نداء من المنظمات الحقوقية المصرية المستقلة
تطالب منظمات حقوق الإنسان المستقلة الموقعة على هذا البيان كافة الأقلام المصرية الحرة بالضغط من أجل التزام الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية بأحكام الدستور ومغادرة منصبه بمجرد انتهاء مدة ولايته الثانية والأخيرة في يونيو ٢٠٢٢، وتعلن رفضها التدخل بأي صورة في مسار الانتخابات الرئاسية القادمة، حتى يتمكن المصريون من اختيار رئيسهم القادم بإرادتهم الحرة ودون وصاية.
وتقول المنظمات الموقعة أن تلك الدعوات المطالبة بتعديل الدستور كان من الأحرى أن تطالب باحترام مواده لا سيما تلك المتعلقة بالحقوق والحريات التي تُنتهك بشكل يومي منذ إقراره، بدلاً من السعي إلى تعديله بغرض منح وضعية خاصة للرئيس عبد الفتاح السيسي وتعزيز حكم الفرد أو تأبيده في الحكم. إن وضع قيود على فترات حكم رئيس الجمهورية، وحصرها في مدتين فقط كلا منها أربع سنوات هو -تقريباً- المكسب الوحيد الذي فاز به التيار الديمقراطي في 25 يناير 2011 بعد ما يزيد عن نصف قرن من النضال من أجل التداول السلمي للسلطة. ويمثل العصف بهذا المكسب ليس فقط خسارة فادحة للمناضلين من أجله، وإنما عصف وتهديد حقيقي للاستقرار السياسي والاجتماعي في البلاد. فهل ينتبه المطالبون بتعديل الدستور لعواقب بقاء الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك في السلطة لـ 30 عامًا، وكيف عصف بقاء نظامه السياسي بالاستقرار في البلاد؟
وفي ذلك تشدد المنظمات على رفضها التام لتعديل الدستور أو ترشح الرئيس السيسي لفترة رئاسية ثالثة تحت أي ظرف أو مزاعم كـ”النزول على رغبة الشعب” أو “استكمال الإنجازات” أو غيرها من الادعاءات التي يسوقها مؤيديه لتبرير العصف بالدستور والقانون. وفي هذا الإطار نأمل ألا يعصف الرئيس مرة أخرى بتعهداته، مثلما حدث وقتما كان وزيراً للدفاع ووعد بعدم ترشحه للانتخابات الرئاسية، ثم ترشح بحجة تلبية نداء الشعب.
منذ منتصف 2013 أحكم الرئيس السيسي قبضته على مفاصل البلاد وأغلق المجال العام وأجرى عملية “تأميم مقنعة” للإعلام عن طريق بيع الصحف والقنوات الخاصة للأجهزة الأمنية وإطلاق يدها لتوجيه الخطاب الإعلامي. كما قضى على أي حراك مناوئ لسياساته وزج بالمعارضين السياسيين من كل الاتجاهات في السجون على خلفية قضايا واتهامات وهمية، بما في ذلك قادته السابقين في الجيش، بعدما تم تقويض نظام العدالة وتدميره. كما وجه نظام السيسي أقوى ضربة لحركة حقوق الإنسان منذ نشأتها بقرارات المنع من السفر والتحفظ على الأموال وتهديد الحقوقيين بالحبس على خلفية القضية 173 لسنة 2011 المعروفة بقضية الانتقام من المنظمات الحقوقية. وفي ظل هذه القبضة لا يمكن أن نتصور وجود رأي عام حر في مصر، ومن ثم يصعب تصديق أن دعوات تعديل الدستور لا يتم تحريكها من قبل الرئيس شخصياً أو معاونيه المقربين.
جدير بالذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي تعلو فيها الأصوات مطالبة بتعديل الدستور، فقد سبق وتبارت الأقلام وارتفعت الأصوات مطالبة بتعديله في النصف الأخير من عام 2017 قبل إجراء الانتخابات الرئاسية الأخيرة، ولكنها سرعان ما خفتت واختفت بعد توتر العلاقات مع الكونجرس الأمريكي والإدارة الأمريكية التي اتخذت قرارًا بتعليق جزء من المعونة العسكرية السنوية لمصر في سبتمبر 2017.
وترى المنظمات الحقوقية الموقعة على هذا البيان أن الأولى أن تُمنح الأولوية خلال الفترة المتبقية من حكم عبد الفتاح السيسي لمهام إنقاذ البلاد من المسار الكارثي الذي آلت إليه، بفعل إغلاق الحكومات المتعاقبة – بما فيها الحكومات التي عينها سيادته- سبل الإصلاح التي تطلع لها الشعب منذ يناير ٢٠١١، واللجوء لأعمال القمع على نحو غير مسبوق، بما في ذلك ارتكاب المذابح الجماعية وإصدار أحكام إعدام بالجملة وقتل المئات خارج نطاق القانون وسجن عشرات الألاف فضلاً عن التوسع في ممارسات التعذيب والإخفاء القسري.
هذا التركيز على مهام الإنقاذ يتطلب قبل كل شيء احترام الدستور ركيزة استقرار الدولة المصرية، ووقف التلاعب به لأغراض شخصية، وإعادة فتح المجال العام أمام المصريين، تمهيدًا لإطلاق عملية إصلاح شامل سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي وديني، الأمر الذي يتطلب في المقام الأول خلق بيئة مواتية للسلم الاجتماعي ترتكز على مبادئ المساواة وعدم التمييز، والمصالحة الوطنية الشاملة بين كل الأطراف السياسية والدينية والعرقية.
المنظمات الموقعة:
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان
- الجبهة المصرية لحقوق الانسان
- الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان
- كومتي فور جستس
- مركز النديم
- المفوضية المصرية للحقوق والحريات
- المنظمة العربية للإصلاح الجنائي
- مؤسسة بلادي للحقوق والحريات
Share this Post