اعتمد مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الخامس العشرين من مارس 2009 قرارا يقضي بتشكيل هيئة من الخبراء يناط بها متابعة ومراقبة التحقيقات التي يفترض أن تجريها كل من إسرائيل وحركة حماس، بشأن الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبت في سياق الحرب على غزة خلال ديسمبر 2008 ويناير 2009، والتي اعتبرها التقرير الأممي للقاضي جولدستون ترقى لأن تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يتعين محاسبة مرتكبيها. وكان تقرير جولدستون، الذي اعتمدته الأمم المتحدة قد أوصى بتشكيل هذه الهيئة لتقييم مدى التزام كل من إسرائيل وحماس بإجراء تحقيقات مستقلة ونزيهة في هذه الجرائم في غضون ستة أشهر من اعتماد توصياته، تمهيدا لإحالة ملف هذه الجرائم إلى المحكمة الجنائية الدولية، في حالة تقاعس الطرفين عن إجراء هذه التحقيقات.
ويلزم القرار هيئة الخبراء بإحاطة مجلس حقوق الإنسان بالاستنتاجات التي تتوصل إليها خلال دورة اجتماعات المجلس في سبتمبر 2010.
ومن المؤسف أن القرار قد حظى بمعارضة الولايات المتحدة الأمريكية وعدد من البلدان الأوروبية، بما فيها المجر وإيطاليا وهولندا وسلوفاكيا وأوكرانيا.
ويقول معتز الفجيري المدير التنفيذي لمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان “مرة أخرى تحاول الولايات المتحدة وبعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي منح إسرائيل الفرصة للإفلات من العقاب على ما ترتكبه من جرائم، وهو ما يشكل استخفافا بالغا بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، ويتناقض مع مواقف هذه الدول الداعمة لمنع الإفلات من العقاب في حالات أخرى”.
واتساقا مع الدعم الدبلوماسي المطلق الذي تقدمه الولايات المتحدة لإسرائيل، فقد وقفت الولايات المتحدة بصورة منفردة ضد قرارين اتخذهما المجلس الأممي في الرابع والعشرين من مارس، أحدهما يساند الحق المعترف به للشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، والآخر يعرب عن القلق الشديد لأعضاء المجلس إزاء مواصلة إسرائيل لمشاريعها الاستيطانية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة ومرتفعات الجولان السورية المحتلة.
وبحسب جيرمي سميث مدير مكتب مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان في جنيف “فإن معارضة الولايات المتحدة لحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، وغضها الطرف عن التوسع الاستيطاني، يثير شكوكا متزايدة حول قدرة الولايات المتحدة على أن تلعب دورا إيجابيا وبناءً داخل مجلس حقوق الإنسان، فضلا عن أن تلعب دورا نزيها وفعالا في دفع عملية السلام في الشرق الأوسط”.
جدير بالذكر أن الأمين العام للأمم المتحدة سوف يرفع تقريرا للجمعية العامة بشأن تنفيذ توصيات تقرير جولدستون، وذلك في نهاية شهر يوليو المقبل وقبيل انتهاء فترة تكليفه بإصدار التقارير ذات الصلة بهذه المهمة.
وكان مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان قد حث الدول الأعضاء بمجلس حقوق الإنسان –عبر مداخلة تقدم بها في 22 مارس- على أن تعيد الجمعية العامة للأمم المتحدة النظر في بعض قواعد العمل، بما يسمح بتوسيع نطاق مهام الأمين العام في مجالات إصدار تقارير الرصد والمتابعة، أو أن تكون أي هيئة للخبراء يشكلها المجلس تابعة للجمعية العامة مباشرة، كضمانة ضرورية لإنجاز مهام هذه الهيئات على الوجه الأكمل في التقصي والمتابعة، وفي تقييم جدية التحقيقات المفترض إجرائها.
Share this Post