قدمت تونس للعرب أولى ثوراتهم في القرن الحادي والعشرين، الثورات التي رفعت مطالب الحرية والعدالة الاجتماعية والحق في الديمقراطية والكرامة الإنسانية والوطنية، وقدمت بعد الإطاحة بدكتاتورها النموذج الأهم في رغبة القطيعة مع الاستبداد والفساد. لذلك ربما تحتاج الثورة التونسية لقراءة خاصة، بعيون عربية متنوعة، مرت بهم الثورة في بلادهم كما بتونس، ولكن ربما لما ينتهوا للماَل نفسه.
في هذا السياق صدر حديثا عن مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان كتابا جديدا بعنوان: الديمقراطية الصعبة: رؤية مصرية للانتقال التونسي.” للكاتب الصحفي المصري كارم يحي، ومن تقديم الحقوقي التونسي مسعود رمضاني.
الكتاب الذي يحمل رقم 34 في سلسلة قضايا الإصلاح الصادرة عن المركز ، ينقل للقارئ المصري والعربي في سبعة فصول، خبرة ما يجرى من عمليات انتقال ديمقراطي في تونس، مركزا على تجربة فترات الاقتراع في تونس، سواء لإقرار الدستور أو الانتخابات البرلمانية أو الانتخابات الرئاسية بجولتيها. إذ يقدم الكاتب بعين الصحفي الميداني وعقلية المراقب والباحث وصفا وتحليلا لمجريات الانتخابات التونسية سواء من حيث أساليبها وآلياتها وتقنياتها أو بيئتها المحيطة، أو نتائجها والجهات المشرفة عليها ـ بما في ذلك المجتمع المدني، على نحو يعطي تقريرا للرأي العام العربي حول مشكلاتها وايجابياتها وسلبياتها.
خصص الكاتب فصلا كاملا لمعالجة تفاعل الساحة السياسية في تونس مع حدث 30 يونيو ـ 3 يوليو المصري. ويتضمن هذا الفصل محاولة الإجابة على السؤال: إلى أي حد كانت الإطاحة بالرئيس الإخواني محمد مرسي في مصر مؤثرة على مجريات الأحداث في تونس ومساعدة في التخلص من حكم الترويكا بقيادة حزب حركة النهضة ؟ ولماذا أخذت الأمور في تونس مسارا مختلفا بعد ذلك الحدث؟
وتحت عنوان “سيدي بوزيد وإن طال السفر”، يقدم الكاتب في الفصل الأخير دراسة حالة لتطورات السنوات الأربع التالية لاندلاع شرارة الثورة التونسية. ويتأسس هذا الفصل لا على معطيات نتائج أربع انتخابات بدءا من التأسيسي أكتوبر 2011 ونهاية بجولة الإعادة الرئاسية ديسمبر 2014 وحسب . بل يقوم بالأساس على زيارة ميدانية لمدينة سيدي بوزيد مهد الثورات العربية، وحوارات متعددة مع أهلها، لاستكشاف أبرز التحولات الاجتماعية لا السياسية وحدها.
تحتل الملاحق في هذا الكتاب عددا معتبرا من الصفحات. وتوثق لنصوص تقارير وتحقيقات صحفية لم تجد طريقها للنشر في الصحف باللغة العربية أو تعرضت لعدوان الحذف والتشويه، فضلا عن نصوص لحوارات (20 حوار) مع طيف واسع من المجتمع التونسي، يتنوع في انتماءاته ومواقعه السياسية والفكرية والاجتماعية و شرائحه العمرية، حول الثورة ومسار الانتقال إلى الديمقراطية، بالإضافة إلى حوارين مع راشد الغنوشي رئيس حزب حركة النهضة و الأزهر العكرمي المتحدث باسم حزب نداء تونس، أجراهما المؤلف في نوفمبر 2012 لفهم تحولات السياسة بتونس .
هذا الكتاب الذي يأتي في أكثر من 270 ورقة، يعتبر الكتاب الرابع للمؤلف نفسه حول تونس. صدرت الكتب الأربعة بعد الثورة في تونس ومصر ، امتثالا لالتزام أخذه المؤلف على نفسه منذ أن سافر لتونس للمرة الأولى في سبتمبر 2011، بأن ينقل للقارئ في مصر والعالم العربي خبرة ما يجرى من عمليات انتقال في تونس على نحو يسمح بالمقارنة والتعلم من المشكلات والحلول والايجابيات والسلبيات، وفقا لما جاء بمقدمة الكتاب.
للاطلاع على الكتاب: اضغط هنا
Share this Post