كالعادة ..كانت منظمات حقوق الإنسان هي المتهم الأول وهدف الهجوم الحكومي المضاد الذي أعقب صدور قرار البرلمان الأوروبي بإدانة سجل حقوق الإنسان في مصر ..وهو أمر ارتبط بنشاط عدد من المنظمات الحقوقية المصرية التي حاولت التأثير على سياسة الجوار الأوروبية حتى تهتم الحكومة بقضايا حقوق الإنسان وتتوقف عن الانتهاكات التي ترتكبها ..ووسط هذة الأحداث فاز مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بواحدة من ارفع جوائز حقوق الإنسان الأوروبية وهى جائزة الدولة الفرنسية لحقوق الإنسان تقديرا لمجمل نشاط المركز في مجال حوار الثقافات الذي يهتم به المركز منذ بداية عمله في تسعينات القرن الماضي ..وعلى الرغم من أهميه الجائزة والتقدير الفرنسي لبهي الدين حسن وهو واحد من الآباء المؤسسين لحركة حقوق الإنسان المصرية إلا أن الأمر مر دون أن يتوقف احد عنده رغم الاهتمام الفرنسي الكبير بدور المركز وبالتقدير الذي منحته الدولة الفرنسية لحركه حقوق الإنسان المصرية.
حسن الذي كان قد استقال منذ سنه من عضويته في مجلس حقوق الإنسان لاعتراضه على مواقفه الضعيفة في مواجهه انتهاكات حقوق الانسان اكد لنهضه مصر ان اداء المجلس تدهور فى الفترة الاخيرة واصبح يلعب ادوارا ليست من اختصاصه .
كما اكد ان قرار البرلمان الاوروبى الاخير تتحمل مسئوليته الحكومه المصرية التى تعاملت باستهانة مع وفود البرلمان الاوروبى التى جاءت الى مصر لمناقشه هذة القضايا على مدار الاعوام الماضيه والى نص الحوار :
هناك اتهامات موجهه لمنظمات حقوق الإنسان بأنها كانت تقف وراء قرار الاتحاد الأوروبي من وجهه نظرك من المسئول عن صدور هذا القرار ؟
المسئول الأول عن القرار هو الحكومة المصرية التي لا تبالي بالرد على أي تساؤلات تتعلق بحقوق الإنسان في مصر سواء كانت هذة التساؤلات من البرلمان الأوروبي أو من الأمم المتحدة وهيئاتها المتخصصة أو المنظمات الدولية أو المصرية أو المجلس القومي لحقوق الإنسان الذي أنشأته الحكومة بنفسها أو حتى لجنه حقوق الإنسان بمجلس الشعب وبالتالي فهي تتحمل المسئولية الأكبر في هذا القرار لأنها لا تقدم إجابات لأحد وإذا قدمت إجابات فهي تقدم اجابه شكليه فارغة من اى معلومات جادة أو محددة وهذا هو سبب كل التقارير المحلية أو الدولية التي تنتقد أوضاع حقوق الإنسان في مصر .
كيف ترى رد الفعل المصري على القرار وما تقييمك له ؟
رد الفعل المصري لم يتعامل مع مضمون القرار على الإطلاق فهو لم يرد على ماجاء فى التقرير ولكنه جاء على طريقه ضرب كرسي فى الكلوب بمعنى ان كل الانتقادات التى جاءت في القرار لم يتم الرد عليها فعلى سبيل المثال القرار تحدث عن اغلاق منظمتين تم اغلاقهما بشكل تعسفى فى الوقت نفسة لم توضح الحكومة المصرية هل تم اغلاقهما بشكل تعسفى او انه تم اغلاقهم ام لا وهذا المثال البسيط يجسد طبيعة تعامل الحكومة مع القرار وهذا النمط من الردود المصرية يتكرر مع كل الاطراف ليس فقط الاوروبية ولكن مع الاطراف الوطنية ايضا والهدف من صدور الرد بهذة الطريقة هو الابتعاد بانتباة الراى العام عن مضمون القرار ليركز على مسائل اخرى تخاطب الشعور الوطنى او القومى اى جذب انتباة الراى العام بقضايا ليس لها صلة بمضمون القرار وهو ما سبق اتباعة فى مناسبات اخرى .
الملاحظة الثانية على الرد الفعل المصرى هو ان الرد لم يكن يستهدف التاثير على عملية التصويت على القرار لانة لم يكن قد بقى سوى عدة ساعات على اصدارة ولكن الرد بهذة الصورة يستهدف مشاريع قرارات ومواقف ستأتى حتما سواء من البرلمان الاوروبى او من اطراف دولية اخرى خاصة ان الحكومه لديها خطة تشريعية واجرائية تواصل بها انتهاك حقوق الانسان فى عدة مجالات وبالتالى فان الانتقادات الدولية والمحلية ستثير انتقادات محلية ودولية وهى تحاول بهذا الرد ان تحبط همة الاطراف الدولية بشكل خاص عن معاودة الانتقاد لان مايزيد من قلق الحكومة المصرية بشكل خاص هو صدور انتقادات من المجتمع الدولى فيما لاتبالى بانتقادات الراى العام الوطنى .
هل ستتراجع منظمات حقوق الانسان عن المشاركة فى اتفاقات الشراكة بعد هذا الهجوم الذى اعقب القرار ؟
المشاركات فى الاتفاقات الدولية اسلوب من اساليب عمل منظمات حقوق الانسان خاصة وان هذة الاتفاقات تتضمن قضايا حقوق الانسان ضمن اطارها العام وسنواصل هذا العمل .
هل سيؤثر القرار على المعونات الاوروبية القادمة الى مصر ؟
لا اتوقع اى تاثير على المعونات الاوروبية لمصر لان من يدير هذا الملف هو المفوضية الاوروبية وليس البرلمان الاوروبى وهو جهاز يضع فى اولوياتة المصالح الاستراتيجية والامنية مع مصر وهى اولوية حاسمة حتى لو كانت على حساب اعتبارات احترام حقوق الانسان .
هل معنى ذلك ان هذا القرار مجرد انتقاد ادبى بلا تاثير عملى ؟
هذا القرار قيمتة الاساسية ادبية ذات مغزى سياسي والحكومة تدرك ذلك جيدا وبعض التصريحات الحكومية على القرار حملت هذا المعنى ضمنا وان كانت ستواصل انتقاداتها العنيفة بهدف اجبار الاوروبيين على عدم تكرار ذلك مرة اخرى
هناك قصه وراء فوز مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بجائزة الدولة الفرنسية لحقوق الإنسان ..ما هي تفاصيلها ولماذا تجاهلكم الإعلام الرسمي رغم أنها من ارفع جوائز حقوق الإنسان الدولية ؟
في البداية لم نكن أول مؤسسة تحصل على الجائزة فقبلنا كانت دار الخدمات النقابية والعمالية عام 99 ولكن للاسف تم اغلاقها مؤخرا وفى هذا المشهد مغزى مهم وهو كيف تتعامل الدول الديمقراطية التى تحترم حقوق الانسان مع المنظمات التى تدافع عن هذة الحقوق والتى تسعى لتكريمها فى الوقت نفسة نجد حكومات اخرى تنظر الى هذة المنظمات باعتبارها مؤسسات يجب اغلاقها والقضاء عليها فاذا اضفنا للمشهد ماحدث من اغلاق لجمعية المساعدة القانونية لحقوق الانسان وما يجرى طبخة الان بالنسبة لقانون الجمعيات الاهلية نجد انها كلها مؤشرات تدل على مزيد من التدهور والاعتداء على حقوق الانسان . اما المشروع الذى فزنا به فكان وثيق الصلة بمشروع انشاء مركز القاهرة نفسة والذى انطلق من وجود ثلاث قراءات لمشكلة حقوق الانسان فى العالم العربى اولها تدور حول رؤية البعض الى ان سبب غياب حقوق الانسان هو طبيعة النظم الاستبدادية السائدة فى العالم العربى والثانى هو انها مشكلة ثقافية تتعلق بثقافه الشعوب ذاتها وان هذا لايستبعد وجود تجاوزات تقع هنا وهناك واصحاب هذا الاتجاة غالبا ما يكونو قريبين من الحكومات مثل المجلس القومى لحقوق الانسان والذى اختزل المشكلة فى الثقافة وتعديل بعض التشريعات ثم كانت هناك وجهة نظر ثالثة عبر عنها المركز فى وثيقة تأسيسة وهى ان المشكلة الفادحة لحقوق الانسان العربى لايمكن اختزالها فقط فى الاستبداد فى نظم الحكم وان كان قد اعترف بوجود استبداد يتحمل مسئولية اساسية عن مدى انحطاط وضعية حقوق الانسان ولكن ايضا كان يعترف بان هناك مشكلة ثقافية تتصل بطبيعه تعامل الثقافة الدينية والسياسة السائدة وموقفها من قضايا حقوق الانسان وهو ما نتج عنة سؤال مهم وهو كيف يمكن تفسير استمرار هذة النظم لعقود دون ادنى مقاومة تتناسب مع مدى عنفها وتسلطها ومدى فشلها فى تحقيق اى انجازات حقيقية على الصعيد الاقتصادى والتعليمى او على صعيد العلاقات الدولية يساعد على النهوض برفاهية شعوبها فضلا عن الهزائم العسكرية التى لحقت ببعض بلداننا فى حروب كشفت مدى انهيارهم الداخلى واذا وضع ذلك فى سياق كيف تعهاملت شعوب امريكا اللاتينية مع نظم اكثر استبدادا وعسكرية وتبعية للولايات المتحدة الامريكية فى الستينات والسبعينات وكم التضحيات التى قدمتها هذة الشعوب مقابل هشاشة المقاومة فى العالم العربى لنظم لم تصل فى توحشها باستثناء نظام صدام حسين لمستوى النظم التى كانت سائدة فى امريكا اللاتينية
لماذا كان تركيز مركز القاهرة على المجال البحثى والثقافى للدفاع عن حقوق الانسان التى تحتاج لجهد عملى اكبر ؟
بالتاكيد هناك مشكلة ثقافية يجب ان توضع تحت مجهر الفحص والبحث والتامل واستخلاص النتائج الى المستقبل وفى خلال هذة السنوات منذ نشاة مركز القاهرة كل من يقوم بتحليل الانشطة التى نظمها والكتب التى اصدرها والقضايا التى تناولتة مجلة رواق عربى بشكل خاص سنجد ان طبيعه المشكلة الثقافية تكاد تكون لها الغلبة على هذة المطبوعات والانشطة وقد تفاجىء ان هذا النشاط لايلقى الاهتمام والمتابعه الكافية من وسائل الاعلام بعكس البيانات والندوات والامسيات القصيرة التى تتعلق باحداث الساعه .
وفى الحقيقه كان واضع هذا التصور منذ البداية كان الدكتور محمد السيد سعيد احد مؤسسى المركز وهو من كتب الوثيقة التاسيسية الفكرية لة وهو مازال عضوا فية ومستشارة كما يعتبر المؤسس النظرى لحركة حقوق الانسان فى مصر
وقد عبرت هذة الوثيقة عن اتجاهين احدهما ما يتعلق بالثقافة السياسية السائدة لدى النخبة ايا كانت اتجهاتها والجزء الثانى يتعلق بالثقافة الدينية السائدة والجائزة هى تقدير لدور المركز عبر سنوات فى هذا المجال باعتبارة مجال كان لمركز القاهرة اول من شقة منذ 14 سنة استطاع خلالها ان يكتسب ثقة لدى اطراف من الصعوبه الجمع بينهم فلقد جمعنا فى انشطتنا العلمانيين والاسلاميين وبعضهم من رموز العمل الاسلامى وفى دول عربية متعددة ورجال دين مسيحيين ومسلمين من دول مختلفة كما اشترك فى انشطتة مفكريين اسلاميين من اوروبا واسيا واكتسب ثقة اطراف من النادر اجتماعها فى نفس الغرفة وادارة حوار بينها وكذلك المساهمة فى تقديم وتطور الافكار السياسية والثقافية ذات الصله حقوق الانسان
ماهى المعايير التى على اساسها يقبل مركز القاهرة طبع كتب او دراسات الباحثين فى مجال حقوق الانسان وهل يمكن لاى باحث اذا لم يجد دارا للنشر ان تقموا بطبع كتابه او نشر بحثة ؟
لدينا اكثر من قناة للنشر فى المركز الاول هو تلقى اجتهادات الباحثيين وتقييمها ويقوم بهذا الدورمجموعه من الخبراء كما ان المركز قد يكون لديه فكرة موضوع فيكلف بها احد الباحثين مثلما حدث عندما فكرنا فى تجميع تاريخ محمود عزمى رائد حركه حقوق الانسان فى مصر وكانت فكرتى وقام بتفيذها الباحث هانى نسيرة ويمكن ان نقبل كتب من اى باحث اذا كان صالحا للنشر وذى صلة بقضايا حقوق الانسان
وهل يمكن لعملكم الذى انحصر لوقت طويل فى البحوث ونشر الكتب ان يقوم بالتغيير ؟
نحن نساهم بجهد متواضع الى جانب اخرين كما ان كتب المركز تباع فى الاسواق العربية وتباع باقل من سعر التكلفة فهدفنا ليس الربح ومكسب الكتب تذهب للموزع وليس للمركز.
لماذا لا تطرح كتبكم ضمن سلاسل مكتبه الاسرة حتى تكون فى متناول قاعده اوسع من الناس ؟
طرحنا كتبنا على المسئولين عن المشروع فى الهيئة ولم يردوا واعتبر هذا السؤال بمثابه طلب جديد للهيئه
ما رايك فى الاتهام الذى يوجه لمنظمات حقوق الانسان بانها منفصله عن الشارع وتركزفى انشطتها على النخب السياسيه ؟
هذا ليس اتهاما فالذى يغير المجتمعات هى النخب فلا يوجد شعب يتغير بدون نخبة تقود هذا التغيير فهناك طليعه مثقفة للشعب فى مجالات مختلفة لتغيير النخبة وتعزيز وتطوير موقفها من قضايا حقوق الانسان وهو المدخل لاى تغيير بصرف النظر عن ان المنظمات تعمل مع اطراف متعددة فالمنظمتين اللتان تم اغلاقهم كانو يعملون مع افقر طوائف الشعب .
نعود للجائزة وهناك سؤال طرح نفسه بعد الجائزة وهو هل تحاول فرنسا بهذه الجائزة لعب دور فى نشر ثقافه حقوق الانسان فى المنطقه وخاصه مصر ؟
– فرنسا دورها ادبى فى مجال حقوق الانسان فهى تعتمد على تاريخها اكثرمن حاضرها فهى بلد اعلان الحريه والاخاء والمساواة بعد الثورة الفرنسيه التى كانت اهم منابع الاعلان العالمى لحقوق الانسان الذى اعلن من باريس وفرنسا بطبيعتها ملهمة بالنسبه لكل من يحاول التغيير فى العالم فهى البلد التى شهدت بدايه كل الحركات الاجتماعيه الكبرى وكانت باريس هى اول مدينه تحتفى باول منظمه مصريه تدافع عن حقوق الانسان والتى انشائها رائد حركه حقوق الانسان المصريه الدكتور محمود عزمى وكانت منظمته اول منظمه مصريه تلتحق بالفيدراليه الدوليه لحقوق الانسان وبعد 75 سنه على هذة الاحداث تحصل المنظمات المصريه على ارفع جوائز حقوق الانسان الدوليه وتغلق الحكومه فى الوقت نفسه منظمات اخرى .
بعدما اهملت الحكومه اجتهادات منظمات حقوق الانسان فى معركه تعديل الدستور هل تشعر منظمات حقوق الانسان باليأس من عمليه الاصلاح السياسى فى مصر ؟
ما انتهت اليه التعديلات الدستوريه لم يكن فيه ايه مفاجاة لنا ولقد توقعت ذلك منذ اليوم الاول وكتبته وقتها وان اختلفت التفاصيل بعد ذلك وقلت ان مايجرى كان لمجرد الايحاء بان هناك حوار ديمقراطى حتى يخرج الموضوع باقل قدر من السوء شكلا لان الطبخه كانت مسمومة ومضمون التعديلات الدستوريه لايحمل اى جديد وهى العمليه التى بدات بتعديل المادة 76 والتى تمت حولها نقاشات عامه لم يستمع فيها لاحد حتى بعض الاراء الممتازة التى جاءت من داخل الحزب الوطنى نفسه مثل ما طرحه الدكتور عبد المنعم سعيد وربما كانت المفاجاة الوحيدة اننا توقعنا بعض التعديلات الشكليه التى قد يستخدمها النظام للقول بان ما حدث جاء نتيجه حوار ديمقراطى الا ان الامر انتهى باستبدال فصله بنقطه وهو نفس السيناريو الذى يتكرر دائما حيث تتم دعوات للحوار مع الاحزاب ثم ينتهى الامر الى تنفيذ ما يريده النظام والصدمه هذة المرة كانت الانتهاء بعد هذا الزخم الذى صاحب التعديلات بنكسه دستوريه غير مسبوقه منذ ثورة يوليو ولكن الصدمه لم تولد الاحباط .
لقد اشرت الى واحد من اهم الاصوات اليبراليه الحقيقيه فى الحزب الوطنى وهو الدكتور عبد المنعم سعيد كيف ترى مستقبل هذة التيارات داخل الحزب خاصه وانهم اقليه قد تكون غير قادرة على الصراع داخل الحزب ؟
اولا لايوجد صراع حقيقى داخل الحزب الوطنى وامثال الدكتور عبد المنعم سعيد بالفعل اقليه محدوده جدا وتستحق كل احترام ولكنها للاسف لن تتمكن مهما طال الزمن فى ان تصنع من الفسيخ شربات ولن يسمح لها بذلك لكن وجودها واستمرارها داخل الحزب يساعد الحزب دائما على تقديم نفسه على انه كيان متعدد الاتجاهات ولكن المشكله فى ان التركيبه والمعادلات السياسيه الراهنه لا تتيح لاى طرف مخالف سوى الهوامش ويصبح الاختيار اما ان تكون وردة على جاكيت مهلهل واما ان تصبح على راس حزب سياسى اخر يعبر عن طموحاتك ولكن على الهامش ايضا وهذا ما حدث للاسف مع الدكتور اسامه الغزالى حرب فالتركيبه السياسيه الحاكمه تتحكم فيها معادلات لاصله لها بالسياسه والقانون وبالمناسبه ما يسرى على الحزب الوطنى يسرى على منافسه فى الجهه الاخرى جماعه الاخوان المسلمين فالدكتور عبد المنعم ابو الفتوح يمثل قمه الاستنارة داخل الاخوان المسلمين ولكنه فى الوقت نفسه لايعبر الا عن اقليه هامشيه داخل الاخوان وان كان تاثيره خارج الجماعه اكبر من تاثيره داخلها والبديل الاخر الصعب امام امثال عبد المنعم ابو الفتوح هو ان ينفصل عن الاخوان بمجموعه تتسق مع افكارة ولكن ايضا ستبقى فى الهامش كما هو للاسف حال حزب الوسط باختصار ليس متاحا فى مصر سوى الهوامش سواء كنت معارضا داخل الحزب الوطنى ام على راس حزب معارض ام معارض داخل الاخوان او مستقل عنهم ولهذا فان نظام الحزب الواحد الذى اسسه عبد الناصر ما زالت المعادله الحاكمه فى مصر واظن انه اذا كانت داخل الحزب الوطنى او جماعه الاخوان المسلمين انتخابات حقيقية ما بقى اى من سعيد وابو الفتوح فى موقعه فالاغلبيه الكاسحه داخل الحزب والجماعه متعارضه تماما مع توجهاتهم .
ما هى فرص نجاحهم فى تجارب مستقله خارج الحزب والجماعه خاصه وان تجربه الدكتور حرب لم تصل الى المطلوب ؟
– هذا الخيار صعب لان الاحزاب السياسيه محكوم عليها بالموات وليس بالموت اى انها ليس مسموح لها بالحياة المذدهرة وليس مسموح لها ايضا بالموت لان وجودها مطلوب فى حد ذاته .
هل يمكن ان تغير الادارة الامريكيه من سياستها وتعود الضغوط من اجل الديمقراطيه على مصر فى عهد الديمقراطيين خاصه بعد ان نجحوا فى اقتطاع اجزاء من المعونه ؟
– اعتقد ان هذا غير وارد رغم ان فترة ولايه الرئيس بوش قد تركت دروس مؤلمه والمتابع الان للمعركه الانتخابيه هناك يجد ان اهتمام المرشح الجمهورى والديمقراطى فيما يتصل بالشرق الاوسط تنصب على قضايا اساسيه وهى مساله العراق وافغانستان والسلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين وبالتالى اصبحت قضيه نشر الديمقراطيه فى المنطقه محدودة الوزن .
* معنى ذلك ان الضغوط الامريكيه من اجل التحول الديمقراطى فى مصر ستتراجع وتنتهى خلال الفترة المقبله ؟
– التوجه الواضح قبل ان تنتهى ولايه الاداره الحاليه هو ان قضيه الديمقراطيه فى العالم العربى تشهد تراجع كبير منذ فترة ليست بالقليلة فاذا قارنا كيف تتعامل الادارة الحاليه مع قضايا الديمقراطيه فى مصر عام 2004 – 2005 سنجد اختلاف كبير عن 2006-2007 وكاننا امام ادارتين وان كان المهم ان نلاحظ ان التحرك فى الفترة الاولى خلق حاله من الحراك السياسى والمستقبل يحمل توقعين اساسيين الاول استمرار سياسات 2006 -2007 فى ظل الادارة الديمقراطيه القادمه نتيجه الادراك المتزايد لبعض الدوائر المؤثرة فى صنع القرار الامريكى بانه لابديل لضمان صيانه المصالح الامنيه الا فى بقاء الانظمه الاستبداديه المستعده لتقديم خدمات بلا حدود خاصه وان هذة الدوائر ادركت ان الضغط من اجل المقرطه كان يمكن ان يكون له تاثيرسلبى فادح على استقرار هذة الانظمه .
السيناريو الثانى تزايد حاله السخط وسط الديمقراطيين بسبب السماح للجمهوريين بانتزاع قضيه نشر الديمقراطيه وحقوق الانسان فى المنطقه منهم خاصه وان اول رئيس امريكى تبنى هذة الاجندة كان رئيس ديمقراطى وهو جيمى كارتر وهذة الاوساط ترى ان الجمهوريين حاولوا سرقه اجندتهم وان الديمقراطيين يجب ان يتمسكو بها وان تكون على راس جدول اعمال اى رئيس ديمقراطى قادم ولكن هذا ليس معناه بالضرورة ان يتم ذلك عبر نفس الوسائل التى اتبعها بوش .
وهل يمكن ان تؤثر اى ضغوط قادمه على الحكومه المصريه ؟
– ايا ما كان عليه الحال فالنظام المصرى يتاثر بشكل قوى بما يحدث فى واشنطن سلبا وايجابا ودوائر صنع القرار فى مصر تعطى عنايه واهتمام اكبر لما يناقش فى واشنطن بشكل يفوق النقاشات التى تجرى فى مصر فالقرار المصرى مضبوط على التوقيت الامريكى ولكن هذا ليس معناه قبول الحكومه المصريه لكل ما يتقرر هناك ولكنها تدرك جيدا ان ما يجرى مناقشته هناك مهم لكى تعد حساباتها ودفاعاتها .
كان الملاحظ ان التراجع عن الضغط من اجل الديمقراطيه كان امريكى واوروبى فهل تم هذا بشكل مشترك وهل الاوروبين تابعين للامريكين فى هذا الامر ؟
– تفجيرات 11 سبتمبر هى كانت السبب وراء تراجع الامريكيين والاوربيين عند دعم الانظمه الاستبداديه فى المنطقه ولكن يجب ان نعرف ان الاتحاد الاوروبى ليس دوله واحدة فطبيعه الملفات تختلف من دولة الى اخرى داخل الاتحاد ولقد حاولنا تعزيزووضع اجندة حقوق الانسان فى مصر على جدول اعمال الاتفاقات التى توقع بين مصر والاتحاد الاوروبى ولم نكن نتوقع ان يحدث ضغط اوروبى حقيقى من اجل هذة القضيه كما لم يكن هناك ضغط امريكى حقيقى ايضا فكل ما شاهدناه كان تصريحات رسميه وهو ما اعطى الانطباع بان هناك ضغوط ولكنه لم يكن يحمل فى الحقيقه اهتمام حقيقى من الولايات المتحده بقضيه تحقيق الديمقراطيه وحقوق الانسان فى مصر .
* هل تخلت منظمات حقوق الانسان عن ايمن نور بعدما تخلت امريكا عنه ؟
تراجع الاهتمام من جانب الامريكان بقضيه ايمن نور سببه اختلاف الحاله السياسيه الان عن عام 2005 وهو العام الذى اهتمت وركز فيه الولايات المتحده على قضيه الاصلاح الديمقراطى فى مصر وبعدها تراجعت امريكا عن هذا الاهتمام و الطابع القانونى لقضيه نور كان له تاثيرة بغض النظر عن مدى قناعه منظمات حقوق الانسان بالتكييف القانونى لقضيته ولكنها ليست قضيه سياسيه صرفه .
ما رايك فيما يثار حول فساد المنظمات التى تتعامل مع المعونه الامريكيه والتى تحصل على تمويلات كبيره دون انجاز عمل حقيقى يصب فى مصلحه قضايا حقوق الانسان ؟
هذا موضوع ليس لدى معلومات موثقه عنه وان كنت اتصور ان اى فساد قد يظهر فى منظمات حقوق الانسان سيرجع الى الطبيعه المقيدة لانشاء وعمل الجمعيات فى مصر فالقيود التشريعيه تغط على كل الجمعيات التى لايصبح امامها لممارسه نشاطها سوى التحايل على القانون غير المشروع كما ان اتجاة وزارة التضامن لوضع المزيد من القيود على الجمعيات سيعزز البيئه المناسبه لتفشى الفساد داخل الوزارة قبل الجمعيات لان هناك موظفين يعيشون على ذلك .
* كيف ترى المظاهرات والاضرابات الاخيرة وهل يمكن اعتبارها نقطه البدايه فى تعرف المصريين على حقهم فى التظاهر من اجل حقوقهم المشروعه ام انها بدايه الفوضى ؟
– ما نشهده هو نتيجه تطور تراكمى لعوامل عديدة اهمها زياده الوعى العام بالحقوق وما يقابله من تدهور اجتماعى متزايد وانا اعتقد انه مرشح للتزايد و اما عن مستقبل تاثيرة على الاوضاع السياسيه فهو مرهون بان تنشأ معارضه سياسيه على مستوى هذة التطلعات السياسيه والاجتماعيه .
هل تراجعت منظمات حقوق الانسان عن فكرة التفاوض مع الدوله من اجل الاصلاحات السياسيه وقضايا حقوق الانسان ؟
لا اظن ان التفاوض مع الدوله قد صار مجديا باى صورة للاسف الشديد وذلك سببه التجارب السابقه والتى كان اكثرها مرارة التعديلات الدستوريه وقريبا قانون الارهاب والجمعيات الاهليه ولكن هذا لايعنى ادارة الظهر والتخلى عن اعلان وجهه نظر واضحه فى امر مطروح للنقاش العام فى امر سياسى او اجتماعى ولكن اظن ان ماهو مفتقد بشكل حقيقى هو التفاوض ما بين القوى المعارضه بعضها البعض فكل تجارب تنسيق المواقف المشتركه بين المعارضه السياسيه والاءتلافات الانتخابيه فشلت لانها لم تكن مبنيه على اساس تفاوض حقيقى بين هذة القوى كما لم يعقب هذة التجارب الفاشله اى محاولة للتقييم المعمق من اجل الوصول الى سبب انهيارها وبالتالى لانرى اى عمل جماعى حقيقى بين المعارضة التى تنزلق بعضها فى النهايه لصفقات مع النظام على حساب القوى الاخرى والبرنامج المشترك فقط يختلف فى كل مرة اسم من يعقد الصفقه وانا اعتقد ان رساله مقاطعه الشعب المتكررة للانتخابات و للعمليه السياسيه ليست فقط سخطا على الحزب الحاكم ولكن كانت تعبيرا ايضا عن عدم الثقة بالمعارضه .
هل انت متشائم من عمليه حصار الليبراليين والتيارات السياسيه الاخرى ؟
انا متشائم ليس من شىء له علاقه باليبراليه او اليسار ولكنى متشائم نتيجه الوضع الموجود الذى لايسمح لاى شيىء بالتطور بما فى ذلك الاتجاهات الاصلاحيه داخل
الحزب الوطنى وباقى الاحزاب تقمع ولديها مشاكل متفجرة
ما رايك فى مؤتمر الحزب الوطنى الاخير الذى تبنى قضايا حقوقيه مثل المواطنه والعداله الاجتماعيه ؟
مؤتمر الحزب ليس له علاقه بما يحدث فى مصر ولا مؤتمرات الحزب الماضيه او القادمه الحزب لايقرر شيئا والشاهد على ذلك ما حدث فى التعديلات الدستوريه التى لم تعرض على مؤتمر الحزب السابق عليها ولا على المؤتمر الذى اعقبها كما ان حديث المؤتمر الاخير عن المواطنه كان مجردا ومحلقا فى الفراغ بعيدا عن واقع المشكله فمشكلة المواطنه لها علاقه بمشاكل الاقباط فى مصر وابرزها مشكله بناء الكنائس وهى مصدر ازمات مستمرة منذ 35 سنه كما ان المواطنه لها علاقه بمشكلات البهائيين فى مصر وهم مواطنون بلا شهاده ميلاد او بطاقه شخصيه او حتى شهاده وفاة ياتى بعد ذلك مشكله النوبه وبدو سيناء فالحقيقه ورقه المواطنه فى مؤتمر الحزب الوطنى ليس لها علاقه بواقع ما يحدث فى مصر
هل معنى ذلك ان الحزب ليس مصدر صنع القرار فى مصر ؟
نعم الحزب ليس مركز لصنع القرار قد يكون بعض العناصر فى قيادته مشاركه فى القرار خارج الحزب بصفه شخصيه ولا اصدق ما يقال حول امانه السياسات ودورها فكل من يدرك طبيعه النظام السياسى فى مصر يعرف جيدا ان مراكز صنع القرار منذ ثورة 1952 لا صله لها بالهياكل السياسيه الموجوده على السطح وانما تاتى من مؤسسات اخرى لديها سلطه القرار الحقيقى اما هذة الهياكل فهى موجوده للايجاء بان لدينا نظام سياسيى قائم على حكم المؤسسات ولتسويق صورة النظام فى الغرب .
وما رابك فى مؤتمر المواطنه الذى عقده المجلس القومى لحقوق الانسان وفيه تم الاتفاق على انشاء منصب جديد وهو مفوض منع التمييز ؟
مشكله المواطنه والتمييز الدينى فى الاساس مشكله سياسيه اى عدم وجود ارادة سياسيه وهناك حالات اخرى فجه تتعلق بحقوق الانسان مثل التعذيب وغيرها والدوله ليس لديها اراده سياسيه بعد لاتخاذ سياسه مختلفه تجاة ما هو جارى فعندما اراد الرئيس السادات اان يتبى سياسه مختلفه فيما يتعلق بالتعذيب اتخذة بنفسه القرار واعلنه ولكن السادات لم يكن لديه اراده لوقف الفتنه الطائفيه فلا يزال تقرير المستشار جمال العطيفى حول احداث الخانكه وهو ليس معارض موجود فى الادراج لم ينظر فيه السادات او اى مسئول اخر منذ 35 سنه وبالتالى لاتوجد اراده سياسيه تريد مواجهه الحقائق ومواجهه اوضاع المواطنه لاتحتاج لبحوث او اجتهادات جديدة يكفى ان نبدأ بما وصل اليه العطيفى اما التعذيب فيمكن ان نرجع لتوصيات المنظمه المصريه من 20 سنه وننفذ ما جاء فيها اما انشاء مناصب جديدة فى غياب الاراده السياسيه خداع للنفس والراى العام ومباركه غير مباشرة للاوضاع الحاليه .
كيف ترى احوال مجلس حقوق الانسان بعد مرور سنه على استقالتك منه ؟
هناك تدهورا خطيرا فى اداء ادارة المجلس خلال العام الاخير فلقد تطوعت فى اكثر من مناسبه وبدات تنوب عن الحكومه او تنافسها فى الرد على تقارير حقوق الانسان الدوليه وهى ادوار ليست من مهام المجلس ولا ينص عليها قانونه الطريف ان المجلس الذى يشكو من عدم تلقيه المعلومات من الحكومه ثم يقوم هو بنفسه بالرد بنفس الطريقه على تقارير المنظمات الدوليه التى ترد بها الحكومه المصريه على تقاريرة فيقول للمنظمات الدوليه ان معلوماتكم غير دقيقه .
أجرى الحوار: محمود بسيوني
نقلاً عن صحيفة نهضة مصر
Share this Post