برغم أن ممارسة حرية تكوين الجمعيات في المغرب قد شهدت تحسنًا نسبيًا خلال الفترة الأخيرة 2016/2017، إلا أن استمرار العمل بالقوانين نفسها المنظمة للعمل الأهلي، دون تعديل يتماشى مع دستور 2011، وما كفله من ضمانات فيما يتعلق بحرية تكوين الجمعيات، يهدد بتكرار العديد من الممارسات التعسفية الإدارية والأمنية المعرقلة للعمل الأهلي، والتي سبق ووقعت في فترات سابقة لعدد من المنظمات الحقوقية المحلية والدولية. وذلك بحسب تقرير أصدره مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان صباح اليوم الأربعاء 3 يناير بعنوان “حرية تكوين الجمعيات في المغرب: ثغرات قانونية وممارسات أمنية.”
التقرير في مبحثه الأول تضمن تحليلًا للقوانين المنظمة للعمل الأهلي في المغرب، وما بها من ثغرات وإشكاليات تتجلى على مستوى الممارسة، فضلاً عن مجموعة من الأمثلة التطبيقية لتوظيف هذه القوانين وثغراتها في التضييق على منظمات محلية ودولية، وخاصة العاملة في مجال حقوق الإنسان بالمغرب.
أما المبحث الثاني فتطرق لبعض ممارسات الدولة المغربية –ممثلة في الأجهزة الأمنية والإدارية– والتي تشكل في بعض الحالات، عائقًا أمام تمتع المنظمات غير الحكومية –الوطنية والدولية– بالحق في حرية تكوين الجمعيات، الأمر الذي يتناقض مع تعهدات الملك، ونص الدستور المغربي. ومن بين الممارسات التي ركز عليها التقرير، تزايد القيود الإدارية لمنع إتمام إجراءات التسجيل القانوني للمنظمات غير الحكومية، وهو ما يمكن أن يؤدي عمليًا لحظر “غير قانوني” لأنشطة بعض المنظمات، وكذلك وضع العراقيل أمام المنظمات غير الحكومية الدولية، بما في ذلك منع العاملين والباحثين فيها من إجراء البحوث الميدانية أو العمل على الأراضي المغربية وطرد بعضهم منها.
وبحسب التقرير، فإنه من العوامل التي ساهمت في زيادة الضغوط والمضايقات بحق منظمات حقوق الإنسان، جنوح الدولة المغربية وأجهزتها إلى منح الأولوية للاستجابة للمخاوف الأمنية على حساب حماية الحقوق والحريات. وفي ذلك يحذر التقرير من هذا النهج الذي سبق وساهم في تفاقم التهديدات الإرهابية في المنطقة. هذا بالإضافة لعدد من التوصيات التي قدمها التقرير مثل إلغاء كافة القيود القانونية والإدارية المفروضة على منظمات حقوق الإنسان، وتوفير بيئة تسمح بعمل المنظمات، فضلاً عن مراجعة المعايير التي تسمح للسلطات بحظر نشاط جمعية بناءً على أهدافها، وإلزام السلطات بتقديم أسبابها –المتسقة مع القانون والدستور– حال قررت إيقاف إجراءات تسجيل جمعية وحرمانها من الاعتراف القانوني بتأسيسها. هذا بالإضافة إلى التوصية بإلغاء جميع القيود المفروضة على المنظمات الدولية غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان، وإعادة تفعيل نشاطها.
كما أوصى التقرير- متفقا مع مبادرات حقوقية مغربية أخرى- بضرورة ضمان استقلالية هيئات الرقابة، وأن تتسم ممارساتها باحترام القانون والشفافية، والالتزام بتنفيذ الأحكام الصادرة عن المحاكم الإدارية في المغرب لصالح الجمعيات التي واجهت عقبات إدارية تعسفية عند إيداع أوراق التسجيل، وصدر حظر غير قانوني لنشاطها.
لقد صادق المغرب دون تحفظات على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يضمن في المادة (22) أن: “لكل شخص الحق في حرية تكوين الجمعيات مع آخرين.”وأكدت المادة (12) من دستور 2011 المغربي على أن: “تتشكل جمعيات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية وتمارس أنشطتها بكل حرية، في إطار احترام الدستور والقانون،” فلا يبقى إلا أن تعكس القوانين هذه الالتزامات، وتعلي الممارسة الرسمية قيم الحرية على تسلط الأجهزة الأمنية، من أجل استقرار ورفاهية المغرب.
التقرير كاملاً باللغة العربية: هنا
Share this Post