بمناسبة المحادثات المزمع انعقادها اليوم في ليبيا بين مسئولين من ليبيا، الولايات المتحدة، بريطانيا، والسودان، وتشاد، وإريتريا، والاتحاد الأفريقي، والاتحاد الأوروبي، بهدف إنهاء الصراع في دارفور بالسودان. يدعو مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ممثلي الدول والمنظمات الحقوقية الدولية للموافقة علي اتخاذ مجموعة من الإجراءات الواضحة التي من شانها دعم الحماية الفورية للمدنيين في دار فور وشرق تشاد من اجل إحياء عملية السلام المتعثرة حاليا بين متمردي دارفور وحكومة السودان.
إن هذه القمة تعد فرصة سانحة وعلى قدر كبير من الأهمية. ففي الخامس عشر من شهر ابريل 2007؛ وبعد ستة أشهر من التأخير؛ وافقت الحكومة السودانية علي البدء في المرحلة الثانية والتي تُعرف باسم “حزمة الدعم الثقيل” والتي تُعد جزء من خطة المراحل الثلاث لإنشاء قوة مشتركة بين الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة لحفظ السلام في دارفور. وبالمقابل فقد علقت كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي العقوبات المستهدفة على الحكومة السودانية. وقد ذكر السيد يان الياسون، المبعوث الخاص للأمم المتحدة في دارفور، أن الحكومة السودانية ومتمردي دارفور قد ألمحوا بأنهم لا يؤمنون بجدوى الحل العسكري للصراع الدائر هناك، وأبدوا رغبتهم في إحياء الحل السياسي كبديل. لقد أظهرت المشاورات التي أجراها مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بين الحركات المسلحة والحكومة السودانية إمكانية مثل هذا الحل.(1) وينبغي سرعة متابعة إجراءات بناء الثقة.
لقد اتخذت الحكومة السودانية، وبإصرار، استراتيجيات لمماطلة المجتمع الدولي ومنعه من تقديم الحماية للمدنيين بدارفور والذي ترفض، وربما تعجز، الحكومة السودانية تقديمه بنفسها. إن مجرد وجود محاولات حالمة رامية لإرساء السلام ووقف الانتهاكات تجاه أهل دارفور لا تعد كافية ويجب أن تتركز جهود هذه القمة على اتخاذ تدابير فورية وعملية ملموسة. وفي هذا الصدد، يتوجب على الولايات المتحدة وبريطانيا والإتحاد الأوروبي وبدعم من الاتحاد الأفريقي أن يظهروا لممثلي الحكومة السودانية أن التعليق الحالي للعقوبات المستهدفة مشروط بقيام الحكومة السودانية باتخاذ تدابير عاجلة لتنفيذ التزاماتها، والتي تتضمن: (1) السماح للأمم المتحدة بدعم مهمة الاتحاد الأفريقي في دارفور في إطار المرحلة الثانية “حزمة الدعم الثقيل” كتحضير للمرحلة الثالثة من البعثة العسكرية للأمم المتحدة. (2) تسهيل وصول وفود المنظمات الإنسانية والمساعدات، العاجل والآمن لتجمعات النازحين داخليا بالمنطقة.
كما أنه يتعين علي الولايات المتحدة وبريطانيا والإتحاد الأوروبي أن يتعهدوا رسميا باستخدام سلاح العقوبات المحتمل استخدامه بطريقة لا تعرض المدنيين في السودان لأي أذى أو تعرقل عملية السلام؛ وأن يتأكدوا من تحقيق الالتزامات السابق ذكرها عبر التشاور مع الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي.
لقد وضعت الأمم المتحدة عدة شروط حتى تتمكن من استخدام 3000 من قواتها في دارفور من بينها نزع سلاح الجنجويد والترتيب لعقد اجتماع بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة بهدف إبرام اتفاقية لوقف إطلاق النار. كما أنه يجب عليهم إدراك أن مستقبل السلام في المنطقة بأسرها يتوقف بشكل كبير علي حل الأزمة الإنسانية في دارفور.
لقد تسبب القتال الدائر منذ عام 2003 بين الحركات المسلحة في دارفور والقوات الحكومية في مصرع ما لا يقل عن 200.000 شخص وتهجير حوالي 2.5 مليون شخص من ديارهم (حيث توجه اغلبهم الي دولة التشاد المجاورة). ويستمر تفاقم الأزمة الإنسانية، فإن أعمال العنف المرتكبة من جانب المجموعات المسلحة والقوات الحكومية ضد بعضهما البعض وضد المدنيين العزل في دارفور، بل وضد عمال الإغاثة الإنسانية هناك مازالت في تزايد وخاصة منذ بداية العام 2007 الذي شهد فوضى عارمة بسبب تزايد الانقسامات في صفوف القوات المتناحرة من الجانبين. وعلاوة علي ذلك، لا تزال الحكومة السودانية تقوم بالقصف الجوي على المدنيين في دارفور بشكل سافر ومعاد للمواثيق الدولية والإنسانية، كما أنها فشلت في تقديم الحماية الكافية للنازحين داخليا في المنطقة.
Share this Post