سعادة السيد الأستاذ/ صفوت الشريف
رئيس مجلس الشوري
تحية واحتراما وبعد
بعد 4 أيام في 18 يناير ينتهي الأجل القانوني للتشكيل الحالي للمجلس القومي لحقوق الإنسان المكون في 19 يناير 2004 الذي ينص القانون المنشئ له علي أن مدة أعضائه تستمر 3 سنوات ، بعدها يعود الأمر لمجلس الشوري ليعيد تشكيله.
وأنتهز هذه المناسبة لكي أشكر مجلس الشوري علي ثقته بشخصي ، واختياري عضوا في المجلس القومي لحقوق الإنسان ، وأعتذر مقدما عن عدم قبول تجديد عضويتي في المجلس ، فيما لو فكر مجلس الشوري في ذلك.
لقد سعيت قدر طاقتي خلال السنوات الثلاث الماضية للقيام بكل ما بوسعي لتأدية واجبي تجاه المجلس ، بالإسهام في المناقشات والتقارير والتوصيات ومحاولات تصويب مسار المجلس عندما رأيت أنه جانبه الصواب ، واللجوء عند اللزوم لوسائل الإعلام لعرض وجهة نظري ، عندما لم أجد استعدادا للإنصات إليها داخل المجلس، وأجد من واجبي في هذه المناسبة أن أضع أمامكم عددا من الملاحظات – الموجزة للغاية – التي سبق أن طرحتها داخل المجلس وخارجه، التي تتصل بتقييمي للمجلس الحالي وبعض الاستنتاجات فيما يتعلق بالمجلس القادم.
أولا: فيما يتعلق بالمجلس الحالي: إن المهمة الرئيسية المفترضة للمجلس القومي لحقوق الإنسان هي التأثير علي سياسات وقرارات وممارسات الحكومة في مجال حقوق الإنسان ، وإذا اقتصر دوره علي إصدار تقارير وبيانات وتوصيات تدير الحكومة ظهرها لها ، فإننا نكون إزاء «منظمة غير حكومية» إضافية تنشئها الدولة
وبالتالي تفتقر إلي السند الأخلاقي الذي تتمتع به المنظمات غير الحكومية. ومن هذا المنظور فإن تقييمي هو أن المجلس قد فشل في إنجاز مهمته ، غير أن مسؤولية هذا الفشل لا تقع فقط علي عاتق المجلس ومن ثم فإن نفس المصير يهدد أيضا المجلس الجديد ، إذا استمرت ذات العوامل التي حالت دون نجاح المجلس الحالي في مهمته خلال الأعوام الثلاثة الماضية.
عوامل عدم النجاح هي:
– عدم تعاون الوزارات والأجهزة الحكومية والمعنية مع المجلس ، حتي علي صعيد الرد علي التقارير والمراسلات والبلاغات والتوصيات والشكاوي المحولة من مواطنين ، أو الرد بطريقة تتجاهل جوهر المشكلة المثارة، بل تطور الأمر في مناسبات معينة لممارسة ضغوط أفلحت أحيانا في التأثير علي قرار المجلس.
– الافتقار للحد الأدني من التوازن في تكوين المجلس ، حيث ضم نسبة كبيرة من مسؤولين سابقين وأعضاء في الحزب الحاكم وأنصارا له ، الأمر الذي قوض في المهد استقلالية المجلس المفترضة ، رغم جهد عدد كبير من الاعضاء لتحييد ارتباطاتهم السياسية.
– عدم اعتماد إدارة المجلس الأساليب الديمقراطية والعلمية في إدارة المجلس ، مما أدي إلي عدم الاستفادة بأفضل صورة من كفاءات وطاقات الأعضاء ، وفاقم من ذلك انعدام الشفافية في العمل الداخلي للمجلس حتي فيما يتعلق بأبسط الأمور.
– اعتماد إدارة المجلس علي العلاقات الشخصية في التعيينات في الوظائف الرئيسية في أمانة المجلس بدلا من المسابقات المفتوحة ، وهو الأمر الذي أدي إلي نقص حيوي في الكفاءات المهنية المتخصصة وثيقة الصلة بدور المجلس وكان له آثار سلبية علي كفاءة اضطلاع المجلس بمهامه.
– انزلاق بعض مسؤولي المجلس إلي تصريحات عدائية ضد وسائل الإعلام ومنظمات حقوق الإنسان الأمر الذي أدي إلي تعميق فجوة عدم الثقة بينهم ومزيد من تدهور مكانة المجلس لدي الرأي العام.
ثانيا: المجلس القادم:
اسمحوا لي أن أضع أمامكم بعض المستخلصات فيما يتعلق بالمجلس القادم.
– ضرورة تعديل القانون المنشئ للمجلس بحيث يتضمن إلزاما واضحا للوزارات والأجهزة الحكومية ذات الصلة بحقوق الإنسان بالتعاون مع المجلس وتقديم كل المعلومات المتاحة له.
– ضرورة توفير مقومات الاستقلالية للمجلس الجديد ، وأحد أهم هذه المقومات هو أن يعكس تشكيل المجلس توازنا بين الاتجاهات السياسية المختلفة ، خاصة فيما يتعلق بنسبة تمثيل أعضاء الحزب الحاكم وأنصاره. ومن الضروري في هذا السياق زيادة تمثيل المنظمات غير الحكومية لحقوق الإنسان إلي الثلث وأن يتولي موقع الرئيس أو نائبه شخصية وثيقة الصلة بالمنظمات غير الحكومية وتتمتع باحترامها، علي ألا يكون هذا الشخص في موقع اتخاذ القرار داخل أي منظمة منها حتي لا تحدث ازداوجية في التمثيل أو تشويش لدي الرأي العام المحلي والدولي.
– ضرورة استطلاع رأي المختارين لعضوية المجلس قبل تعيينهم والإعلان عن التشكيل واستطلاع رأي الهيئات التي يختار أشخاص منها لعضوية المجلس «مثل المنظمات غير الحكومية والنقابات والأحزاب» في حالة اعتبار هؤلاء الأعضاء ممثلين- ولو بصورة غير مباشرة – لهذه الهيئات.
– ضرورة أن يمارس مجلس الشوري نوعا من المسؤولية تجاه المجلس القومي لحقوق الإنسان – الذي يتبعه قانونا – بما لا ينطوي علي شبهة التدخل في شؤونه أو الانتقاص من استقلاليته المفترضة. ومثال لتجسيد هذه المسؤولية هو أن يعقد مجلس الشوري جلسة سنوية – علي الأقل – لمناقشة التقرير السنوي الصادر عن المجلس بحضور أعضاء المجلس ومنظمات حقوق الإنسان والوزراء ذوي الصلة.
مع وافر الاحترام والتقدير
بهي الدين حسن
عضو المجلس السابق
مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
Share this Post