حضرات الممثّلين الموقّرين لدولة ليبيا،
تقوم ليبيا خلال الأسبوع الجاري، وبالتنسيق مع المجموعة الأفريقية في الأمم المتحدة، برعاية القرار السنوي بشأن الدعم التقني وبناء القدرات في ليبيا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. على الرغم من الاعتراف الشامل بانتهاكات حقوق الإنسان في البلاد، لم يُنجز الكثير على صعيد العمل على وضع حدّ لهذه الجرائم وإفلات مرتكبيها من العقاب.
وبالتالي، فنحن نحثّ ليبيا على القبول باعتماد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة آلية تحقيق دولية تمنع ارتكاب المزيد من الانتهاكات المروّعة لحقوق الإنسان، والتي يتعرّض لها مئات الآلاف من الليبيين، إلى جانب المهاجرين واللاجئين، وتوقف التجاوزات المستمرة لحقوق الإنسان على يد المجموعات المسلّحة والميليشيات. وإنّ أيّ آلية من هذا النوع ينبغي أن تحصل على الموارد الكافية لتتمكن من تحديد وقائع وظروف الانتهاكات والتجاوزات الحاصلة في مختلف المناطق الليبية وتحديد هويات وتحديد هويات مرتكبي الانتهاكات وتسلسل القيادة.
ومع الأخذ في الاعتبار التحديات التي تواجهها حكومة الوفاق الوطني وتقاعسها المستمرّ عن إخضاع مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان للمساءلة، ومسؤوليتها في انتهاكات خطيرة تجري في ليبيا، لا يكفي تكليف بعثة لمجلس حقوق الإنسان تنظر في القضاء في ليبيا فحسب، بل ينبغي أن تدعمها آليات تحقيق مستقلّة قادرة على تحديد المسؤولية الجنائية الفردية لجميع الأطراف.
عام مرّ على الدعوة الأولى التي أطلقها المجتمع المدني الليبي لإنشاء آلية رصد مستقلّة تزامناً مع تبنّي قرار سنة 2017 بشأن ليبيا، وحتى اليوم، لم تشهد حالة حقوق الإنسان أيّ تحسّن لا بل ازداد الوضع سوءاً. [1] إذ تعمد المجموعات المسلّحة في البلاد، بما فيها تلك المرتبطة بحكومة الوفاق الوطني والجيش الوطني الليبي إلى ارتكاب تجاوزات وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان تشمل التهديدات والاعتداءات بحق الناشطين في حقوق الإنسان، والصحفيين، والمدوّنين، والإعلاميين، ناهيك عن القتل العشوائي للمدنيين والإعدامات خارج نطاق القضاء. ولا تزال المجموعات المسلّحة تحكم قبضتها على مراكز الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية حيث يقبع الآلاف قيد الاحتجاز التعسّفي في ظروف لا إنسانية من دون توجيه اتهامات ضدّهم ومن دون أيّ مراجعة قضائية. ويخضع المهاجرون واللاجئون من جهتهم للاحتجاز التعسّفي، ويتعرّضون للتعذيب والعمل القسري والاستغلال الجنسي في مراكز احتجاز المهاجرين. وكانت منظمة العفو الدولية قد نشرت في العام 2017 تقريراً كشف عن تعرّض المهاجرين من جنوب الصحراء لسوء المعاملة في مراكز الاحتجاز وغيرها من مواقع الأسر، وخضوعهم لعمليات البيع والشراء بداعي العمل القسري.[2] وبالرغم من أنّ الدولة الليبية قد التزمت التحقيق في هذه الجرائم، لم يتمّ اعتقال أيّ من مرتكبيها حتى اليوم.
لمكافحة حالة الإفلات من العقاب المنتشرة في ليبيا، ينبغي على سبيل الأولوية ضمان المسائلة عن تجاوزات القانون الدولي والانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان المنتشرة على نطاق واسع في البلاد. ولا شك في أنّ اعتماد آلية تتمتع بالقدرة على تحديد هويات مرتكبي الجرائم الدولية أمر كفيل في سد الفجوة في مجال الإبلاغ عن الانتهاكات المستمرّة ودعم الجهود لمنع وقوع المزيد من التجاوزات والانتهاكات. وإنّ تعهّدكم بدعم إنشاء آلية مستقلّة تتولّى التحقيق في الجرائم المرتكبة وتحديد المسؤولية الجنائية الفردية أمر أساسي وحيوي لوضع حدّ لانتشار ثقافة الإفلات من العقاب في ليبيا. كما أنّ دعمكم لهذه الآلية يثبت التزامكم بالتحقيق في الجرائم الخطيرة، والتي يرقى بعضها إلى جرائم حرب، ومن شأنه أن ينصف ضحايا الانتهاكات فيمنحهم أخيراً العدالة التي يستحقون. وعليه، فإنّنا نحثّكم على دعم هذه الآلية قبل تبنّي مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان قرار سنة 2018 بشأن حالة حقوق الإنسان في ليبيا.
مع فائق التقدير والاحترام،
المنظمات الموقّعة:
- المركز الليبي لحرية الصحافة
- المنظمة الليبية من أجل ثقافة التبو
- المنظمة الليبية للأشخاص ذوي الإعاقة
- المنظمة الليبية المستقلة لحقوق الإنسان
- المجموعة الليبية المتطوعة لرصد انتهاكات حقوق الإنسان
- النقابة المستقلة للصحفيين الليبيين
- المنظمة الليبية للمساعدة القانونية
- حركة النساء قادمات
- حقوقيون بلا قيود
- شباب من أجل تاورغاء
- شبكة مدافعات
- محامون من أجل العدالة في ليبيا
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- مركز مدافع لحقوق الانسان
- منبر المرأة الليبية من أجل السلام
- منظمة الرحمة
- مؤسسة بلادي لحقوق الإنسان
- منظمة العفو الدولية
[1] محامون من أجل العدالة في ليبيا، "على مجلس حقوق الإنسان إنشاء ولاية خبير مستقل في ليبيا”، 14 فبراير 2017
[2] منظمة العفو الدولية، شبكة التواطؤ المظلمة في ليبيا: الانتهاكات ضدّ اللاجئين والمهاجرين المتجهين إلى أوروبا (MDE 19/7561/2017)
Share this Post