بيان صحفي مشترك
دار الخدمات النقابية والعمالية ـ الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان ـ المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ـ مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ـ مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف
(13 يونيو 2010)– اختتم مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أعمال أول مراجعة من نوعها لأوضاع حقوق الإنسان في مصر في إطار آلية المراجعة الدورية الشاملة التابعة للمجلس، وذلك في مدينة جنيف في الحادي عشر من يونيو الجاري. وقد تعهدت الحكومة المصرية بتنفيذ 140 توصية تلقتها من ممثلي الحكومات الأخرى خلال المراجعة التي تم تبني تقريرها الختامي بعد شهر واحد من قرار الحكومة تمديد العمل بحالة الطوارئ التي تؤدي فعليا لتعليق العمل بأغلب الحقوق المدنية في مصر.
وبذل الوفد الحكومي الذي ترأسه مفيد شهاب وزير الدولة للشئون القانونية والبرلمانية خلال الاجتماع جهدا كبيرا لعرض ما اعتبره الوفد “تحسنا” في أوضاع حقوق الإنسان منذ انعقاد جلسة المراجعة في شهر فبراير الماضي. كما سعى الوزير إلى تبرير مد العمل بحالة الطوارئ ـ رغم موافقة الحكومة في جلسة فبراير على توصيات بإنهائها ـ عبر التأكيد على تعهد الحكومة بعدم استعمال سلطات الطوارئ إلا في مواجهة المشتبه بهم في قضايا الإرهاب والمخدرات
.
وقد حشدت الحكومة المصرية حلفاءها خلال الاجتماع لكي يحتلوا قائمة المتحدثين في الدقائق العشرين المخصصة لمداخلات الدول الأخرى، بما لم يترك مجالا كافيا للدول الراغبة في تقديم مداخلات تنتقد الحكومة. فقد تحدث ممثلو كل من قطر والإمارات والبحرين والسعودية والجزائر وعمان وغيرها من الحكومات الصديقة لمصر وقدموا مداخلات امتلأت بالمديح للحكومة المصرية بوصفها “رائدة” في مجال حقوق الإنسان. ولم تتلق الحكومة أية انتقادات سوى من وفدي المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، والذين عبرا عن قلقهما بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، ومن بينها التعذيب وحالة الطوارئ والاعتقال الإداري وانتهاكات حرية التعبير والحريات السياسية والدينية.
وعلى العكس من ذلك، فقد قدم ممثلو منظمات المجتمع المدني الأعضاء في “ملتقى المنظمات المصرية المستقلة لحقوق الإنسان” خمسة من أصل تسعة مداخلات تقدمت بها المنظمات غير الحكومية خلال الاجتماع. وقدمت مداخلات المنظمات الحقوقية المصرية انتقادات لاذعة للحكومة، حيث ركزت على انتهاكاتها الجسيمة لحقوق الإنسان، وخاصة في الأشهر الثلاثة التي انقضت منذ جلسة المراجعة في فبراير الماضي، والتي شهدت القمع العنيف للمظاهرة السلمية في 6 إبريل، وتمديد العمل بحالة الطوارئ، وانتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى التي صاحبتها أعمال تزوير وعنف، ومنع للناخبين من دخول بعض اللجان على يد قوات الأمن، وإلقاء القبض على عدد من أنصار مرشحي المعارضة.
وقال معتز الفجيري، المدير التنفيذي لمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان: “إن استمرار انتهاكات حقوق الإنسان يكشف عن غياب الإرادة السياسية لدى الحكومة المصرية لتنفيذ التزاماتها. فقد فشلت الحكومة حتى هذه اللحظة في اتخاذ أي إجراءات جادة لتفعيل الغالبية العظمى من التوصيات التي التزمت بها في جلسة المراجعة.”
وفي مداخلته أمام مجلس حقوق الإنسان الدولي قال حسام بهجت، مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية: “إن التمديد المتواصل للعمل بحالة الطوارئ واستعمال الإجراءات القمعية التي تسمح بها يبعث برسالة مفادها أن الحكومة تعتبر نفسها وأجهزتها الأمنية فوق القانون، وهو ما أنتج مناخا كاملا من الحصانة التي يتمتع بها مرتكبو انتهاكات حقوق الإنسان، خاصة فيما يتعلق بالممارسة المنهجية وواسعة النطاق للتعذيب داخل أماكن الاحتجاز.”
كما قام المتحدثون من المنظمات المصرية بكشف عدد من المعلومات المغلوطة التي قدمتها الحكومة في مداخلاتها المكتوبة أو الشفهية خلال أعمال المراجعة. فقد قالت روضة أحمد، مديرة وحدة الدعم القانوني في الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان في مداخلتها: “إن الحكومة ما زالت تؤكد أنها لا تعتقل أي مدون بموجب حالة الطوارئ. ولكن مسعد أبو فجر لا يزال رهن الاعتقال الإداري منذ 2007. وهاني نظير لا يزال رهن الاعتقال الإداري منذ 2008. وطارق خضر لا يزال رهن الاعتقال الإداري منذ خمسة أشهر!”
وانتقد أحمد سميح، مدير مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف، في مداخلته أمام المجلس فشل الحكومة في الاستجابة لأعمال العنف الطائفي ضد الأقباط، وطالب الحكومة “بأن تتعامل مع عملية المراجعة على المستوى الوطني بنفس الجدية التي تعاملت بها هنا في جنيف، وبأن تعلن عن خطة عمل رسمية بها إجراءات محددة ومصحوبة بتوقيتات زمنية لتنفيذ ما التزمت به من توصيات.”
كما تحدثت رحمة رفعت نيابة عن دار الخدمات النقابية والعمالية، والتي رحبت بقبول الحكومة أغلب التوصيات التي تم تقديمها في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ولكنها عبرت عن “الأسف الشديد” بسبب رفض الحكومة للتوصية التي تلقتها بإتاحة حرية إنشاء النقابات العمالية المستقلة وعدم إجبارها على الانضمام للاتحاد العام لعمال مصر والذي يخضع لسلطة الحكومة.
وطالب محمد زارع، مدير المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، بأن تسارع الحكومة بتنفيذ تعهداتها الطوعية والتوصيات التي قبلتها خلال المراجعة، وخاصة فيما يتعلق بتعديل تعريف التعذيب في قانون العقوبات بما يتسق مع القانون الدولي.
وقدم حسام بدراوي مداخلة المجلس القومي لحقوق الإنسان، والتي طالب فيها الحكومة برفع حالة الطوارئ وإطلاق سراح المدونين والناشطين المحتجزين، وإنهاء التميز ضد غير المسلمين.
وفي رده على المتحدثين، قال الوزير مفيد شهاب إن الحكومة “ترحب بالنقد، وتعترف بالأخطاء، وتعمل على تلافي السلبيات” ولكنه انتقد بعض المتحدثين بسبب “عدم تحريهم للدقة أو مسارعتهم إلى إصدار أحكام مطلقة بناء على حالات فردية.” واختتم شهاب كلمته بالتعهد بأن تنشئ الحكومة “بناء مؤسسيا” لمتابعة تنفيذ التوصيات الـ140 التي قبلتها الحكومة “بمشاركة المجلس القومي لحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني.”
لمزيد من المعلومات: في القاهرة، معتز الفجيري moataz@cihrs.org, +2012349991 وفي جنيف، حسام بهجت hossam@eipr.org +41 76 481 1634
Share this Post