سوريا 7 سنوات من غياب العدالة
استهداف المدنيين
لقي أكثر من نصف مليون سوري حتفهم منذ بدأ النزاع عام 2011. وفي مارس 2018، وصلت حالات قتل المدنيين الموثقة إلى 217,764 حسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان، بينهم 25726 امرأة و 27,296 طفل. وبحسب التقارير، فإن 93 ٪ من الضحايا سقطوا على يد النظام السوري وحلفائه. ومنذ فبراير 2018 فقط، تم الإبلاغ عن مقتل أكثر من 764 مدنياً بسبب الهجمات التي شنها النظام السوري والقوات المتحالفة معه في سوريا.
93 ٪ من الضحايا سقطوا على يد النظام السوري وحلفائه
في قوانين الحرب، يحظر استهداف المدنيين بشكل مطلق. إذ أن مبدأ التمييز بين المدنيين والمقاتلين يمثل أحد أهم مبادئ القانون الإنساني الدولي، كما تعرِّف المادة 7 من نظام روما الأساسي، المنشئة للمحكمة الجنائية الدولية، جريمة قتل الأفراد بأنها "جريمة ضد الإنسانية" عندما تُرتكب بعلم مسبق كجزء من هجوم منهجي وواسع النطاق ضد مدنيين.
إن الحق في الحياة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان هو حق أساسي، مما يفرض على جميع الدول حماية الافراد المتواجدين على أراضيها من الحرمان التعسفي من الحياة. كما أن الدول مناط بها ليس فقط منع جريمة الحرمان من الحياة ومعاقبة مرتكبيها بل ايضا منع قواتها من القتل التعسفي. إن لجوء السلطات للحرمان من الحياة بشكل تعسفي مسألة بالغة الخطورة. على القانون أن يحدد بشكل صارم الظروف التي قد يُحرم فيها شخص من حياته من قبل هذه السلطات.
شارك على وسائل التواصل الإجتماعي
البنية التحتية المدنية والمرافق الطبية والعاملين في مجال الإغاثة
خلّفت الحرب المستمرة في سوريا لـ 7 سنوات دمارًا هائلاً في العديد من المواقع، بما فيها المواقع التاريخية في بعض أقدم المدن في العالم، مثل حمص وحلب ودرعا وغيرهم. وقد استهدف النظام السوري والقوات المتحالفة معه بشكل خاص الممتلكات الخاصة والبنية التحتية المدنية في المدن والمناطق التي وقعت تحت سيطرة المعارضة.
ومن المثير للقلق استهداف المرافق المدنية من مدارس ومرافق طبية، فقد وثقت منظمات حقوق الإنسان السورية تدمير 4,000 مدرسة حتى نهاية 2017. وحتى مايو 2016 استهدف 454 هجوما 310 مرفقاً طبياً. ووفقاً لتقرير صدر مؤخراً عن اليونيسف، هناك 175 هجوماً في عام 2017 استهدف المرافق التعليمية والصحية. إضافة إلى ما سبق فقذ قُتل 112 من العاملين في المجال الطبي والدفاع المدني والهلال الأحمر في عام 2017 وفقًا للشبكة السورية لحقوق الإنسان.
يحظر القانون الإنساني الدولي العرفي الهجمات ضد الأهداف التي لا غنى عنها لحياة السكان المدنيين، كما يمنح القانون الإنساني معاملة تفضيلية للعاملين في المجال الطبي، حيث يفترض حمايتهم واحترامهم في كل الاوقات، ولا يمكن ان يكونوا هدفاً للهجوم. المستشفيات المدنية لها ايضا حماية خاصة في القانون الدولي الانساني ولا يجوز استهدافها من قبل أطراف النزاع.
شارك على وسائل التواصل الإجتماعي
القصف العشوائي على المناطق كثيفة السكان
Credit: Badra Mohammed
يستخدم النظام السوري وحلفائه القصف العشوائي- برٍا وجوًا- للمناطق المكتظة بالسكان كطريقة تحار. فقد وثقت جماعات حقوق الإنسان السورية العديد من الهجمات العشوائية التي تسببت في مقتل الآلاف من المدنيين. ووجدت دراسة مشتركة بين مركز توثيق الانتهاكات السورية ولانسيت جلوبال هيلث، أن معظم وفيات المدنيين السوريين بين مارس 2011 ونهاية ديسمبر 2016 جاءت كنتيجة مباشرة لاستخدام أﺳﻠﺤﺔ اﻟﻘﺼﻒ الجوي والقذائف واسعة النطاق، كما أن أكثر من 70 ٪ من الوفيات الناجمة عن الهجمات العشوائية هي من المدنيين.
70 ٪ من الوفيات ناجمة عن الهجمات العشوائية على المدنيين
من أخطر الأدوات المستخدمة للقصف العشوائي من قبل النظام السوري هي استخدام البراميل المتفجرة. هذه التقنية المعدة من خلال تعبئة خزانات وقود او اسطوانات بالمتفجرات والشظايا المعدنية الرخيصة، عادة ما يتم إسقاطها من طائرات الهليكوبتر على أماكن التسوق والعبادة والمستشفيات وغيرها من مناطق تجمع المدنيين. فحتى نهاية عام 2016 قُتل أكثر من 7,000 شخص باستخدام البراميل المتفجرة. ووفقا للشبكة السورية لحقوق الإنسان، منذ بدء الحرب وحتى ديسمبر 2017، ألقت قوات النظام ما يقرب من 70,000 برميل متفجر. ووفقًا لدراسة Lancelet- VDC، فإن أكثر من 97٪ من وفيات البراميل المتفجرة حتى نهاية عام 2016 كانوا من المدنيين، وأكثر من 25٪ من الأطفال.
ضحايا البراميل المتفجرة حتى نهاية عام 2016
ضحايا البراميل المتفجرة حتى نهاية عام 2016
إن الأسلحة التي تستهدف المدنيين عشوائيا دون تمييز بين المدنيين والمقاتلين، محظورة تماما بموجب القانون الإنساني. وتعتبر المادة 8 (2) (ب) (20) من قانون المحكمة الجنائية الدولية لعام 1998 أن إحدى جرائم الحرب هي: "استخدام الأسلحة والقذائف والمواد وأساليب الحرب ... التي هي عشوائية بطبيعتها تشكل انتهاكا للقانون الدولي للنزاع المسلح."
شارك على وسائل التواصل الإجتماعي
الأسلحة المحرمة
بالإضافة إلى استخدام الأسلحة العشوائية، يستخدم النظام السوري الأسلحة المحظورة بموجب القانون الدولي ضد المدنيين، وخاصة الذخائر العنقودية. فبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان تم توثيق 431 اعتداء باستخدام الذخائر العنقودية أسقطها التحالف السوري الروسي جوا على مناطق يسكنها مدنيون.
هذا بالإضافة إلى استخدام النظام السوري الأسلحة الكيميائية المحظورة أيضًا. فمنذ عام 2013، أشارت التقارير إلى استخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين في العديد من المناطق والمواقع. وتشمل الأسلحة الكيميائية المستخدمة غاز الأعصاب السارين وغاز الكلور. كما أكد تقرير صادر في عام 2016 عن آلية التحقيق المشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية استخدام النظام السوري الأسلحة الكيميائية في عام 2014 و2015 في مواقع مختلفة. ومنذ ذلك الحين، أكدت تقارير أخرى صادرة عن آلية التحقيق المشتركة ولجنة التحقيق المستقلة بشأن سوريا استخدام الأسلحة الكيميائية من قبل النظام السوري ومن قبل داعش في سوريا.
يحرم القانون العرفي الدولي استخدام الأسلحة الكيميائية في أي نزاع مسلح، كما تحظره أيضا المعاهدات الدولية ذات الصلة، بما فيها إعلان لاهاي بشأن الغازات الخانقة، وبروتوكول جنيف بشأن الغاز، واتفاقية الأسلحة الكيميائية، والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. هذا التحريم موقف مشترك مبني على ممارسة مؤكدة، وذكرته اللجنة الدولية للصليب الأحمر (ICRC) في عدة مناسبات.
شارك على وسائل التواصل الإجتماعي
الاحتجاز والتعذيب
أصدرت لجنة التحقيق المستقلة حول سوريا (CoI) في فبراير 2016 تقريرها "بعيد عن العين، بعيد عن الخاطر"حول الاعتقال والتعذيب في سوريا، والذي خلص أن النظام السوري ارتكب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب منها الإبادة والقتل والاغتصاب وغيرها من أشكال العنف الجنسي والتعذيب والسجن والاختفاء القسري. وقد وثقت منظمات حقوقية سورية ما لا يقل عن 13,000 حالة قتل لمعتقلين بسبب التعذيب منذ عام 2011، فضلًا عن حالات الوفاة الناتجة عن الظروف غير الإنسانية في مراكز الاعتقال التابعة للنظام، من زنزانات مكتظة غالباً ما يضطر السجناء فيها للوقوف والنوم في نوبات، أو نقص مياه الشرب، وعدم كفاية الغذاء والصرف الصحي، وانتشار الأمراض والالتهابات.
في عام 2017، أصدرت منظمة العفو الدولية تقريراً قدر أنه بين عامي 2011 و2015، تم الإعدام السري لما يقرب من 13,000 شخص، معظمهم من المدنيين الذين يُعتقد أنهم يعارضون الحكومة، في سجن صيدنايا التابع للنظام. وقدرت هيومان رايتس ووتش عدد المختفين قسريا والمحتجزين في مراكز احتجاز النظام السوري منذ عام 2011 بما يقرب من 117,000 شخص.
شارك على وسائل التواصل الإجتماعي
الحصار ومنع وصول المساعدات الإنسانية
استخدمت قوات النظام السوري حصار المناطق المدنية وفرض القيود على المساعدات الإنسانية كأسلوب تحارب بهدف الضغط على المعارضة للاستسلام. وقدر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية في يونيو 2017 أن حوالي 540,000 شخص محاصرون في مناطق محرومة من المساعدات الإنسانية اغلبهم يعيشون في الغوطة الشرقية.
يتسبب الحصار في العديد من حالات سوء التغذية والجفاف وانتشار الأمراض التي تسبب الوفاة، وعادة يكون الأطفال هم أكثر الفئات تأثراً بهذه الظروف. فقد وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان وفاة 914 مدنياً منذ عام 2011 بسبب الجوع وعدم القدرة على الوصول للدواء، بينهم ما يقرب من 400 طفل.
يعتبر حصار المدنيين شكلاً من أشكال العقاب الجماعي المحظور تماماً بموجب القانون الدولي العرفي، ويعتبر نظام روما الأساسي، الذي أنشأ المحكمة الجنائية الدولية، استخدام التجويع كطريقة تحارب من جرائم الحرب.
شارك على وسائل التواصل الإجتماعي
التهجير القسري للمدنيين
نزح 13.5 مليون سوري خلال سنوات النزاع السبع الماضية. بينهم 7.5 مليون مشردين داخليًا، وما يقرب من 5 ملايين لاجئ. وإذ يسمح القانون الدولي للأطراف المتحاربة بمنح السكان المدنيين فرصة مغادرة منطقة القتال بحثًا عن ملجأ اّمن، ويلزم الدول غير الأطراف باستقبال السكان الفارين من القتال، لكنه أيضًا لا يسمح لأطراف النزاع بمنع السكان المدنيين من العودة لمنازلهم حين تعود آمنة.
في عام 2017، أدت العديد من "اتفاقيات المصالحة" إلى تهجير السكان قسراً كنوع من المقايضة للتوصل لإتفاقيات وقف إطلاق النار، وعلى الأخص اتفاقية المدن الأربعة التي تم تمريرها في مارس 2014، حيث تم إجلاء سكان بلدتي مضايا والزبداني واستبدالهم بسكان بلدات الفوعه وكفرايا. وفي أعقاب الهجوم السوري الروسي على حلب، أُجبر آلاف الأشخاص على مغادرة حلب الشرقية إلى محافظة إدلب بعد اتفاق روسي تركي تحت إشراف اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
A child sleeps in a bag in the village of Beit Sawa, eastern Ghouta, Syria March 15, 2018
إن التهجير القسري للمدنيين لأسباب تتعلق بالنزاع محظور تماما سواء كان كليا أم جزئيا، ما لم يتطلب ذلك أمن المدنيين العالقين أو أسباب عسكرية قهرية.
تشريد المدنيين بشكل تعسفي يعتبر جريمة حرب
وكانت "لجنة التحقيق المستقلة المعنية بسوريا" قد انتقدت في تقرير خاص، صدر في مارس 2017 بناء على طلب مجلس حقوق الإنسان بشأن الأحداث التي وقعت في حلب، الترتيبات التي تهدف لإجلاء المدنيين في حلب واعتبرته تورطا في تهجير قسري.
شارك على وسائل التواصل الإجتماعي
Share this Post