تعرب منظمات حقوق الإنسان المصرية المستقلة الموقعة على هذا البيان عن بالغ استنكارها حيال قرار وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، بالإفراج عن 195 مليون دولار من التمويل العسكري الأمريكي لمصر، كانت قد حجبت جزئيًا – بقرار من سلفه ريكس تيلرسون- بسبب تحفظات تتعلق بحقوق الإنسان في مصر. كما طلب "بومبيو" مؤخرًا من الكونجرس الأمريكي أيضًا التغاضي باسم اعتبارات الأمن القومي للولايات المتحدة عن التدقيق في الشروط المتعلقة بأوضاع حقوق الإنسان، والتي كان الكونجرس قد علق بمقتضاها صرف 195 مليون دولار إضافية من المساعدات العسكرية لمصر، مشيرُا إلى أنه لن يقيم حالة حقوق الإنسان في مصر!
من جانبها تؤكد المنظمات المنضمة لهذا البيان، أن أوضاع حقوق الإنسان في مصر مازالت تتدهور أكثر، وأن أسس تحفظات الكونجرس علي وضعية حقوق الإنسان في مصر مازالت قائمة، بل تتأكد صحتها. وعلى رأسها ما سبق وأشار إليه "تيلرسون" من مشكلات تتعلق بـقانون المنظمات غير الحكومية الجديد القمعي، وأزمة الانتقام من العاملين في منظمات حقوق الإنسان وتعزيز الديمقراطية، والمتهم العديد منهم بموجب القضية 173 لعام 2011، بمن فيهم 17 من مواطني الولايات المتحدة وموظفين مصريين في المنظمات الأمريكية.
لقد أقصى الرئيس السيسي جميع معارضيه ذوي المصداقية مستخدمًا الترهيب والسجن، وخاصة خلال فترة الانتخابات الرئاسية التي جرت في وقت سابق هذا العام، وأعقبها دعوات لتعديل الدستور من بعض الكتّاب وأعضاء البرلمان- المعروفين بصلتهم الوثيقة بالأجهزة الأمنية- فاتحين الباب أمام السيسي لتمديد فترات الرئاسة الدستورية، ليصبح رئيسًا مدى الحياة.
يأتي هذا في الوقت الذي تواصل فيه الحكومة المصرية الانتقام من نشطاء حقوق الإنسان المستقلين، وتستمر التحقيقات في القضية 173 لسنة 2011، ضد المنظمات الحقوقية غير الحكومية المصرية والأجنبية. كما مددت الحكومة حملتها الضارية ضد الحق في حرية التعبير السلمي عن الرأي، بموجة جديدة من الاعتقالات للمدونين والصحفيين، هذا بالإضافة إلى تصديق الرئيس مؤخراً على قوانين جديدة منظمة للإعلام، تفرض المزيد من القيود على حرية التعبير المقيدة بالفعل، وتنبأ بمزيد من الهجمات على المعارضة السلمية، الأمر الذي من شأنه أيضا زعزعة أسس الاستقرار الهش جدًا في مصر.
كان حجب الكونجرس و"ثيلرسون" جزءًا من المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر في وقت سابق بمثابة رسالة قلق قوية بشأن وضع حقوق الإنسان في مصر، مما أسفر عن تراجع نسبي أو تباطؤ مؤقت في المضي قدمًا في إجراءات القمع ضد المنظمات غير الحكومية المصرية، فضلاً عن إجبار السيسي على إجراء انتخابات رئاسية بدلاً من تعديل الدستور لتمديد مدة رئاسته. ولهذا تعتبر المنظمات الموقعة أن قرار "بومبيو" برفع الحجب عن تلك المساعدات هو بمثابة ضوء أخضر للرئيس السيسي والحكومة المصرية لمواصلة الأعمال الانتقامية والإقصائية ضد قوى المعارضة. فعلى سبيل المثال، فور صدور قرار "بومبيو" الأول، تم الحكم على 75 شخصًا بالإعدام في محاكمة جماعية تفتقر لأدنى معايير إجراءات المحاكمات العادلة والمنصفة.
إننا وفيما نستنكر قرار الوزير الأمريكي الذي يغفل التدهور المفزع لحقوق الإنسان في مصر، ندرك ونثمن الضغوط السامية المبذولة من قطاعات أخرى داخل المجتمع الأمريكي تواصل حث حكومة الولايات المتحدة على اتخاذ موقف جاد وداعم لحقوق الإنسان والنشطاء المستقلين في مصر، ومن بين هؤلاء قيادات من داخل الكونجرس من كلا الحزبين. ونعترف ونقدر بشكل خاص بالدور القيادي للسناتور الراحل جون ماكين، والسيناتور ماركو روبيو، والسيناتور باتريك ليهي، الذين دعموا تعزيز الشروط المتعلقة بحقوق الإنسان على المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر.
في السياق نفسه، نثني على جهود "مجموعة العمل المعنية بمصر"، ومنظمة "هيومن رايتس ووتش"، ومنظمة "مشروع ديمقراطية الشرق الأوسط"، ومنظمة "حقوق الإنسان أولاً"، كأصوات داعمة بثبات مبدئي لحقوق الإنسان والإصلاح الديمقراطي منذ ما قبل ثورة 2011. كما تواصل وسائل الإعلام الأمريكية الرائدة، بما فيها صحيفة "نيويورك تايمز" وصحيفة "واشنطن بوست" و"وول ستريت جورنال" تقديم تقارير دقيقة نقدية حول تدهور أوضاع حقوق الإنسان في مصر.
تعكس هذه الإسهامات القيمة لدعم حقوق الإنسان في مصر الدور المبدئي الذي يؤديه المجتمع المدني الأمريكي بثبات إزاء حركات الكفاح من أجل حقوق الإنسان والحرية في كل أنحاء العالم على مدى عقود. وفي ذلك، نتذكر دعم شعب الولايات المتحدة لحركة مناهضة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، وللنضال ضد الدكتاتورية في أمريكا الجنوبية والوسطى، والمعارضة الشعبية للغزو الأمريكي للعراق ولجرائم حقوق الإنسان التي ارتكبتها الحكومة الأمريكية بعد هجمات 11 سبتمبر.
المنظمات الموقعة أدناه، وإن كانت تعارض سياسة الإدارة الأمريكية الحالية تجاه حقوق الإنسان في مصر، لكنها تتطلع إلى استمرار الدعم من المجتمع المدني والرأي العام الأمريكي لكفاح المصريين الجماعي لإنهاء أزمة حقوق الإنسان المتصاعدة في مصر، واستعادة حقوق وحرية وكرامة الشعب المصري.
المنظمات الموقعة
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- كوميتي فور جستس
- الجبهة المصرية لحقوق الإنسان
- بلادي جزيرة الانسانية
- مبادرة الحرية
Share this Post