وجهت راما ياد وزيرة الشئون الخارجية الفرنسية نقدًا صريحًا لقيام الحكومة المصرية بإغلاق دار الخدمات النقابية والعمالية الحائزة على جائزة الجمهورية الفرنسية لحقوق الإنسان عام 1999، وصدور حكم بسجن منسقها كمال عباس. جاء ذلك خلال مراسم الاحتفال أمس، في وزارة الخارجية الفرنسية بباريس، بتسليم جوائز الجمهورية الفرنسية لحقوق الإنسان لعام 2007 إلى خمسة فائزين، من بينهم مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان.
وقالت راما، وهي مسلمة من السنغال، “إنه لمن دواعي الأسف أنه قد جرى اضطهاد عدد من الذين كرمتهم الجائزة من قبل”. وضربت أمثلة لذلك من مصر وإيران، ذاكرة أسماء المنظمات والأشخاص الذين تعرضوا للاضطهاد. وقالت “إن الصمت هو أكبر حليف للاضطهاد.. وفرنسا لن تصمت، ولن تنسى من كرمتهم، وستواصل التدخل لدى حكوماتهم من أجل رفع الظلم عنهم.. إن فرنسا عليها مسئوليات خاصة؛ لأن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ولد في باريس، وجرى التوقيع عليه هنا”.
ونوهت الوزيرة بتمكن راجي الصوراني مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان (غزة) من حضور الاحتفال. وكانت إسرائيل قد فرضت على راجي قيودًا تمنعه من مغادرة غزة لحضور أية اجتماعات عربية أو دولية في أي مكان، وتدخلت فرنسا وحصلت على تعهد إسرائيلي بالسماح له بالعودة إلى غزة. وكان قد جرى خروج راجي من غزة إلى الأردن في السيارة الدبلوماسية الخاصة بالقنصل الفرنسي، الذي رافقه حتى عبوره الحواجز الإسرائيلية، ووصوله نقاط الأمن الأردنية.
وأعلنت راما أن فرنسا ستمنح خلال الفترة القادمة اهتماما أكبر بحقوق الإنسان، خاصة وأن العام القادم هو عام احتفالات الذكرى الستون للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، كما أن فرنسا ستتولى رئاسة المفوضية الأوروبية في يوليو القادم.
وقد أثنى بهي الدين حسن، مدير مركز القاهرة، على كلمة الوزيرة الفرنسية، كما حيى شجاعة التصريحات التي كانت قد أدلت بها صباح يوم الاحتفال، وانتقدت فيها زيارة الرئيس الليبي لفرنسا في اليوم العالمي لحقوق الإنسان، محاولاً في ذلك أن يغسل يديه من دماء ضحاياه!
وقال بهي للوزيرة “لقد كنتِ في ذلك تتحدثين باسم السجناء السياسيين في ليبيا” وأعرب بهي عن أن يكون “هذا التصريح بداية لإدماج حقوق الإنسان في السياسة الخارجية الفرنسية”. وقد اهتمت عدد من الصحف والقنوات التليفزيونية الفرنسية، في تغطيتها للاحتفالية، بإبراز تعليق بهي على كلمة الوزيرة.
جاء ذلك خلال كلمة بهي في الاحتفال بعد تسلمه جائزة مركزالقاهرة، والتي قال فيها “إنه لشرف كبير أن يتسلم الجائزة من البلد الذي شهد ميلاد مبادئ الحرية والمساواة والإخاء، ثم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. ذلك البلد الذي كان من 75 عامًا ملجأ لمؤسس أول منظمة مصرية لحقوق الإنسان، الذين هربوا حينذاك من اضطهاد حكومة إسماعيل صدقي المتعاونة مع الاحتلال البريطاني”. وأضاف بهي “أنه من المفارقات المدهشة في هذا السياق أن تقوم الحكومة المصرية عام 2007 بإغلاق منظمتين لحقوق الإنسان، إحداهما هي دار الخدمات النقابية والعمالية التي حازت جائزة الجمهورية الفرنسية لحقوق الإنسان عام 1999”.
وكان جويل تروفال رئيس اللجنة القومية الفرنسية لحقوق الإنسان الذي افتتح الاحتفال قد انتقد أيضًا في كلمته تحرش الحكومة المصرية بدار الخدمات النقابية والعمالية ومنسقها كمال عباس. وقال إن اللجنة ستنشر خلال عام 2008 كتابًا بعنوان “يجب ألا ننسى” عن أنشطة المنظمات التي حصلت على الجائزة وأن الكتاب سيضم أيضًا معلومات من السفارات عن العوائق التي تعرضت إليها بعض هذه المنظمات.
جدير بالذكر أن لجنة التحكيم الخاصة بالجائزة – التي تأسست عام 1989- كانت قد تلقت هذا العام 119 ترشيحًا من 50 دولة، اختارت من بينها مركز القاهرة ومنظمات من الصين وبيللاروسيا وهاييتي وبنين.
Share this Post