أطلق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، مبادرة التنمية البرلمانية في العالم العربي، لدعم البرلمانات وبرنامج إدارة الحكم في الدول العربية. وفي إطار المبادرة، شكل البرنامج مجموعة عمل حول البرلمانات وإصلاح قوانين الأحزاب السياسية في العالم العربي. وعقدت مجموعة العمل في هذا الإطار، ثلاثة اجتماعات رئيسية في كل من الرباط وعمان والدار البيضاء اضافة الى اجتماع مركز بيروت.
• الاجتماع الأول الذي عقد بالرباط في آذار / مارس عام 2006 كانت الغاية منه استعراض وتقييم القوانين القائمة حول الأحزاب السياسية في العالم العربي، وشارك مركز القدس للدراسات السياسية في أعمال ذلك الاجتماع حيث قدم المدير العام للمركز عريب الرنتاوي ورقة عمل حول (قانون الأحزاب السياسية الأردنية – الجدل العام)، استعرضت الورقة تاريخ نشأة الأحزاب السياسية في الأردن، والمراحل التي مر بها العمل الحزبي وقدمت قراءات مقارنة في مشاريع قوانين الأحزاب المتداولة في الأردن.
• الاجتماع الثاني عقد في عمان في كانون أول/ديسمبر من عام 2006، وكانت الغاية منه الاستفادة من النقاشات التي جرت في اجتماع الرباط، وركز بشكل أساسي على وقع قوانين الأحزاب السياسية قوانين الأحزاب السياسية، بالنسبة إلى دمقرطة الأحزاب السياسية في المنطقة العربية. كما بحث الاجتماع بشكل تفصيلي في مسالة مشاركة النساء في الحياة السياسية بشكل عام والحياة الحزبية بشكل خاص في البلدان العربية.
• أما بالنسبة لاجتماع مركز بيروت في 31 أب/أغسطس من عام 2007، فقد ساهم في التحضير لانعقاد الاجتماع الثالث لمجموعة العمل وضم واضعي مشاريع البحث الجارية وعدد من الأعضاء الرئيسيين في مجموعة العمل لمناقشة المشاريع الأولية والمساهمات في استحداث إطار لورشة العمل الإقليمية الثالثة
• الاجتماع الثالث لمجموعة العمل حول البرلمان وإصلاح قانون الأحزاب السياسية، عقد في الدار البيضاء بالمغرب في الفترة من 22-24 شباط / فبراير 2008 حول بناء التوافق حول المبادئ الأساسية ومعايير الحد الأدنى لقوانين الأحزاب السياسية في العالم العربي، وشارك في الاجتماع 41 برلمانياً وخبيراً من كل من الأردن ومصر والكويت والجزائر واليمن والمغرب ولبنان وفلسطين، ودارت النقاشات حول صيغة مشروع مقترح للمبادئ الأساسية ومعايير الحد الأدنى لقوانين الأحزاب في الدول العربية. وهذا الاجتماع يأتي بمثابة اختتام لأعمال مجموعة العمل الخاصة بالأحزاب السياسية.
مركز القدس للدراسات السياسية، الذي شارك في المبادرة منذ انطلاقتها، رأى انه وتعميماً للفائدة ، توزيع نص المشروع المقترح لمعايير قوانين الأحزاب السياسية في المنطقة العربية، والذي توافق عليه الخبراء والبرلمانيون العرب الاعضاء في المبادرة .
المبادئ العامة
المبدأ الأول:
شروط تأسيس العضوية والعمل الحزبي
أ- البند الأول: شروط التأسيس
يجب أن يهدف القانون بشكل أساسي إلى تشجيع تأسيس الأحزاب السياسية وذلك من اجل تأطير وتنظيم العمل السياسي على المستوى الوطني ومن اجل وضع قواعد واضحة تسمح للمواطنين بالمشاركة الحقيقة في آليات صنع القرار ويجب أن يمنح القانون حقوقا للحزب باسم الديمقراطية ويطلب منه التقيد بدوره بنفس المبادئ في تعاطيه مع الدولة ومع المواطنين ومع سائر القوى والأحزاب السياسية الأخرى. كما يسمح بتوفير فرص حقيقية للمواطنين من دون أي تمييز للمشاركة السياسية على قاعدة المساواة والارتقاء إلى مواقع القيادة السياسية من خلال الانتخاب الديمقراطي.
يفضل أن يتجه القانون في هذا المجال نحو تسهيل آلية الترخيص أي أن يكون الترخيص آليا إذا توافرت المستندات المطلوبة وفي حال رفض طلب الترخيص وجب على السلطة ذات الصلاحية في الرفض أن تعلل رفضها وفي هذه الحالة يجب حفظ حق المراجعة لدى القضاء الإداري وفي حالة عدم الإجابة في مهلة معينة تكون عدم الإجابة بمثابة القبول أو الموافقة على التأسيس أما في حالة عدم لزوم الترخيص المسبق فإن القانون يمكن أن ينص على لزوم الإشعار أو التصريح أو الإعلان ويشترط ذلك من اجل اكتساب الصفة القانونية ويمكن أن يربط القانون اكتساب الصفة الشرعية بتاريخ نشر خبر الإعلان عن تأسيس الحزب في الجريدة الرسمية على أن يجري ذلك في مهلة شهر واحد من تاريخ الإعلان أو العلم والخبر.
يرى البعض انه من المستحسن تحديد الحد الأدنى لعدد المؤسسين ويرى آخرون ضرورة وضع شرط التنوع الجغرافي.
ب- البند الثاني: شروط الانتساب
من المستحسن إلا يصدر في قانون الأحزاب نفسه أي حظر أو منع للانتساب (مثلا أفراد القوات المسلحة، موظفي الدولة الخ) فيمكن أن يلحظ هذا الحظر من الانتساب إلى الأحزاب في القوانين الخاصة التي تنظم عمل هذه الفئات. لكن يمكن أن ينص قانون الأحزاب السياسية على شروط عامة للانتساب إلى حزب سياسي منها: شرط حمل جنسية البلد الذي ينخرط الشخص في احد أحزابه أو يكون من مؤسسيها شرط بلوغ سن الرشد ويتراوح هذا السن بين 18و21 سنة بحسب الدول, شرط التمتع بالحقوق المدنية والسياسية وألا يكون العضو المؤسس محكوما بجنحة أو جرم ويفضل البعض أن تتطابق شروط العضوية السياسية مع شرط حق الانتخاب.
أما الشروط الأخرى فيعود لكل حزب تحديدها بحسب هويته السياسية فبعض الأحزاب يحدد عدة مراتب للعضوية وآلية خاصة للقبول في العضوية وبعضها الآخر يحدد طريقة الانتساب البسيطة. للقانون أن يشترط على الأحزاب السياسية عدم القيام بتنظيم تشكيلات عسكرية أو شبه عسكرية أو القيام بتدريبات عنيفة استعدادا للقتال العسكري (هذه النقطة أثارت جدلا حول حق الأحزاب في الدول الخاضعة للاحتلال الأجنبي في تشكيل تنظيمات مسلحة).
من جهة أخرى يمكن لقانون الأحزاب السياسية أن ينص صراحة على حقوق وواجبات المنتسبين ومنها حق المشاركة السوية بحسب أنظمة الحزب وحق الطعن أمام القضاء في حال وجود مخالفات لأنظمة الحزب.
المبدأ الثاني: أنظمة الحزب
من المفضل أن يشترط القانون على الحزب قيد التأسيس وضع ميثاق ونظام أساسي ونظام داخلي تكون بمثابة تعريف بالحزب ومبادئه وأهدافه وتنظيم آلية تسييره.
1) البند الأول: الميثاق التأسيسي :
يكتسب الميثاق التأسيسي الذي ينطلق منه الحزب دورا هاما فيكون بمثابة بلورة للمبادئ التي يعتمدها والأهداف التي تهتم المجموعة المؤسسة ببلوغها ويساهم أيضا بإشهار الهوية السياسية والأيدلوجية الخاصة بهذه المجموعة.
2) البند الثاني: النظام الأساسي
من المطلوب أن يتضمن النظام الأساسي توصيفا لهيكلة الحزب بمختلف هيئاته ومجالسة وأجهزته وفروعه ومصالحه وأقسامه والشهب والخلايا والمجلس التأديبي الخ. وصلاحية كل جهة وكيفية تشكيلها. ومن المطلوب أن ينص على وجود سلطة عامة تقريرية وسلطة تنفيذية نابعة من إرادة السلطة العامة عن طريق الانتخاب وعاملة تحت رقابة هذه الأخيرة. وعلى النظام الأساسي أن يذكر كيفية إجراء أي تعديل على هذا النظام وما هي الجهة التي تقترح ذلك وما هي الجهة التي تقرر وما هو النصاب المطلوب لذلك. في العادة قد تأخذ السلطة التنفيذية للحزب مبادرة إعداد مشروع تعديل النظام الأساسي أو تقوم بذلك الهيئة العامة لكن سلطة القرار في هذه الشأن تكون في أيدي المؤتمر العام للحزب الذي يشكل أوسع قاعدة مؤسسية يعود لها اتخاذ قرارات بنيوية بهذا الحجم.
3) البند الثالث: النظام الداخلي:
يجب أن يتضمن النظام الداخلي للحزب تفصيلات دقيقة لعمل كل من المؤسسات الحزب ومجالسة وهيئاته وأجهزته والخلايا والشعب والأقسام والمصالح ويجب أن ينص النظام الداخلي بدقة على نصاب الجلسات القانوني لكل مؤسسة حزبية وكيفية الدعوة للاجتماعات وضرورة وجود مهلة للدعوة وترفق الدعوة بجدول أعمال مقترح من جانب الجهة الداعية للاجتماع بحسب الأصول من المفترض أن ينص النظام الداخلي على كيفية تبوئ المسئولين في الحزب مناصبهم وان تكون الانتخابات الوسيلة الرئيسية ويرفق ذلك بتحديد مدة الولاية وإذا كانت قابلة للتجديد أم لا ونصاب جلسة الانتخاب.
ومن المفضل أن ينص النظام الداخلي على كيفية عمل المجلس التأديبي في الحزب وعلى وسائل المراجعة للأعضاء ولهيئات الحزب كافة.
المبدأ الثالث: الموارد المالية والنظام المالي
من المفترض أن يلتزم المؤسسون وضع نظام مالي للحزب تحدد فيه مصادر تمويل الحزب وكيفية إدارة أمواله، وأن يؤمن هذا النظام مبدأ الشفافية في مجال مالية الحزب لجهة مداخيله كما لجهة إنفاقه، ومن المفضل تحديد سقف للهبات العينية المقدمة للحزب مع التمييز بين مصادر الهبات أكانوا إفرادا أم مؤسسات ويجب أن يتم التمييز بين الهبات العينية وتلك المالية بالإضافة إلى تحديد قيمة تسديد الاشتراكات المستحقة على العضو قبل الترشيح لأي منصب حزبي وأحيانا قبل ممارسة حقه في الانتخاب داخل الحزب.
يمكن أن ينظم القانون مساعدة مالية تمنحها الدولة للأحزاب توزع على أسس شفافة ومن خلال معايير واضحة ويمكن أن تقسم المساعدة المالية العامة للأحزاب إلى أشطار مختلفة ومنها:
– حد أدنى يوزع على جميع الأحزاب العاملة قانونا بالتساوي.
– حد معين يوزع على أساس الأصوات والمقاعد التي نالها الحزب في الانتخابات النيابية.
– حد معين يوزع بناء على تحقيق الحزب لبعض متطلبات القانون ومنها ما يتعلق بالتسيير الداخلي الديمقراطي للحزب أو بمشاركة النساء والشباب في الحياة الحزبية والانتخابية. ويمكن أن ينص القانون على مساعدات غير مباشرة تقدمها الدولة للأحزاب بما فيها إعفاءات من الضرائب واستعمال مجاني للمباني العامة لإقامة النشاطات والاستفادة من مجانية في الإعلام الرسمي وغيرها.
المبدأ الرابع: الطعون والجزاءات
يفضل منح الأعضاء في الحزب حق مراجعة القضاء العادي والطعن بأحد قرارات أو إجراءات الحزب أمام القضاء في حال كان هناك مخالفة صريحة من قبل أي من المسئولين الحزبيين لأنظمة الحزب المعمول بها. وفي حال كان هناك خرق من قبل الحزب للدستور أو للقوانين المرعية أو تهديد الانتظام العام في البلد من جراء ذلك يعطي الحق للحكومة أو الوزارة ذات الصلة صلاحية المراجعة أمام القضاء المستعجل.
وتتراوح الأحكام بين إلغاء القرار أو الإجراء المتخذ والمخالف للدستور أو القوانين أو لأحد أنظمة الحزب وبين تعليق نشاط الحزب مؤقتا وتجميد مفاعيل بعض قراراته، وبين حل الحزب في الحالات التي يتبين فيها أن ممارسته تشكل تهديدا صريحا للانتظام العام. وتجدر الإشارة إلى أن الهيئة العامة أو الجمعية العمومية للحزب تستطيع هي أيضا اتخاذ قرار حل الحزب وتخطر الجهات الحكومية ذات الصلة بذلك فتقوم الأخيرة بإشعار القضاء ليتولى تصفية ممتلكات الحزب وأمواله حسب الأصول.
المبدأ الخامس: المؤسسات ذات الصلاحية لرعاية شؤون الأحزاب
يمكن أن يستحدث قانون الأحزاب مديرية أو مصلحة أو دائرة أو وحدة خاصة لإدارة شؤون الأحزاب السياسية لدى الإدارة العامة في الدولة ومن الممكن أن تكون تابعة لوزارة العدل أو وزارة الداخلية أو هيئة قضائية أو لهيئة عامة مستقلة كاللجنة العليا للانتخابات تقوم هذه الوحدة باستلام ملفات الأحزاب السياسية عند تأسيسها ودراستها والتحقق من صحة المعلومات التي تحتويها المستندات ثم ترفع تقريرا إلى الجهة التابعة لها التي تبت بطلب الترخيص أو تأخذ علما بإنشاء الحزب بحسب التشريعات السارية في الدولة تقوم هذه الوحدة الإدارية بمتابعة عمل الأحزاب السياسية القائمة وتتلقى مراسلاتها وتضع أرشيفا خاصا بكل المستجدات المتعلقة بعمل الأحزاب السياسية وأنشطتها.
المبدأ السادس: تشجيع مشاركة النساء والشباب
يعتبر تشجيع مشاركة النساء والشباب السياسة ممارسة جيدة وبالتالي يرى البعض أن ينص القانون على تخصيص كوتا للنساء والشباب في المواقع القيادية للحزب ويمكن أن تعتمد.. ومن جهة أخرى في حال قررت الحكومة تخصيص الأحزاب السياسية بمساعدات مالية يمكن إدخال مبدأ الكوتا النسائية والشبابية ضمن شبكة المعايير التي قد تعتمدها الحكومة لتوزيع المساعدات على الأحزاب.
المبدأ السابع: أسباب موجبة
يمكن أن يتضمن القانون أسبابا موجبة مرافقة للمشروع تتضمن لمحة تاريخية عن وضع الحريات العامة والديمقراطية في الدولة ولمحة عن نشأة الحياة الحزبية فيها وتأتي على ذكر ضرورة التوفيق بين مبدأ حرية العمل السياسية من جهة وأهمية تنظيم هذا العمل احتراما للنظام العام ولحريات الآخرين وحقوقهم بالإضافة إلى أهمية مأسسة الحياة السياسية وتذكر الأسباب الموجبة الخيارات التي رسمها مشروع القانون وتبرر هذه الخيارات.
المبدأ الثامن : أحكام انتقالية
عند وضع نص قانون خاص لتنظيم الأحزاب السياسية لأول مرة أو عندما يتم تعديل قوانين نافذة يفضل أن يتضمن القانون الجديد أحكاما انتقالية بهدف إعطاء الأحزاب السياسية القائمة فرصة لتسوية أوضاعها وفي هذه الحال يعطي القانون مهلة محددة للأحزاب القائمة لإيداع الدائرة أو المديرية المختصة ملفا كاملا بأنظمته الأساسية (وثيقة تأسيسية، نظام أساسي، نظام داخلي، سجلات المحاضر، وكذلك سجلا ماليا يتم ترقيمه من قبل الدائرة) ويتضمن الملف لائحة بأسماء المسئولين ومواقع مسؤوليتهم الحزبية وعناوينهم ومستندات خاصة بممتلكات الحزب المنقولة وغير المنقولة وغير المنقولة ومستندات خاصة بمقرات الحزب حيث وجدت في ضوء ذلك تعد الدائرة مشروع قرار بتسوية أوضاع الحزب وترفعه إلى الجهة المعنية التي تصدر قرارا بذلك.
توصيات عامة
1- القوانين الأخرى ذات الصلة:
على البرلمان مراجعة بعض القوانين بالإضافة إلى قانون الأحزاب والتي يمكن أن تؤثر على عمل الأحزاب وذلك لخلق إطار تشريعي متجانس ومتكامل وفضاء أوسع للعمل الحزبي الديمقراطي (مثلا قانون الانتخابات، قانون تحديد سقف للنفقات الانتخابية، قانون الإعلام، قانون المطبوعات، قانون الجمعيات، قانون التجمع، بالإضافة إلى النظام الداخلي للبرلمان الخ).
2- آلية وضع قانون خاص لتنظيم عمل الأحزاب السياسية:
من المفيد جدا أن يترافق وضع أي قانون في هذا المجال مع سلسلة من اللقاءات المفتوحة مع قوى المجتمع المدني على اختلافها (أحزاب، نقابات، جمعيات الخ ) من اجل التداول معها في هذا الشأن ومن المفضل إخضاع أي مشروع قانون لتنظيم الحياة الحزبية لتداول شعبي وسياسي واسع يستوعب مشروع القانون هواجس البعض وحقوق البعض الآخر وليقيم توازنا بين حرية العمل السياسي من جهة وضرورة المحافظة على امن المواطنين من جهة أخرى.
Share this Post