أبرزت الدورة المنصرمة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة التي انتهت يوم 18 يونيو المشكلات الجوهرية التي يتعرض لها المجلس والتي جعلت من الصعب على الهيئة الأممية المخولة بحماية وتعزيز حقوق الإنسان تنفيذ غرضها الأساسي وهو التصدي للانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان التي ترتكب في شتى أنحاء العالم.
في 18 يونيو/ حزيران 1948 أقرت لجنة حقوق الإنسان الأممية النسخة الأولي للإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وفي نفس اليوم وبعد مرور62 عاماً، أنهى مجلس حقوق الإنسان، الذي حل محل اللجنة في عام 2006، دورته الرابعة عشر بسلسلة من القرارات التي فشلت في التعامل علي نحو ملائم مع التحديات الحقوقية المطروحة أمامه.
ووفقاً لمعتز الفجيري، المدير التنفيذي لمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، “هذا المجلس يستنفذ مصداقيته وأهميته بسبب عدم رغبته في التعامل بجدية مع الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان التي تحدث في جميع أنحاء العالم. وللأسف، فإن هذا النوع من الموت البطيء قد يكون هو ما تسعى إلي تحقيقه الكثير من الحكومات المعادية لمجلس حقوق الإنسان”.
وفي هذا الإطار قد مُررَت مجموعه قرارات هامة، شملت “المساعدة التقنية” لقيرغيزستان، وقراراً آخر “بالتصدي للاعتداءات على أطفال المدارس في أفغانستان”. ولكن علي الرغم من ذلك لم يتضمن قراران آخران بشأن الصومال والسودان على أية توصيات موضوعية أو مطالبات بتحسين الوضع.
وأرجئ أيضاً نقاش تقرير الخبير المستقل الخاص بحاله حقوق الإنسان في السودان، وتقرير الخبير المستقل المعني ببوروندي التابع للمجلس حتى انعقاد الدورة القادمة للمجلس، أما الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن محاولة مجموعات إقليمية مختلفة قوامها 55 دولة إثارة مسألة حقوق الانسان في إيران في 15 يونيو/ حزيران. وهو الأمر الذي لاقى اعتراضات قوية من العديد من الدول، بما فيها باكستان (باسم منظمة المؤتمر الإسلامي)، والسودان (باسم المجموعة العربية) وهما المجموعتان اللتان ترفضان أن تتم مناقشة حالة حقوق الإنسان في دوله بعينها. وقد أسفر الاشتباك الدبلوماسي عن تعليق جلسات المجلس لعدة ساعات، وإصدار رئيس المجلس قراراً في نهاية المطاف بالسماح بإثارة الموضوع ولكن كتدبير استثنائي فقط.
وقال جيرمي سميث، مدير مكتب مركز القاهرة في جنيف: “في حقيقة الأمر أن إعلان رئيس المجلس أن قدرة الدول على مناقشة والتصدي لوضعية حقوق الإنسان المتردية في إيران هي تدبير “استثنائي” -لا ينبغي أن يؤخذ كسابقة- هو دليل واضح على التحديات السياسية التي تواجه المجلس”، حيث تعتبر مناقشة الانتهاكات الحقوقية الجسيمة في دولة بعينها، أمرا غير مرغوب فيه من الدول ذات السجل الحقوقي المتردي. وأضاف “أن هذا الأمر يسلط الضوء أيضاً على الدور المهم الذي تؤديه المنظمات غير الحكومية. ففي أغلب الأحيان، تكون تلك المنظمات هي الأطراف الفاعلة الوحيدة التي تأخذ الكلمة للكشف عن انتهاكات ملموسة لحقوق الإنسان، وتقدم توصيات خاصة للدول بشأن هذه الانتهاكات”.
وتعارض كل من مصر وكوبا وباكستان والهند والصين وغيرها من الدول باستمرار وبشكل قاطع تقريباً جميع المقررين الخواص ببلدان محددة، علي الرغم من أن نظام المقررين الخواص أقوى أداة متاحة للمجلس للتصدي لانتهاكات حقوق الإنسان.
وعلى هذا فقد قد نجحت مصر، بدعم كامل من المجموعة العربية في إضعاف أو تنحية أية قضية خاصة ببلد ما من جدول أعمال المجلس. وفي نفس السياق، رفضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مناقشة وضعية حقوق الإنسان في العراق أو أفغانستان، وكلاهما بلدان محتلان من قبل الولايات المتحدة وبعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
للاتصال
باللغة العربية: معتز الفجيري- moataz@cihrs.org
باللغة الإنجليزية: جيرمي سميث- jsmith@cihrs.org
Share this Post