بحث مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة أمس استخدام الحكومة المصرية لقانون الطوارئ لتبرير الاعتقال التعسفي والمحاكمات الاستثنائية، وذلك في إطار التقرير المقدم من جانب مارتن شينين المقرر الخاص للأمم المتحدة، المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب، إلى الدورة الثالثة عشر لمجلس حقوق الإنسان والمنعقدة حالياً في جنيف. يعد هذا التقرير بمثابة أول تقرير يصدر عن هيئة رئيسية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة يتناول فقط حالة حقوق الإنسان في مصر. وقد حضر الجلسة ممثلين عن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بصفة مراقبين، كما قاموا بتقديم مداخلات شفوية أثناء الجلسة أشادوا فيها بالتقرير، وطالبوا الحكومة بشرعة تنفيذ ما ورد به من توصيات.
أبرز السيد شنن -في تقريره الذي أعده بناء على زيارته إلى مصر في أبريل 2009- أن قرارات السلطة القضائية التي تنتهي بإلغاء أوامر الاعتقال الإداري بحق أعداد كبيرة من الأشخاص، غالبا ما يتم التحايل عليها بإصدار أوامر اعتقال جديدة فور الإفراج عن هؤلاء الأشخاص، أو حتى من خلال الإبقاء عليهم رهن الاعتقال والاكتفاء بالإفراج عنهم دفتريا.
عبر المقرر الخاص أيضا عن بالغ قلقه لتطبيق قانون الطوارئ على أنشطة لا يمكن وصفها بأنها أنشطة إرهابية، حيث أن شيوع اللجوء إلى الاعتقال التعسفي ضد النشطاء السياسيين والمدونين، فضلاً عن الاستخدام المتكرر لمحاكم أمن الدولة والمحاكم العسكرية في قضايا ذات طبيعة سياسية. وأكد المقرر الخاص أيضا أن نص المادة 179 من الدستور المصري، التي استحدثت بموجب تعديل الدستور في مارس/آذار 2007 بالإضافة إلى قانون مكافحة الإرهاب المتوقع صدوره في ظلها، يخلقان حالة قانونية وشرعية دائمة للطوارئ.
وصرح معتز الفجيري ، المدير التنفيذي لمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان أن “اليوم أكد المقرر الخاص التحذيرات التي أثارها المدافعين عن حقوق الإنسان لعدة سنوات من أن قانون مكافحة الإرهاب الجديد المقترح في مصر، ما هو إلا محاولة من جانب الحكومة إلى إعطاء صبغة دائمة لقانون الطوارئ، وتقويض الحماية الدستورية للحقوق والحريات الأساسية للمواطن المصري”.
أثناء عرض التقرير الذي أعده المقرر الخاص ، نفت بعثة الحكومة المصرية جميع الملاحظات المهمة الواردة بالتقرير، بدعوى أن قانون الطوارئ لم يوقف أو يحد من القوانين العادية أو الإشراف القضائي، على الرغم من وجود دلائل قانونية واضحة لما يحدثه قانون الطوارئ من انتهاكات في هذا الشأن.
وقال حسام بهجت، المدير التنفيذي للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية “إن المسئولين المصريون فعلوا كل ما بوسعهم للحد من نطاق بعثة المقرر الخاص؛ حيث منع من زيارة السجون ومقابلة المعتقلين، ورفضوا السماح له بمراقبة أي محاكمات للمتهمين بالإرهاب أو أن يجتمع مع أسر الضحايا والمعتقلين”. وأضاف بهجت “لكن الحقائق واضحة وتقرير البعثة يقدم تقييما يدين الانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان، والتي ترتكب بدعوى حماية الأمن منذ عام 1981.”
في هذا الإطار يحث كلاً من مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، الحكومة المصرية على تنفيذ توصيات المقرر الخاص، وعلى وجه التحديد يدعو مركز القاهرة والمبادرة المصرية إلى رفع حالة الطوارئ، وإلغاء المادة 179 من الدستور المعنية بمكافحة الإرهاب، وضمان أن يتوافق أي قانون حالي أو جديد لمكافحة الإرهاب مع كافة المعايير الدولية لحقوق الإنسان. كما يناشد مركز القاهرة والمبادرة المصرية الحكومة المصرية السماح للمقرر الخاص لاستكمال مهمته التي بدأها قبل عام، ومنحه حق الوصول الكامل إلى مرافق الاعتقال، التي لم يتمكن من تفقدها خلال زيارته الأخيرة.
وجدير بالذكر فإن مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، سيعقدان اليوم بالتعاون مع منظمة العفو الدولية، وهيومان رايتس ووتش، والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، حلقة نقاشية بمجلس حقوق الإنسان بجنيف تحت عنوان “ثمن الاستقرار: حقوق الإنسان في مصر في ظل سياسات مكافحة الإرهاب” بمشاركة السيد مارتن شنن المقرر الخاص بالأمم المتحدة والمعني بحقوق الإنسان في ظل إجراءات مكافحة الإرهاب.
Share this Post