تجدد الأحزاب والمنظمات الموقعة أدناه قبل ساعات من جلسة الطعن المقررة غدًا الخميس 27 أبريل، موقفها الرافض للحكم الجائر بحق الناشط احمد دومة وآخرون بالسجن المؤبد في القضية المعروفة بأحداث مجلس الوزراء ديسمبر 2011، وتذّكر بما شاب المحاكمة من خروقات جمة تضرب بمعايير وضمانات المحاكمة العادلة عرض الحائط، وتحمل المحاكمة الكثير من القرائن على العداء والانتقام من المشاركين في يناير 2011، وتعكس انتقائية واضحة في تطبيق مبدأ العدالة والمحاسبة.
ففي الوقت الذي صدر فيه هذا الحكم الجماعي القاسي بحق المتظاهرين، لم تتم محاسبة أي من أفراد الجيش والشرطة الذين شاركوا في فض الاعتصام موضوع الحكم، وقتلوا ما يقرب من 17 متظاهرًا وقاموا بتعرية المشاركات والاعتداء عليهن، بحسب منظمات حقوقية وتقرير لجنة تقصي الحقائق الذي ترفض المحكمة ضمه لأوراق القضية.
ويعلم أن المحاكمة بدأت في 29 يوليو 2012 وشملت30 جلسة، انعقد 23 منها بمعهد أمناء الشرطة -بما يعصف بمبدأ علانية الجلسات، حيث لا يسمح لذوي المتهمين والجمهور بالحضورلأنها لخضوع هذا المقر لسيطرة وزارة الداخلية- تضمنت 22 اتهامًا ما بين اتهامات جماعية وفردية، وقررت هيئة المحكمة في الجلسة السابعة منها التنحي عن نظرها لاستشعار الحرج، الأمر الذي أدى لتعطيلها 3 أشهر قبل إحالتها -نوفمبر 2013- للدائرة التي أصدرت الحكم في فبراير 2015، وهي إحدى دوائر الإرهاب المشكلة بقرار من وزير العدل رقم 10412 لسنة 2013.
ولعل هذه المحاكمة تعد واحدة من ابرز النماذج المدللة على الخروقات المرتبطة بتشكيل دوائر الإرهاب والأحكام الصادرة عنها، فيما يعد إسناد قضايا بعينها لدوائر بعينها دون اتباع أي معايير خاصة بالاختصاص المكاني أو الموضوعي بما ينال من استقلال القضاء ومعايير المحاكمة العادلة بما يطعن في شرعية هذه الدوائر والأحكام الجائرة التي تصدر منها،
في السياق نفسه وجه قاضي التحقيق، بجلسة 12 يناير 2012، لدومة أربعة اتهامات أساسية، إلا أن إحالته للمحكمة كانت بتهمة جديدة لم توجه له أثناء التحقيق وهي “جريمة الاشتراك مع آخرين مجهولين في تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص من شأنه أن يجعل السلم العام في خطر…”.إذ تم استبعاد اتهامات التخريب والإتلاف العمدي لمؤسسات الدولة، وأيضًا الحريق العمد للمنشآت المملوكة للدولة والمنشآت الخاصة المتواجدة بشارعي مجلس الوزراء والقصر العيني، وقصرها فقط على الحريق العمد لمجلس الشعب( الذي لم يحرق أصلا).
وبالتالي، فإن محاكمة (دومة) في ضوء الاتهامات التي لم توجه له أثناء التحقيق يعد مخالفًا للمادة 307 من قانون الإجراءات الجنائية التي تنص على أن “لا يجوز معاقبة المتهم على واقعة غير التي وردت بأمر الإحالة أو طلب التكليف بالحضور. فضلا عن كون اتهامه الرئيسي يستند إلى قانون التجمهر رقم 10 لسنة 1914 والذي اثبت تقرير لمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان في يناير 2017 انه ملغي بإجماع مجلس النواب والشيوخ منذ 89 عامًا، ومع ذلك مازالت المحاكم المصرية تستخدمه في الزج بالخصوم السياسيين في السجون، وتتخذ منه- مع قوانين قمعية أخرى- ذريعة للانتقام منهم وتكيل الاتهامات لهم لحد الحكم عليهم بالسجن المؤبد.
من جانبها افتقرت محاكمة (دومة) لمعايير المحاكمة العادلة والمنصفة، ليس فقط لإحالتها لأحد دوائر الإرهاب، ولكن لمعاداة رئيس الدائرة لثورة 25 يناير ونشطائها، وكشفه عن ذلك صراحة سواء في لقاءات تلفزيونية أو على المنصة أثناء نظر الدعوى. ولما كان شعور المتهم بعدم عدالة قاضيه وتعنته كافي لإهدار معايير المحاكمة العادلة، ورغم أن (دومة) أقر ذلك في أكثر من جلسة- منها جلسة9 ابريل 2014- إلا أن ساكنة لم تتحرك، حتى بعدما تحول هذا العداء لأفعال انتقامية واضحة، منها على سبيل المثال رفض سماع شهود النفي، الإصرار على حجز المتهم في قفص زجاجي أثناء المحاكمة، ترهيب المحامين وإحالتهم للنيابة العامة للتحقيق معهم بخصوص إثارتهم الشغب ورفضهم الانصياع لقرار المحكمة لهم بالالتزام بآداب الجلسة،فضلا عن إصدار رئيس الدائرة لقرار غير قانوني بمنع (دومة) من دخول مستشفى خارج السجن إلا بعد الرجوع إليه (قانونا المسجون بعهدة وزارة الداخلية) حتى أن مأمور السجن عندما لاحظ أن حياة (دومة) في خطر بعد إضرابه عن الطعام قام بنقله الى المستشفى على مسؤوليته الشخصية، فهدّد القاضي مأمور السجن بالحبس، مما أدى إلى عودة سيارة الإسعاف إلى السجن مرة أخرى قبل وصولها للمستشفى”.
وتجدر الإشارة في هذا الصدد، أن تعنت قاضي التحقيق وصل إلى حد تعمد حجب تفاصيل القضية واقتطاع أجزاء منها، إلى جانب رفض المحكمة طلب المحامين بالحصول على نسخة كاملة من ملف القضية، رفضت كذلك ضم نتيجة تحقيق لجنة تقصي الحقائق حول الواقعة والصادر من “لجنة جمع المعلومات والأدلة وتقصي الحقائق”التي تشكلت بقرار رئيس الجمهورية رقم 10 لسنة 2012، كما رفضت ضم نسخة من التحقيقات التي أجرتها النيابة العسكرية في الواقعة؛ وكذلك النسخ الرسمية من تحقيقات قاضي التحقيق في القضية الخاصة بوقائع قتل وإصابة المتظاهرين في أحداث مجلس الوزراء والتي كانت ضمن أوراق الدعوى المتعلقة بدومة؛ الأمر الذي لا يمكن تفسيره إلا أن هناك تستر على وقائع سبق ذكرها في تحقيقات النيابة العسكرية لا يراد الإطلاع عليها أو إعلامها للجمهور، الأمر الذي يدل على أن محاكمة (دومة) بالأساس كانت بمثابة ستارًا لجرائم أعظم ارتكبت من جانب قوات الجيش والشرطة في هذه الأحداث. مع الوضع في الاعتبار أن المحكمة لم تسبب عدم استجابتها لهذه الطلبات بالمخالفة للمادة 311 من قانون الإجراءات الجنائية التي تنص على أن “يجب على المحكمة أن تفصل في الطلبات التي تقدم لها من الخصوم، وتبين الأسباب التي استندت إليها.”
ورغم أن الأصل هو أن المتهم حر في اختيار مدافعًا عنه، وأن حقه في ذلك مقدم على حق المحكمة في انتدابه ، إلا أن (دومة) وبعد أن امتنع محاميه عن الحضور استجابة لقرار نقابة المحامين بإمتناع كافة المحامين عن الحضور أمام هذه الدائرة وإحالة غير الممتثلين للمسائلة التأديبية ، قررت المحكمة انتداب محامي لدومة رغما عنه، وحتى بعدما سجل بمحاضر جلسات المحاكمة عدم ثقته في هذا المحامي، لم تمتثل المحكمة لحكم القانون الذي يقتضي بوقف المحاكمة لحين اختيار محاميًا آخر يتولى الدفاع عنه شريطة أن يكون محل ثقة المتهم نفسه، واستكملت المحاكمة وأصدرت حكمها الجائر . وقد واكب كل ذلك انتهاك أشد قسوة وضراوة يتمثل في حبس دومة انفراديا لمدة تزيد على 3 سنوات، مما أدى لتدهور حالته الصحية والنفسية بحسب تقارير حقوقية.
تعتبر الأحزاب والمنظمات الموقعة أدناه بعد استعراض هذه الانتهاكات الفجة لضمانات المحاكمة العادلة، أن مثل تلك المحاكم وأحكامها الجائرة أظهرت القضاء المصري كخصم –وليس حكمًا– يُفرط في توقيع أقصى العقوبات، ويهدر أبسط ضمانات العدالة، وفيما تستعرض الأحزاب والمنظمات الموقعة هذه الانتهاكات الفجة لضمانات المحاكمة العادلة، وأصدرت أحكامًا بالجملة على المئات في استهانة واضحة لأبسط قواعد المحاكمة العادلة والمنصفة المنصوص عليها في الدستور والمواثيق الدولية. مثل تلك الأحكام تفقد الثقة في منظومة العدالة برمتها وتؤكد غياب دولة العدل والقانون. كما أن الإجراءات التي أتبعت في تلك القضية وغيرها من القضايا التي انتهت بأحكام جماعية بالإعدام و المؤبد تعتبر أشد إهانة للقضاء المصري
أحزاب سياسية:
- حزب التيار الشعبي (تحت التأسيس)
- حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- حزب الدستور
- حزب العيش والحرية (تحت التأسيس)
- حزب الكرامة
- حزب مصر الحرية
المنظات:
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان
- جبهة الدفاع عن الصحفيين والحريات
- مجموعة المساعدة القانونية لحقوق الانسان
- المرصد للاستشارات والتدريب
- المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية
- مركز النديم لمناهضة العنف والتعذيب
- مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف
- مركز عدالة للحقوق والحريات
- مركز هشام مبارك للقانون
- المفوضية المصرية للحقوق والحريات
- المنظمة العربية للإصلاح الجنائي
- مؤسسة حرية الفكر والتعبير
- مؤسسة ضحايا الاختطاف والاختفاء القسري
- نظرة للدراسات النسوية
- مؤسسة قضايا المرأة المصرية
- مركز هليوبليس للتنمية السياسية وأبحاث حقوق الانسان
- حملة الحرية للجدعان
- الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان
- الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتعية
Share this Post