جنيف، 28 ديسمبر 2008
معالي السفير مارتن أوموابي
رئيس مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان
نكتب إليكم اليوم لنعبِّر عن قلقنا العميق، إزاء الموقف الراهن في قطاع غزة بالأراضي الفلسطينية المحتلة. ففي يوم 27 ديسمبر 2008، في تمام الساعة 11:30 صباحًا بدأت القوات العسكرية الإسرائيلية بقصف المليشيات التابعة لحماس، دون تمييز بين الأهداف العسكرية والأهداف المدنية، مما أدى إلى مقتل نحو 275 شخص تقريبًا في يوم واحد، وهو أكبر عدد من القتلى يسقط نتيجة للهجمات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية المحتلة في يوم واحد منذ عام 1967. ويمثل ذلك تصعيدًا غير مسبوق وفائق الخطورة على أوضع المدنيين الفلسطينيين، في ظل استمرار أعمال القتل غير القانوني من قبل إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، الأمر الذي يجعل عدد القتلى من المدنيين في ارتفاع متواصل.
ينبغي الانتباه إلى أن الحصار الحالي لقطاع غزة وإغلاقه المحكم من جانب القوات الإسرائيلية، لا يجعل لدى المدنيين الفلسطينيين مناطق آمنة يلجئون إليها. كما أسفر استعمال إسرائيل الواسع للقوة ودون تمييز، بما في ذلك أعمال القتل غير القانونية، عن تدمير ممتلكات المدنيين. كما قد تؤدي الهجمات أيضًا إلى عواقب إنسانية وخيمة؛ نظرًا لاستمرار نقص الغذاء، والمأوى، والأدوية نتيجة لإغلاق قطاع غزة.
وقد بررت إسرائيل القصف الأخير بكونه ردًا على الهجمات الصاروخية لمليشيا حركة حماس. إلا أنه بموجب القانون الإنساني الدولي، فإنه ينبغي على جميع أطراف أي صراع التمييز بين الأهداف العسكرية والأهداف المدنية، واتخاذ جميع التدابير الوقائية لمنع سقوط الضحايا من المدنيين عند إجراء أي هجمات. وفي حين أن كلاً من إسرائيل والمليشيات الفلسطينية قد انتهكت هذه المعايير في السابق، فإن القصف الإسرائيلي الأخير لقطاع غزة يعد انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان والمعايير الإنسانية بشكل غير مسبوق.
وفي ضوء هذا الموقف، فإننا نطالب مجلس حقوق الإنسان بأن يعقد جلسة خاصة بشأن أوضاع حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ويجدر بمجلس حقوق الإنسان اتخاذ خطوات فورية للاستجابة للأزمة، وينبغي استخدام الجلسة الخاصة لاتخاذ قرار بشأن تدابير فعلية لوقف الانتهاكات الحالية لقانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والمبادرة بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق لتقييم أوضاع حقوق الإنسان والوضع الإنساني في قطاع غزة.
كما نود أيضًا أن نلفت الانتباه إلى عملية الاعتقال والترحيل التي قامت بها إسرائيل مؤخرًا ضد المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بأوضاع حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية. وهو الإجراء الذي تم لمنعه من تنفيذ مهمته في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وينص قرار المجلس رقم A/HRC/9/9 بوضوح على أن تلتزم جميع الدول المشتركة في نزاعات مسلحة بتيسير عمل أية آلية ملائمة يتبناها المجلس للنظر في مثل هذه الانتهاكات.
ويقع على عاتق المجتمع الدولي مسئولية حماية السكان المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ولعل الفشل في معالجة الموقف على نحو عاجل وحاسم، وبعد مرور 17 يوم على الاحتفال بالذكرى الستون لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، سيضر وبشدة صورة وسمعة الأمم المتحدة، وكيانها الأساسي المعني بحقوق الإنسان – مجلس حقوق الإنسان.
إننا نطالب مجلس حقوق الإنسان بتنفيذ قرار الجمعية العامة رقم 60/251، والذي بموجبه يتعين على المجلس الأممي “معالجة مواقف انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك الانتهاكات الجسيمة والمنهجية وإعداد توصيات بشأنها.”
لقد حصدت الهجمات على الأراضي الفلسطينية المحتلة عدداً هائلاً من أرواح المدنيين وينبغي اتخاذ كافة التحركات اللازمة لوقف سقوط ضحايا بين المدنيين. ومن ثم، نناشدكم بإعمال مساعيكم الحميدة كرئيسًا لمجلس حقوق الإنسان لتشجيع جميع الدول أعضاء مجلس حقوق الإنسان بدعم انعقاد جلسة خاصة بشأن القصف الأخير لقطاع غزة.
ونشكركم على حسن تعاونكم وتفضلوا بقبول وافر التقدير،
بهي الدين حسن
مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
Share this Post