من أجل حماية إقليمية فعالة لحقوق الإنسان
أي ميثاق عربي لحقوق الإنسان؟
بيروت 10-12 يونيو/حزيران 2003
بيـان صــحفي
بين تحديث الميثاق وكتم الأنفاس
11 يونيو / حزيران 2003
شهدت العاصمة اللبنانية مساء أمس 10 يونيو / حزيران افتتاح أعمال المنتدى الإقليمي “من أجل حماية إقليمية فعالة لحقوق الإنسان: أي ميثاق عربي لحقوق الإنسان؟”، وهو المنتدى الذي ينظمه مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بالتعاون مع جمعية الدفاع عن الحقوق والحريات “عدل”. ويقع على عاتق هذا المنتدى محاولة التأثير على اجتماعات اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان بجامعة الدول العربية، والتي من المفترض أن تبحث خلال اجتماعها في الفترة من 18 – 26 يونيو / حزيران مراجعة وتحديث الميثاق العربي لحقوق الإنسان الذي حاصرته الانتقادات الحادة منذ صدوره عام 1994 ولم تصادق عليه دولة عربية واحدة.
استهل النائب غسان مخيبر رئيس جمعية الدفاع عن الحقوق والحريات “عدل” كلمته بالترحيب بالمشاركين مؤكدا على الأهمية الخاصة لهذا المنتدى، ولنوعية المشاركين فيه من خبراء رسميين وغير رسميين في إطار عملية تهدف إلى التأثير على القرار الرسمي في محاولة مبكرة. وشدد على ضرورة التمسك بالحلم الكبير المتمثل في إيجاد آليات فعالة لحماية الحقوق والحريات في البلدان العربية.
وأكد بهي الدين حسن مدير مركز القاهرة على أن مهمة المنتدى لن تكون يسيرة بصدد تلبية التطلعات لتأسيس آلية إقليمية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان في العالم العربي على النحو الذي أرسته المعايير الدولية، مشيرا لأن ما يسمى بعملية تحديث الميثاق قد تذهب في اتجاه عكسي تستجيب لرغبة الحكومات في التملص من أية التزامات كحافز لجذب التصديق الجماعي على الميثاق في حفل كرنفالي؛ قد يساعد على تحسين صورة الحكومات العربية، بينما يبقى في الجوهر على منهج كتم الأنفاس.
وأعرب بهي عن أسفه لأن فلسفة الحقبة الاستعمارية التي روجت لأن الشعوب العربية غير مؤهلة للتحضر والتمدين وحكم نفسها بنفسها، ما تزال سارية في حقبة الحكم الوطني الذي كرس ذات العقلية التحقيرية للشعوب.
وأشار مروان فارس رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب اللبناني إلى أن حقوق الإنسان العربي لا تنفصل عن الحق العالمي للإنسان في أي مكان آخر. وأكد على الترابط بين الحقوق الفردية والحقوق الجماعية. وتوقف أمام احتلال الأراضي العربية، مؤكدا أنه في ظل الاحتلال تبقى حقوق الجماعات والأفراد ومبادئ العدالة منتهكة.
وأكدت كلمة محمود راشد مدير إدارة حقوق الإنسان بجامعة الدول العربية على ضرورة تحديث الميثاق العربي لحقوق الإنسان، ليتلاءم مع المتغيرات العالمية وما تواجهه المنطقة من تحديات ومخاطر تستلزم القيام بإصلاحات شاملة تخرج النظام الإقليمي العربي من حالة الركود إلى حالة الفعل.
أشارت كلمة المفوض السامي لحقوق الإنسان التي ألقاها فرج فنيش أهمية مراجعة الميثاق العربي لحقوق الإنسان، وبشكل خاص بالنظر إلى أوجه النقص التي تبعده عن المعايير الواردة في العهود الدولية وتحديدا في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وغياب آليات لتفعيل الميثاق ولرصد الانتهاكات.
وأكد عبد العزيز بناني رئيس الشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان في كلمة باسم الشبكة والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، أهمية إقامة نظام إقليمي لحماية حقوق الإنسان مشيرا إلى أن مثل هذا النظام ينبغي أن يكون متسقا مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، التي لا يجوز التخلي عنها باسم خصوصية اختزالية تتناقض والقيم التي كرمها الإسلام، مضيفا إلى ذلك أنه من الصعب إيجاد آلية إقليمية فعالة لحماية حقوق الإنسان من دون التصديق على المواثيق الدولية وإعمالها على أرض الواقع.
وقد شهدت الجلسة الأولى للمنتدى مناقشات مثيرة حول استريجيات الحركة الحقوقية والديمقراطية في العالم العربي في مواجهة المشروع الإمبراطورى من جانب، والأنظمة الاستبدادية من جانب آخر. حيث ناقشت ورقة العمل التي أعدها د. محمد السيد سعيد نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، والتي أكد من خلالها أن النظم الاستبدادية العربية ما تزال تحافظ على سماتها الباطشة دون أي تعديل جوهري، الأمر الذي يضاعف الشكوك في إمكانية التوصل إلى وثيقة عربية لحماية حقوق الإنسان. وأضاف أن الحرب العراق كشفت عن خلافات كبرى بين القوى المتطلعة للديمقراطية في ظل الهجمة الاستعمارية الجديدة؛ حيث انقسمت إلى ثلاثة أقسام، اتجه قسم منها للتحالف مع النظم التسلطية في مواجهة الامبريالية والتيار الاسلامي المتطرف، بينما تحالف القسم الثاني مع الامبريالية في مواجهة استبداد الدولة، واتجه قسم ثالث إلى التحالف مع التيار الاسلامي المتطرف في مواجهة الامبريالية والدولة المستبدة معا. وأكد على ضرورة تماسك القوى الديمقراطية حول استراتيجية استقلالية في المعترك السياسي عن كل من منظومة الدولة الاستبدادية والاسلام السياسي والشمولي، وإلى ضرورة السعي لمعالجة التناقضات السياسية على اسس ديمقراطية. وأظهرت اتجاهات المناقشة أن العالم العربي يعيش مرحلة تفكك للنظم التسلطية والشمولية، يحصد ثمارها القوى الخارجية الاستعمارية، وأن تواجد القوات الأمريكية في المنطقة بات مؤشرا على انهيار النظم العربية وفقدانها القدرة على تحقيق الأهداف الأمريكية بالوكالة، ومن ثم فإن الولايات المتحدة تبدو الآن صاحبة المشروع التغييري الوحيد في المنطقة العربية، وإن كان التغيير بالطبع تحكمه مصالحها.
كما أكد بعض المتحدثين على أهمية البعد الأخلاقي لحركة حقوق الانسان في مواجهة التحديات الراهنة، والوقوف في مواجهة الطغيان أيا كان مصدره داخليا أم خارجيا. وانتقدت بعض الآراء بشدة موقف النخب الثقافية العربية التي تواطأت لحقبة طويلة على الجرائم التي ارتكبها النظام العراقي، مشيرين إلى ان ما اعتبر ترحيبا بالغزو يعكس حالة اليأس التي وصل إليها الشعب العراقي، بشأن قدرته على التغيير.
- للإطلاع على خبر ختام المنتدى الإقليمي الخامس للحركة العربية لحقوق الإنسان هنا
- للإطلاع على الأوراق الصادرة عن المنتدى الإقليمي الخامس للحركة العربية لحقوق الإنسان:
Share this Post