حث ائتلاف من عشرة منظمات لحقوق الإنسان سلطات دولة الإمارات العربية المتحدة اليوم على الإفراج فوراً ودون قيد أو شرط عن الدكتور ناصر بن غيث، وهو مدافع عن حقوق الإنسان، وعالم اقتصاد، وأكاديمي بارز عرضة للحكم عليه بعقوبة يوم 29 مارس/آذار. وهو مودع رهن الحبس الانفرادي منذ القبض عليه في أغسطس/آب 2015.
ويهيب الائتلاف كذلك بسلطات الإمارات العربية المتحدة أن تضع حداً لتجريم التعبير السلمي، بما في ذلك التعبير عن الآراء المعارضة، وأن تحترم الحق في حرية التعبير، وحرية تكوين الجمعيات، وحرية التجمع السلمي.
وقد وُجِّهَت إلى بن غيث خمس تهم لا تستند إلا إلى أنشطته السلمية، بما في ذلك تعليقات أبداها على موقع تويتر يعبر فيها عن انتقاده السلمي لسجل حقوق الإنسان لحكومتي الإمارات العربية المتحدة ومصر، ويدعو إلى مزيد من الاحترام لحقوق الإنسان والحريات وإلى الخضوع للمساءلة في البلدين. وتتعلق التهم كذلك بلقاءات لم يخطط لها أُجرِيَت خلال رحلاته في المنطقة مع نشطاء سياسيين تزعم حكومة الإمارات العربية المتحدة أنهم من أعضاء تنظيمات “إرهابية” محظورة. ووُجِّهَت التهم بموجب بنود ذات صياغة غامضة وفضفاضة في قانون العقوبات، و”قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات” لسنة 2012، و”قانون مكافحة الجرائم الإرهابية” لسنة 2014.
وقد يُحكَمُ على بن غيث، إذا أُدِين بهذه التهم، بعقوبة أقصاها السجن المؤبد أو حتى الإعدام عندما تصدر “محكمة الاستئناف الجنائية الاتحادية” حكمها في 29 مارس/آذار. ويمكن بموجب القانون المعمول به منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2016 استئناف الحكم أمام “دائرة أمن الدولة في المحكمة الاتحادية العليا”.
وقد قُبِضَ على بن غيث دون أمر قبض قضائي في 18 أغسطس/آب 2015، ولم يُبَلَّغ لا هو ولا أسرته بسبب القبض عليه. واحتجزته السلطات رهن الحبس الانفرادي في مكان لم يُكشَف عنه لمدة تسعة أشهر. ولم يُسمَح له بالاتصال بأسرته سوى مرات متفرقة عن طريق الهاتف في مكالمات كان المسؤولون يراقبونها، ولم يُسمَح له فيها بأن يبلغ أهله بمكان احتجازه. وتُعَدُّ هذه المعاملة من قبيل الاختفاء القسري، ويحظرها القانون الدولي لحقوق الإنسان بشكل مطلق.
ولم يُسمَح له باستقبال زيارات من أسرته إلا بعد بدء محاكمته عندما نُقِلَ إلى سجن الصدر في أبوظبي حتى 18 مايو/أيار 2016 وصار مكان احتجازه معروفاً.
وأبلغ بن غيث القاضي، خلال الجلسة الأولى لمحاكمته في 4 إبريل/نيسان 2016، بأنه تعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، بما في ذلك الضرب والحرمان من النوم، لكن القاضي بدلاً من أن يأمر بإجراء تحقيق مستقل في مزاعمه أقفل الميكروفون الذي يتحدث من خلاله فأسكته.
وحُرِمَ بن غيث كذلك من الاتصال بمحامٍ طوال مدة احتجازه السابق للمحاكمة برغم تعرضه للاستجواب بشكل متكرر. ولم يُسمَح له بمقابلة محاميه للمرة الأولى إلا في جلسة المحاكمة الثانية في 2 مايو/أيار 2016، وفي الأشهر التالية فرض المسؤولون قيوداً على اتصالاته بمحاميه داخل المحكمة وخارجها، وهو ما فرض عليه مزيداً من الحرمان من الحق في دفاعٍ كافٍ. وقد قصرت محاكمة بن غيث بوضوح عن الوفاء بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة.
ولا تألو سلطات الإمارات العربية المتحدة منذ عام 2011 جهداً لإخراس أي انتقاد لسلوك الحكومة، وقامت بحملة لم يسبق لها مثيل على المعارضة السلمية، وأغلقت الجماعات التي تعتقد أنها تتعرض للحكومة بالانتقاد. وأخضع مسؤولو أمن الدولة النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان للمضايقة، والاحتجاز التعسفي، والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، والمحاكمات الجائرة، وأحكام بالسجن لفترات طويلة.
وتتعارض تصرفات سلطات الإمارات العربية المتحدة في الداخل مع بياناتها وتصريحاتها في الخارج. ففي كلمة أمام الدورة الرابعة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في 28 فبراير/شباط 2017، قال وزير الدولة للشؤون الخارجية في دولة الإمارات الدكتور أنور قرقاش “تبقى الإمارات ملتزمة التزاماً عميقاً بتعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية… كما نحن ملتزمون التزاماً عميقاً بتعزيز مبدأي التسامح والقبول”.
غير إن سلطات الإمارات، باستمرارها في محاكمة بن غيث وتجاهلها لتوصيات منظمات حقوق الإنسان المستقلة، وخبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، ومن بينهم خبراء “فريق الأمم المتحدة العامل المعني بمسألة الاحتجاز التعسفي” و”مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين”، إنما تبدي تجاهلاً تاماً لالتزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والمعايير الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك التزاماتها بموجب “الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب” التي تعد دولة الإمارات طرفاً فيها.
ولو كانت سلطات الإمارات العربية المتحدة جادة بشأن التزامها بحقوق الإنسان لأفرجت على الفور ودون قيد أو شرط عن بن غيث، وكل المدافعين الآخرين عن حقوق الإنسان، ولاحترمت حقهم في حرية التعبير، وحرية تكوين الجمعيات، وحرية التجمع السلمي. وينبغي للمجتمع الدولي أن يكف عن غض الطرف، وأن يحاسب سلطات الإمارات العربية المتحدة على مدى تنفيذها لكلماتها.
إن منظمات حقوق الإنسان الموقعة:
- تدعو سلطات دولة الإمارات العربية المتحدة إلى الإفراج على الفور ودون شروط عن الدكتور ناصر بن غيث وكل سجناء الرأي الآخرين واحترام حقهم في حرية التعبير، وحرية تكوين الجمعيات، وحرية التجمع؛
- وتدعو سلطات دولة الإمارات العربية المتحدة إلى إخراج الدكتور ناصر بن غيث من الحبس الانفرادي، إلى أن يتم الإفراج عنه، حيث أن الحبس الانفرادي لفترات مطولة ولآجال غير محددة يُعَدُّ من قبيل التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية، أو اللاإنسانية، أو المهينة، بموجب القانون الدولي؛
- وتدعو حلفاءها إلى استخدام نفوذهم في حث سلطات الإمارات على الإفراج عن الدكتور ناصر بن غيث، وكل سجناء الرأي الآخرين.
خلفية
اعتُقِلَ الدكتور ناصر بن غيث من قبل في إبريل/نيسان 2011 مع أربعة آخرين من النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان (عُرِفُوا وقتها بـ”بالإمارات 5″) لدعوتهم إلى إجراء إصلاحات اقتصادية، وسياسية، واجتماعية في الإمارات. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2011، أُدِينَ بعد محاكمة جائرة “بتوجيه إهانة إلى رئيس الدولة، ونائب رئيس الدولة، وولي العهد” وحُكِمَ عليه بالسجن سنتين. وبعد استنكار دولي، عفا رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة عن بن غيث والآخرين، وأُفرِجَ عنه.
الموقعون
- منظمة العفو الدولية
- الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان (ANHRI)
- الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، في إطار مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان
مدافعو الخط الأمامي - مركز الخليج لحقوق الإنسان (GCHR)
- حقوق الإنسان أولاً
- الخدمة الدولية لحقوق الإنسان (ISHR)
- مثقفون في خطر
- المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب (OMCT)، في إطار مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
Share this Post