات بالخطوط العريضة لوثيقة الإصلاح المشتركة التى أقرتها أحزاب المعارضة الثلاثة (التجمع والوفد والناصري)، باعتبارها يمكن أن تشكل مدخلا للتوافق وأرضية للحوار بين كافة القوى المتطلعة للإصلاح والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، حول برنامج عمل مشترك يرتقى لتحقيق هذه التطلعات على أرض الواقع.
ثالثا: تعتقد هذه المنظمات أن أساس انضمام أي طرف لهذا التحالف أو ذاك، يجب أن يكون الموقف من البرنامج ومنهجية العمل، وليس الشرعية القانونية. فإذا كانت الأحزاب ترفض قانون الأحزاب ولجنة الأحزاب فليس من المنطقي التسليم بالنتائج التى تترتب عليهما.
رابعا: أن هذه المنظمات تدرك أن عملية الإصلاح فى مصر ينبغى النظر إليها باعتبارها عملية طويلة ممتدة، لا يمكن إنجازها بالضربة القاضية, نظرا للخلل الهائل فى علاقات القوى. الأمر الذي يلح بدرجة أكبر من أي وقت مضى على ضرورة بناء التحالفات على أسس مبدئية، وفى إطار من الشفافية والإقرار بحقوق متكافئة لكل الأطراف التى تقرر الالتزام بالعمل معا وفقا لهذه الأسس وضمن إطار برنامج حد أدنى ترتضيه. وربما يساعد ذلك على بناء تحالف واحد عريض من أجل الإصلاح، يضم كل أو أغلب ائتلافات الإصلاح.
وفى هذا الإطار تعتقد هذه المنظمات أن نجاح بناء هذه التحالفات على أسس متينة يتطلب:
1- إدارة حوار جاد من أجل استخلاص الدروس والخبرات من تجارب العمل المشترك حول قضايا الإصلاح سواء فيما بين الأحزاب على حدة، أو فيما بينها وبين بعض مؤسسات المجتمع المدنى.
2- وقف أسلوب التجريح الذي تتبعه بعض الصحف الحزبية ضد الخصوم أو الحلفاء، ونبذ منهج التخوين والتكفير، والتركيز على القضايا البرنامجية، اختلافا واتفاقا.
3- ضرورة أن تسعى بعض الأحزاب المعارضة في سلوكها العملي لتبديد هواجس وشكوك الرأي العام حول صلابة ومصداقية توجهاتها تجاه قضية الإصلاح, وأنه ليس مجرد مناورة سياسية لعقد صفقة مع الحزب الحاكم.
إن المنظمات الموقعة على هذا البيان تعتقد أن مصر بصدد لحظة تاريخية خاصة ينبغى استثمارها بوعي وإخلاص، لدفع بلادنا فى مسار إصلاح جاد, الأمر الذى يستلزم إدارة حوار مجتمعي صحي واستراتيجي بعيد المدى حول هذه الأمور، وحول البرنامج ومنهجية وخطة وأساليب العمل، وذلك من أجل بناء قاعدة صلبة وعريضة للإصلاح، ووضع القاطرة فى مسارها الصحيح.
Share this Post