قام مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بتنظيم ورشة عمل إعلامية في العاصمة اللبنانية “بيروت” بعنوان “الكارثة الإنسانية في دارفور والإعلام العربي”، وذلك بالتعاون مع المنظمة الفلسطينية لحقوق الإنسان، وجمعية الدفاع عن الحقوق والحريات (عدل) بلبنان. جاءت فعاليات الورشة خلال يومي السبت 25 مارس والأحد 26 مارس – وقد بلغ عدد المشاركين نحو 40 مشاركاً من رؤساء تحرير الصحف، وكتاب الأعمدة والصحفيين والإعلاميين – مثلوا 20 صحيفة و4 قنوات تليفزيونية ومحطة إذاعية – أيضا كان من بين المشاركين كتَّاب وأكاديميين من 11 دولة عربية (الإمارات– الأردن– لبنان- البحرين– السعودية– السودان– الكويت– تونس– سوريا– قطر- مصر), فضلا عن مشاركة ممثلين لعدد من المنظمات الدولية و القانونيين والناشطين الحقوقيين الذين جاء بعضهم خصيصًا من إقليم دارفور كشهود عيان على الكارثة. وكان مركز القاهرة – منذ بداية العام الحالي– قد شرع في تنفيذ برنامج عن الكارثة الإنسانية وأوضاع حقوق الإنسان في إقليم دارفور، ومن بين أهداف البرنامج المساهمة في الجهود المبذولة للتوصل لحل سلمي دائم وعادل, من خلال جذب انتباه المجتمعات العربية لضرورة المساهمة في حل مأساة دارفور. إستهدفت الورشة الإعلامية الاستجابة لاحتياجات الإعلام العربي, في تقديم صورة صادقة لحقيقة الأوضاع في هذا الإقليم المنكوب؛ وجذب انتباه القارئ والمشاهد في المنطقة العربية, من أجل خلق وعي وتضامن عربي ضد الانتهاكات المأساوية التي يتعرض لها مواطنو دارفور منذ سنوات, الإطلاع على الدوافع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي أدت إلي تفاقم لأزمة, وكذلك الوقوف على تطورات المفاوضات بين أطراف النزاع, والتوعية بدور المؤسسات الإقليمية والدولية المهتمة بالقضية, وأزمة العدالة في دارفور والنزاع بين المحكمة الجنائية الدولية والقضاء السوداني, ودور الإعلام العربي تجاه أزمة دارفور. كذلك ناقش المشاركون عددا من القضايا الأخرى وكان أبرزها:
1. مدى صحة تحذير الأمم المتحدة من كارثة إنسانية مرتقبة في دارفور بسبب قلة المعونات وتعرض قوافل الإغاثة لهجمات مستمرة.
2. مدى حاجة دارفور لتدخل قوات دولية.
3. استيضاح الجدل حول أزمة العدالة وحاجة دارفور لتدخل المحكمة الجنائية الدولية، ومدى كفاءة وفاعلية وحيادية القضاء السوداني كبديل لتطبيق العدالة في الجرائم التي ارتكبت في دارفور.
4. مقارنة المعلومات المنشورة من قِبَل المؤسسات الدولية والإعلام الغربي حول حجم الانتهاكات في دارفور، والتقارير المعاكسة الصادرة عن بعض المؤسسات العربية والإسلامية.
وقد تنوعت محاور ورشة العمل في عدة اتجاهات، فقد قد معظم المشاركون أوراق عمل تناولت مختلف القضايا المتعلقة بالأزمة أعقبت بمداخلات ونقاش من الحضور، كما تضمنت أيضا عرض أفلام وثائقية تجسد المأساة التي يمر بها مواطنو الإقليم، هذا بالإضافة إلي إفادات من شهود عيان.
برنامج الورشة الإعلامية:-
1- جلسة الافتتاح:-
بدأت ورشة العمل بعرض فلم وثائقي من إنتاج شبكة المعلومات الإقليمية المتكاملة (IRIN) بعنوان (Peace under Fire) عن أوضاع النازحين والوضع الأمني في إقليم دارفور, كذلك عرض الفلم وجهة نظر الحكومة السودانية واحدي حركات المعارضة المسلحة لأسباب الصراع من خلال مقابلات أجريت مع ممثلين للطرفين.
أ- تحدثت أولا المحامية د. ميرى غنطوس رئيسة جمعية الدفاع عن الحقوق والحريات (عدل) بلبنان: بعد الترحيب بالحضور, قدمت د. ميري نبذه تعريفية عن أهداف جمعية الدفاع عن الحقوق والحريات, ثم أشارت إلي أن ورشة العمل موجهه في المقام الأول للإعلاميين العرب لكي يقفوا علي حقيقة الأوضاع في إقليم دارفور الذي يمثل جزا من العالم العربي, وشددت علي ضرورة ربط المواطن العربي بما يحدث في دارفور, حيث وصفت الفظاعات التي تحدث في دارفور بللا إنسانية. واختتمت حديثها مناشده الإعلاميين العرب أن يساهموا في تقصي حقائق ما يحدث في هذا الإقليم المنكوب.
ب- الأستاذ محمد النجار تحدث عن المنظمة الفلسطينية لحقوق الإنسان (حقوق) بلبنان:
قال أن الهدف الأول للجميع هو التحرك لإيجاد حل عاجل يخفف من حجم المأساة. وأكد انه لم يعد من المقبول التغاضي عن الجرائم التي ترتكب بحق الإنسانية تحت أي ذريعة أو حجة، قومية كانت أم دينية. فالإنشطار الاجتماعي الذي تشهده بعض الدول في المنطقة العربية والذي يشكل السودان مثالا واضحا عليها، تعود بالدرجة الأولى إلى الأساليب التي تم انتهاجها من قبل النظم الحاكمة لناحية التعاطي مع مواطنيها باعتبارها الضمانة الأكيدة للبقاء والاستمرارية، وبهذا تكون قد شرعت الأبواب أمام التدخل الخارجي. كما أشار إلى الدور الهام للنخب الإعلامية العربية وللعاملين في الحقل الاجتماعي/الثقافي والنشطين في مجال الخدمة العامة من شخصيات ومؤسسات وجمعيات مجتمع مدني عربي، في تسليط الضوء على كافة القضايا والمشاكل التي يواجهها العالم العربي بشكل موضوعي بعيدا عن أي تحيّز.
ت- الأستاذ عبد المنعم الجاك تحدث إنابة عن أعضاء المجلس الاستشاري لبرنامج دارفور الذي ينظمه مركز القاهرة مفصلا أهداف المشروع, وسرد الأنشطة التي سبقت الورشة الإعلامية واختتم حديثة بالتذكير بان هذه الورشة تعتبر الأكثر أهمية بين أنشطة البرنامج حاثا الإعلاميين علي ضرورة إفراد مساحة اكبر لقضية دارفور.
ث- في كلمته, رحب ألأستاذ بهي الدين حسن, مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بالمشاركين. وتحدث عن أزمة دارفور من منظور حقوقي حيث تطرق للأبعاد المختلفة للكارثة الإنسانية في هذا الإقليم, وأشار للحاجة الماسة لربط المواطن العربي بما يحدث في دارفور. حيث قال إن المواطن العربي غيبت عنة الحقيقة بينما الحكومات العربية غيبت نفسها. كما أشار إلي المصادفة التي حدثت قبل ابتداء الورشة بساعات وهي تفويض مجلس الأمن للامين العام للأمم المتحدة بان يتخذ التدابير اللازمة لتحويل بعثة الاتحاد الإفريقي إلي قوات تابعة للأمم المتحدة, مشيرا إلي أن مثل هذا الحدث يعتبر تحولا كبيرا في مسار أزمة دارفور.
2- الجلسة الثانية: أزمة دارفور الأبعاد الاقتصادية والسياسية وآفاق الحلول :-
أ- الكاتب الصحفي واستاذ الاعلام بجامعة الخرطوم – د. مرتضي الغالي (صراع السلطة والثروة في دارفور)
تناولت الورقة أسباب الصراع السياسية والاقتصادية حيت استعرضت لمحة تاريخية عن الآقليم المضطرب، تطرقت الورقة أيضاً للطبيعة الجغرافية للإقليم الذي تتقاطع حدوده مع ثلاث دول هي ليبيا وتشاد وأفريقيا الوسطى وأشارت إلي أن هنالك قبائل مشتركة بين الإقليم والدول المتخامة. وقد صنفت الورقة أسباب الصراع إلي أسباب رئيسية وأسباب فرعية. كما اشارت أيضا إلي الدور الذي تلعبه كلا من الأطراف الداخلية والعناصر الخارجية في تأجيج الصراع. وترى الدراسة أن أسباب الصراع يمكن أن تتركز حول المحاور التالية:
• التنافس حول الموارد (بما فيها الأرض).
• الأبعاد التنموية.
• الأوامر السياسية.
• العداوة الثأرية والصراع القبلي – الأثني.
وعلى مستوى آخر
• التقلبات البيئية والمناخية.
• انتشار السلاح (المليشيات – النهب المسلح).
• حروب واضطرابات دول الجوار.
• اختلاف أنماط حياة المزارعين والرعاة.
وعلى مستوى ثالث
• ضعف الإدارة الأهلية.
• طبيعة الفيدرالية.
• الفاقد التربوي والعطالة.
وإحدى للأسباب السياسية للأزمة كما ذكرت الورقة هو تطبيق النظام الفيدرالي في عام 1991 الذي أعاد تقسيم السودان من تسع إلى 26 ولاية وكان نصيب دارفور ثلاث ولايات، وكان هذا النظام الفيدرالي صورياً بغير مشاركة سياسية واسعة ولم ينقل السلطة إلى الشعب ولكن أحدث مركزيات إقليمية مسيسة خاضعة للمركز وقد حدث صراع حول اختيار العواصم ومطالبات بإنشاء ولايات على أساس قبائلي عرقي.
خلصت الورقة إلي أن النزاع في مجمله متعدد الأسباب منها ما هو جوهري ومنها ما هو ثانوي, والتمييز بينهما يحتاج لشيء من الدراسة المتأنية وتوخي الحزر من الانحياز لطرف ما والالتزام بالموضوعية, وكذلك العوامل المؤثرة علي الصراع منها ما هو داخلي ومنها ما هو خارجي ويتباين الاثنين كذلك بين رئيسي وما هو ثانوي.
وفي ختام حديثه قدم الدكتور مرتضي الغالي صورة حول ما يدور في أبوجا من مفاوضات سياسية بين الحكومة السودانية وفصيلي المعارضة المسلحة بشأن دارفور.
ب. أ. مازن شقورة (فلسطين)، مكتب الأمم المتحدة/ بيروت (انتهاكات منهجية لحقوق الإنسان في دارفور)
قدم الأستاذ مازن شقورة شهادته الحية والتي وقف عليها من خلال عمله لمدة 14 شهرا كمراقب لحقوق الإنسان في دارفور ضمن بعثة الأمم المتحدة في السودان. وقد شدد أثناء شهادته على إن ما يحدث في دارفور ليس معزولا عن السياق السوداني ككل، وأن القوات الإفريقية نجحت بمقدار ما تم تقديمه لها من دعم وأخفقت بمقدار ما ينقصها من دعم، وأن توصيف الحكومة للصراع أنه بين رعاة عرب رحّل ومزارعين أفارقة تم استخدامه لأغراض سياسية، وأن ميليشيا الجنجويد أصبحوا جزءا من المؤسسة الأمنية الرسمية ومن أدوات إنفاذ القانون، وأنه لا يوجد حق إنساني لم يتم انتهاكه، وأن هناك مساواة في الظلم بين العربي وغير العربي، وأن الفظاعات في دارفور متنوعة، منها القصف من الجو والتهجير والتشريد والقتل والاختفاء القسري واللصوصية والعنف الجنسي وسوق السبايا واغتصاب النساء والبنات الصغار والاعتداء على المدارس وحرق القرى وتدميرها، وأن ثقافة الإفلات من العقاب أمر حقيقي، وأن قائمة المتهمين الـ 51 التي أعلنتها الأمم المتحدة والمتورطين بارتكاب انتهاكات في دارفور يجب أن تكون أطول من هذا العدد.
3. الجلسة الثالثة: أبعاد الكارثة الإنسانية في دارفور – (شاهد من أهلها)
في بداية هذه الجلسة تم عرض الفيلم الوثائقي ” living with refugees ” الذي يحكي مأساة النازحين في دارفور ويصور رحلة بعض الأسر الدارفورية من مناطق النزاع في دارفور إلى مخيمات اللاجئين داخل الحدود التشادية، حيث تتبع المخرج هذه القافلة سيرا على الأقدام وعاش مع اللاجئين عدة أسابيع عكس فيها التفاصيل الدقيقة لحياتهم ومعاناتهم في الحصول على المواد الغذائية من المنظمات الغوثية، كما سرد بعض أهل دارفور المآسي التي تعرضوا لها من قتل ونهب وتشريد.
أ. أ. هاشم محمد الأمين – مدير اللجنة الشعبية السودانية للإغاثة وإعادة التعمير نيالا– دارفور
دارت ورقة الأستاذ هاشم حول محورين رئيسيين تعرض المحور الأول لمجمل الأسباب والدوافع التي أججت الصراع المسلح الآن في الإقليم ومحاولة فهم وتحليل تلك الأسباب تحليلاً موضوعياً لارتباط تلك الأسباب بالنتائج التي وصلت إليها الأزمة الآن في دار فور وبفرضية أن التحليل الموضوعي لمسببات النزاع المسلح سيؤدي إلي وضع المعالجات النهائية للأزمة.
بينما ركز الجزء الثاني من الورقة على فاعلية المنظمات الإنسانية في تخفيف معاناة المتأثرين بالنزاعات المسلحة بتركيز علي حالة ولاية جنوب دار فور بوصفها الأكثر تأثراً بالنزاع والتعقيدات التي تصاحب عملية إيصال المساعدات الإنسانية للمتأثرين بذلك النزاع ، وإبراز دور منظمات المجتمع العربي في هذا الصدد
وقدرت الورقة عدد المنظمات العربية العاملة بالإقليم بـ 5أو 6 منظمات في أحسن الأحوال، بينما يقدر عدد المنظمات السودانية والغربية بالعشرات. وشددت الورقة على الحاجة الماسة للمنكوبين بهذا الإقليم إلي الغوث الإنساني العاجل في مخيمات النازحين داخليا واللاجئين.
ب. أ. خليل محمد بخيت _ المنظمة السودانية للتنمية(SUDO)– مدير مكتب الفاشر, دارفور
الأستاذ خليل المحامي وهو ينتمي لأحدى القبائل الإفريقية بالإقليم، تطرق في مساهمته إلي الأحوال الصحية والأمنية المتردية في دارفور فضلا عن شح المواد الغذائية والأدوية. فعلى المستوى الصحي أشار خليل إلي أن أهم المشكلات الصحية هي ما تتعلق بالنساء والأطفال حيث أن معظم الوحدات الصحية في المعسكرات هي عيادات صحية ولا ترقى لمصاف المستشفيات من حيث التجهيزات الصحية من أدوات وكادر ومعدات وغيره. وبالرغم من مجهودات برنامج الغذاء العالمي إلا أن هناك حاجة ماسة لمزيد من الغذاء خاصة في المعسكرات والقرى التي لم يتم النزوح منها والتي يتعذر الوصول إليها إما بسبب الوضع الأمني. أما على الصعيد الأمني فقد ركز خليل على إن أزمة العدالة من أهم المعضلات هناك، وأوضح أن النساء يتعرضن لاعتداء جنسي بقسوة وبصورة منظمة، باعتبار أن الاغتصاب يتم كوسيلة من وسائل الحرب لإذلال عرقيات محددة وإجبارها على النزوح للاستيلاء على أراضيها، وترسيخ واقعة الاعتداء في أذهان الضحايا بغرض إيجاد إرث اجتماعي لمجموعات عرقية تشعر بالدونية والإذلال طوال بقية حياتها.
ج. أ. أحلام المهدي – منظمة أحلام للأمومة والطفولة ( نيالا – دارفور)
تحدّثت أحلام عن الأوضاع الكارثية في الإقليم. وتطرقت لموضوعات تتعلق بأنشطة المنظمة الإنسانية التي تعمل فيها وخاصة تأهيل النساء المغتصبات في الإقليم المنكوب. وقد لفتت انتباه الحضور بما أوردته من وقائع عن اغتصاب بنات قاصرات وعن تناوب عشرة رجال على امرأة واحدة وعن زواج رجال كثيرين بأربع نساء وتطليق واحدة للزواج من خامسة. وفيما ظلت تشدّد على أن مجتمع دارفور كان متماسكا، ألحّت في القول إن قضية الاغتصاب كبيرة، وأن الظلم المريع في الإقليم يستهدف النساء من كل القبائل. وحول أعمال الإغاثة في المنطقة المنكوبة – قالت أحلام – إن المنظمات العربية للإغاثة التي ذهبت لدارفور لم تكن تثق بالمنظمات السودانية غير الحكومية مما قلل من جهود إغاثة المحتاجين في المنطقة المنكوبة – وأضافت أحلام التي كانت شاهدة على الأوضاع أن عمليات الاغتصاب لم تكن ترتكب للذة بل بغرض الانتقام. وحول الأرقام الحقيقية للاغتصاب والتي وصلت الي الآلاف، قالت اجلام ان النساء لا يعترفن حفاظا على الشرف.
4. الجلسة الرابعة: أبعاد الكارثة الإنسانية في دارفور – (شهادة مراقبين)
أ. أميرة عبد الرحمن (السودان) – باحثة زائرة- الجامعة الأمريكية بالقاهرة
شاركت الأستاذة أميرة بعرض تقديمي تناول تعريف المشاركين في الورشة بتاريخ الصراع في دارفور انطلاقاً بأهم المحطات التي مر بها الصراع منذ اندلاعه في عام 2003 وحتى الوقت الراهن. ذكرت المحاضرة التقدمية أن سكان عدد دارفور يبلغ حوالي 6 ملايين نسمة يشكلون حوالي 13% من العدد الكلي لسكان السودان. ركز العرض أيضا على الطرق التي استخدمتها الحكومات المركزية المتعاقبة لتسليح الميليشيات الموالية لها والتي كونت فيما بعد الميليشيات التي تعرف حاليا بميليشيا الجنجويد. التسلسل الزمني الذي شمله العرض ركز على البعد الإنساني للكارثة والمساعي الإقليمية والدولية المبذولة في اتجاه وضع حد للصراع.
ب. أ. فادي القاضي (الأردن) – المتحدث باسم هيومن رايتس ووتش في الشرق الأوسط
قام استاذ القاضي بعرض فيلم وثائقي أنتجته منظمة هيومن رايتس وتش حول الانتهاكات البشعة التي ترتكب في دارفور. أتبع ذلك بحديثه عن عمل المنظمة في توثيق تلك الانتهاكات التي وصفها بالمريعة – ودحض ادعاءات الحكومة السودانية حول تبسيط الأزمة.
ج. أ. معتز الفجيرى (مصر) منسق البرامج – مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
قدم الأستاذ معتز ورقة بعنوان ” أبعاد الكارثة الإنسانية بدارفور ” إعداد الأستاذ مساعد محمد على من مركز الأمل لعلاج وإعادة تأهيل ضحايا العنف (دارفور/ نيالا), تناولت في مقدمتها الموقع الجغرافي والمناخ السكان والتكوين العرقي ثم استعرضت النزاعات القبلية المسلحة, التهجير ألقسري للسكان المدنيين حرق وتدمير قرى المدنيين الهجمات العشوائية وقتل المدنيين.
كما تناول أيضا عرض تفصيلي لأهم المؤشرات التي وردت في التقرير الشهري للأمين العام للأمم المتحدة (مارس 2006) عن دارفور.
د. أ. عبد المنعم الجاك (السودان) – باحث مستقل – تحالف المنظمات الأفريقية من اجل دارفور
روى الأستاذ عبد المنعم شهادته حول الكارثة الإنسانية وأزمة حقوق الإنسان من خلال احتكاكه الشخصي والمهني بالأزمة، وتحدث عن سؤال الهوية كنقطة تقاطع رئيسية في فهم والتعامل مع وضع حقوق الإنسان والكارثة الإنسانية في دارفور. أشار كذلك إلى خصوصية نشأة وتطور تحالف المنظمات الأفريقية من اجل دارفور وهوية هذا التحالف في التعامل مع الكارثة الإنسانية، مع تركيز خاص على حجر أساس عمل التحالف ممثلا في بعثة التحالف إلى معسكرات اللاجئين والمناطق خارج سيطرة الحكومة في غرب دارفور, وسرد تفاصيل البعثة وما رآه في دارفور وكيف انه أضطر إلي إخفاء هويته كسوداني عن النازحين منعا لأي شكوك كانت قد تساورهم.
ه. كمال الجزولى – محام وكاتب وناشط في حقوق الإنسان – السكرتير العام لاتحاد الكتاب السودانيين (أزمة العدالة بين المحكمة الجنائية الدولية والقضاء السوداني)
أشار الأستاذ كمال الجزولي في بداية حديثه حول قضية الإعلام وكارثة دارفور الانسانية ، إلى ضرورة معالجة دور المحكمة الجنائية الدولية في أحداث دارفور بانفصال عن قضية التدخل الاجنبي في السودان. فاوضح أن النظام السوداني قد فوجئ بجدية القضاء الجنائي الدولي في الاهتمام بتلك القضية فانحرف بها الى الحديث عن اختراق السيادة والتدخل الاجنبي. حيث استنكر استثارة النظام السوداني والانظمة العربية ايضا لقضية السيادة عند الحديث حول حقوق الانسان على المستوى الدولي ، في نفس الوقت التي لا تستثار فيه عند الحديث عن تدخلات البنك والصندوق الدوليين.
وقدم الأستاذ كمال الجزولي سرد لنشأة وتطو ر المحكمة الجنائية الدولية مستعرضا الأسباب التي أدت إلى ضرورة وجودها، كما شرح للحضور الجوانب القانونية والإجرائية في علاقة المحكمة بمجلس الأمن مفصلا الحقوق والواجبات والصلاحيات للطرفين. ثم شرح تفاصيل تحويل ملف دارفور إلى المحكمة من قبل مجلس الأمن مفصلا كل الملابسات المتصلة به. كذلك تطرق إلى الجدل الدائر حول أهمية المحكمة في القيام بهذا التكليف وزعم الحكومة السودانية أن القضاء السوداني مؤهل للقيام بهذه المهمة مشيرا إلى خطورة رفض الحكومة التعامل مع المحكمة مما يعتبر إنكارا للشرعية الدولية.
أكد المتحدث في نهاية كلمته على أن الأزمة ليست في المحكمة الجنائية الدولية التي جاءت نتيجة نضال شعوب وتحرسها منظمات المجتمع المدني والحكومات، وانما تتمثل في تفكك الجبهة الداخلية بالسودان.
5. الجلسة الخامسة: دارفور في الضمير العام العربي
أ. أ. مجدي النعيم (السودان) – المدير التنفيذي السابق لمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان قراءة نقدية في تقارير بعض المؤسسات العربية حول دارفور.
قدم الأستاذ مجدي النعيم قراءة نقدية لتقارير بعض المؤسسات العربية حول دارفور. حيث استعرض تقارير بعثة إتحاد المحامين والمهنيين العرب وبعثة إتحاد المسلمين وبيان إتحاد الصحفيين وبعثة الأطباء، كما تطرق لتقرير بعثة الجامعة العربية في مايو 2005. و طالب مجدي النعيم بضرورة إعادة النظر في كل التقارير التي برأت الحكومة السودانية. وقال أن بعض التقارير كانت ضعيفة جدا بحيث أن الحكومة نفسها رفضتها وأشار النعيم إلى أن وزير العدل السوداني اعترف بوجود 65 حالة اغتصاب بالرغم من نفي الحكومة المطلق سابقا لوجود هذه الحالات.
ب. أ. فيصل محمد صالح، رئيس تحرير صحيفة الأضواء السودانية – هل للإعلام الغربي توجهات سياسية في تناول أزمة دار فور؟
تناولت الورقة بشكل رئيسي أهمية دور الوسائل الاتصالية والإعلامية ومدى إمكانية الحفاظ على التنوع الثقافي بسبب الفجوة الناشئة عن تطور الإعلام في العالم الغربي عن دول العالم النامي والتي تنتج أشكال أحادية تمارسها وسائل الإعلام الغربية عامة والأمريكية خاصة في فرض هيمنتها على التغطيه الإعلامية للعديد من القضايا الوطنية بالدول النامية، ودلل على وجهة النظر المنتقدة لهيمنة الإعلام الغربي والأمريكي بعرضه لأهم كتابات ابرز الباحثين والمثقفين الغربيين مثل نعوم تشومسكي، وتقرير صادر عن اليونسكو عام 1980 وهربرت تشيللر، حيث انتقدوا في الإعلام الأمريكي والغربي ازدواجية المعايير في التعامل مع القضايا المختلفة، بالإضافة إلى احتكار عدد قليل من وسائل الإعلام لمصادر الأخبار والمعرفة. ثم اخذ نماذج للتغطية الإعلامية الغربية لقضايا أهمها قضية دارفور وأشكال التناقض في التغطية الإعلامية. تعرضت الورقة أيضا لجانب آخر من الانتقادات الموجهة للإعلام الأجنبي صادره من قبل الأنظمة الشمولية التي فقدت مصداقيتها أمام العالم. خلصت الورقة إلى أن الكثير من الانتقادات الموجهة للإعلام الأمريكي والغربي منها ما يملك أسانيد موضوعية، ومنها ما يستند إلى مصالح وحسابات سياسية واقتصادية وثقافية.
ج. أحمد حسّو (سوريا)، هيئة الإذاعة الألمانية – هل يولي الإعلام العربي قضية دارفور الاهتمام الكافي؟
تناولت الورقة طرح تساؤل حول تحديد معنى الإعلام العربي نظرا لاتسامه بالاتساع في معناه وكثرة الوسائل الإعلامية المرئي والمسموع منها والالكتروني وتنوع هذه الوسائل وشكل الرسالة المقدمة، مما يتطلب تحديد طبيعة هذه المؤسسات وجنسيتها وسياساتها العامة بالإضافة إلى ما هو منها الرسمي والمستقل وغيرها من المعايير.
ثم ناقشت الورقة مدى حيادية وسائل الإعلام العربي في تعاملها مع القضايا المختلفة وشكل الخطاب المقدم، ومدى المهنية في اختيار الألفاظ التي تبرز إما انحياز الإعلامي أو موضوعيته في تعامله مع القضية وتقديمها بصورة تعكس الواقع دون تزييف. ثم انتقل الأستاذ أحمد حسو إلى تغطية الإعلام العربي لقضية دارفور, موضحا في البداية إن السودان لا يمثل أولوية للإعلام العربي, مبرزا ضعف وتبعية اهتمام الإعلام العربي بتلك القضية مثلما تناولت قضية جنوب السودان، ولم يبدأ الإعلام العربي في إبراز القضية إلا بعد تناول الإعلام الغربي لها، كما أوضح أيضا اهمال الإعلام العربي في تحري مدي صحة المعلومات المنقولة في كثير من الأحيان، إلا انه عرض على الجانب الآخر نموذجين من الإعلام العربي تناولا القضية بموضوعية ومهنية، وتلك الوسيلتين هما صحيفة الحياة اللندنية وقناة الجزيرة، اللتان اختلفا عن كثير من وسائل الإعلام العربية التي سيطرت عليها الاتجاهات الأيدلوجية والسياسات الرسمية العربية في تناولها وعرضها للقضية.
6. الجلسة الختامية: مائدة مستديرة حول دور الإعلام العربي تجاه أزمة دارفور
قدمت مجموعة من المداخلات في بداية هذه الجلسة تناولت:
– تناولت المداخلة الاولى كيفية تناول الصحافة السودانية للأزمة والمعوقات التي تواجهها في الوصول للمعلومة الصحيحة، حيث تم سرد شكل الرقابة المفروضة على الصحافة من قبل الحكومة السودانية وكيف أن الإعلاميين الغربيين يستفيدون من إمكانيات المنظمات الدولية العاملة في دارفور للوصول للمعلومة.
– تطرق المداخلات ايضا الى المعوقات المهنية التي تحول دون وصول الإعلام العربي إلى دارفور، حيث لخصت في أن الحكومات الشمولية العربية تنتج إعلاما موجها. كما ان قلة الإمكانيات المادية للصحف الخاصة في البلدان العربية تحول دون وصولها لموقع الحدث.
– كذلك عدم دراية الصحفيين بكيفية التعامل في مناطق النزاعات المسلحة يستلزم توفير تدريب متخصص في هذا المجال. إضافة إلى اعتماد الإعلاميين في كثير من الأحوال على المعلومة التي تصلهم في أماكنهم.
– تطرقت المداخلات إلى كيفية جعل الإعلام العربي موضوعيا ومحايدا في تناول مثل هذه القضية وأشير إلى ضرورة دعوة الإتحادات الإعلامية الوطنية إلى التركيز على قضية دارفور رغم انشغالها بالقضايا المحورية في العالم العربي مثل فلسطين والعراق.
– ضرورة ترتيب أولويات الاعلام العربي في تناول القضايا المختلفة والتركيز على القضايا الداخلية وتكوين جبهة للاعلام العربي بهدف الربط بين القضايا العامة المتشابهة في دول العالم العربي المتعلقة بحقوق الانسان.
توصيات المشاركين:
• نظرا لأهمية دور الإعلام فقد أشار المشاركون إلى ضرورة تقديم تغطية تعتمد الموضوعية والمهنية في تقديم الرسالة الإعلامية التي تعكس الواقع في دارفور، بما يسهم في وضع حد للكارثة الإنسانية هناك.
• مواصلة الحوار بين منظمات حقوق الإنسان والصحفيين العرب وتبادل المعلومات والخبرات بشأن الوضع في دارفور، بهدف تعزيز الجهود الرامية لحماية المدنيين وضمان حق ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في الإغاثة الإنسانية والحماية.
• ضرورة متابعة الصحف السودانية المستقلة والتنسيق بين المؤسسات الإعلامية العربية والسودانية لتعريف الرأي العام العربي بالأوضاع في دارفور. كما أشاروا إلى الدور الايجابي الذي لعبه جزء من الإعلام الغربي في نقل أحداث الكارثة الإنسانية بدارفور إلى صدارة الاهتمام العالمي بالأزمة.
• القنوات الفضائية العربية يمكن أن تلعب دور ريادي في عكس ما يحدث في دارفور للمواطن العربي. كل ذلك يحتاج إلى تهيئة القارئ لقبول مثل هذه المعلومات، الشيئ الذي يمكن حدوثه عن طريق ربط أو تشبيه أزمة دارفور بما يحدث في بقية الدول التي تشهد أزمات في العالم العربي.
• تكوين شبكة من الصحفيين العاملين خاصة في مجال الازمات، بهدف التعريف بالمشكلة وأبعادها على أرض الواقع.
• ضرورة إنشاء موقع الكتروني تنشر فيه كل المواد والتقارير المتعلقة بقضية دارفور.
Share this Post