على الدول تبني قرار في الأمم المتحدة للتصدي لانتهاكات حقوق الإنسان المستمرة
إلى من يهمه الأمر،
تحية طيبة وبعد،
ما زال يساورنا قلق بالغ إزاء حالة حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية، لاسيما عمليات الإعدام الجماعية الأخيرة التي نفذت بحق 37 شخصًا في 23 أبريل/ نيسان، والاحتجاز التعسفي المستمر للمدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان، والإفلات المستمر من العقاب عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك التعذيب.
وإننا لنرحب بالبيان المشترك الموقع من 36 دولة خلال الجلسة الـ40 لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، والذي دعا، ضمن جملة أمور، إلى إطلاق سراح المدافعات السعوديات عن حقوق الإنسان المحتجزات. ونحث معاليكم استكمالاً لهذا القرار على تشكيل آلية مراقبة بقرار من المجلس لانتهاكات حقوق الإنسان في البلاد، والدعوة صراحة إلى إطلاق سراح المدافعات عن حقوق الإنسان السعوديات المحتجزات، فوراً ومن دون قيد أو شرط، وإسقاط جميع التهم الموجهة إليهن، بما في ذلك المفرج عنهن مؤقتاً.
منذ البيان المشترك الصادر في 7 مارس/ آذار الماضي، في مجلس حقوق الإنسان، أُحيلت العديد من المدافعات عن حقوق الإنسان، اللاتي وردت أسماؤهن في البيان، إلى المحاكمة بعد احتجاز دام قرابة عشرة أشهر من دون تهمة، وقد أُفرج عن سبعة منهن بصورة مؤقتة لاحقًا لكن ما زلن رهن المحاكمة. إذ يبرهن إطلاق سراحهن على أن تدقيق مجلس حقوق الإنسان يمكن أن يسهم في تحقيق نتائج إيجابية في مجال حقوق الإنسان على أرض الواقع، لاسيما فيما يتعلق بقضايا المدافعات عن حقوق الإنسان المحتجزات، وخاصة في ظل تدهور وضع حقوق الإنسان على أرض الواقع بشكل ملحوظ، والتوسع في استخدام عقوبة الإعدام، ومواصلة السلطات قمع حرية التعبير.
الأمر الذي يستوجب الاستمرار في المراقبة والتدقيق من جانب المجلس، خاصة عندما تتقاعس الدولة المعنية عن الاستجابة الإيجابية لنداءات مجلس حقوق الإنسان، والمفوض السامي، والمكلفين بولايات في إطار الإجراءات الخاصة بالأمم المتحدة، والهيئات المنشأة بموجب معاهدات تهدف توصياتها إلى معالجة انتهاكات التزامات القانون الدولي لحقوق الإنسان.
كان 16 من أصل 37 رجلاً، ممن أعدموا مؤخراً، موضوع رسائل من هيئات الأمم المتحدة تؤكد أنهم كانوا قصّر وقت ارتكاب الجرائم المنسوبة إليهم، وقد تعرض بعضهم للتعذيب لنزع اعترافاتهم، وتمت محاكماتهم أمام محكمة جزائية معنية بالنظر في قضايا الإرهاب، تفتقر للمعايير الدولية للمحاكمات العادلة، والإجراءات القانونية الواجبة. هذا بالإضافة إلى 20 محتجزاً أخر مهددين بخطر الإعدام، بينهم ثلاثة قاصرين.
إننا نشعر أيضًا بقلق بالغ إزاء استمرار احتجاز المدافعات عن حقوق المرأة منذ منتصف مايو/أيار 2018، وعدم إجراء أي تحقيق فعالٍ وذي مصداقية في ادعاءات التعذيب والمعاملة السيئة ضدهن، لاسيما أن بعضهن يواجهن محاكمات جائرة.
ومما يثير جزعنا كذلك موجة الاعتقالات الأخيرة التي وقعت في أبريل/ نيسان 2019، ضد ما لا يقل عن 14 مدونًا وكاتبًا، فضلاً عن أفراد من عائلات المدافعات عن حقوق الإنسان، واستُهدف أولئك الداعمين لحركة حقوق المرأة.
لقد واجهت المملكة العربية السعودية انتقادات واسعة بسبب سجلها في مجال حقوق الإنسان منذ مقتل الصحفي السعودي والكاتب بجريدة واشنطن بوست جمال خاشقجي، على أيدي عناصر سعوديين في أكتوبر/تشرين الأول 2018، لكن السلطات السعودية تقاعست عن اتخاذ إجراءات جنائية تتسم بالشفافية ضد 11 شخصًا يحاكمون حالياً فيما يخص جريمة قتل خاشقجي، ويبدو أنها تحمي المسئولين الحاليين والسابقين رفيعي المستوى المتورطين في عملية القتل.
وبما أن المملكة العربية السعودية عضو في مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، فهي ملزمة بالتقيد بأعلى المعايير لتعزيز وحماية حقوق الإنسان، والتعاون الكامل مع آليات المجلس. ومع ذلك، تقاعست الحكومة عن اتخاذ خطوات ذات مغزى للتقيد بالتزاماتها إزاء العضوية. كما رفضت الحكومة السعودية التعاون مع المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالات الإعدام خارج نطاق القانون أو بإجراءات موجزة أو الإعدام التعسفي في تحقيقها في مقتل جمال خاشقجي. فعمليات الإعدام الأخيرة، واحتجاز الناشطين وتعذيبهم، ليست حالات منعزلة، بل تشكل نمط من الانتهاكات الجسيمة والممنهجة لحقوق الإنسان، بما في ذلك التمييز ضد المرأة وفرض حظر فعلي على المجتمع المدني.
وفي ضوء ما سبق، نحث حكومتكم على تشجيع المجلس على التصرف إزاء هذا الوضع من خلال تقديم قرار في مجلس حقوق الإنسان بإنشاء آلية مراقبة لانتهاكات حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية؛
كما نحثكم على مطالبة المملكة العربية السعودية بـ:
- الإفراج الفوري وغير المشروط عن المدافعات عن حقوق الإنسان المحتجزات وجميع المحتجزين بسبب ممارسة حرياتهم الأساسية، وإسقاط جميع التهم الموجهة إليهم/ن، بما في ذلك الذين أفرج عنهم/ن مؤقتًا، وإلغاء حظر السفر ضد أفراد عائلاتهم/ن؛
- فتح تحقيقات سريعة وفعالة وذات مصداقية في جميع ادعاءات التعذيب، ومحاسبة مرتكبيها، وتوفير سبل انتصاف فعالة للضحايا بما يتماشى مع المعايير الدولية؛
- إلغاء نظام ولاية الرجل فوراً وإبطال القوانين الأخرى التي تميز ضد النساء والفتيات؛
- تعليق تنفيذ عقوبة الإعدام تمهيدًا لإلغائها؛
- ضمان احترام الحق في حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات احتراماً كاملاً، سواء على مستوى القانون أو الممارسة، وفقاً للمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
يدل البيان المشترك المهم الذي ألقي خلال الجلسة الـ40 للجنة حقوق الإنسان على أنه لا توجد دولة فوق الفحص الحقوقي. ونحن ندرك ذلك كخطوة أولى نحو مراجعة أكثر استدامة للسجل الحقوقي في السعودية من قِبل مجلس حقوق الإنسان ضمن الجهود الرامية إلى مساءلة المتورطين في الانتهاكات. ومن الضروري أن يواصل المجلس مساعيه مع المملكة العربية السعودية لضمان اتخاذ إجراءات سريعة وفعالة للتصدي لانتهاكات حقوق الإنسان المستمرة في البلاد.
وتفضّلوا بقبول فائق الاحترام والتقدير،
المنظمات الموقعة
- منظمة المادة 19 (ارتيكل 19)
- أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين
- القسط
- منظمة العفو الدولية
- معهد البحرين للحقوق والديمقراطية
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- منظمة سيفيكوس – “التحالف العالمي من أجل مشاركة المواطنين”
- الدفاع عن المدافعين (مشروع شرق أفريقيا والقرن الأفريقي للمدافعين عن حقوق الإنسان)
- منظمة بن – PEN الإنجليزية
- المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان
- المركز الأوروبي للديموقراطية وحقوق الإنسان
- منظمة المساواة الآن!
- الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان
- مركز الخليج لحقوق الإنسان
- الاتحاد الدولي الأخلاقي والإنساني
- منظمة هيومن رايتس ووتش
- شبكة الابتكار للتغيير – فرع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
- الخدمة الدولية لحقوق الإنسان
- لجنة المحامين لمراقبة حقوق الإنسان – كندا
- الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات
- حركة المسيحيين من أجل إلغاء التعذيب (أكات فرنسا)
- الهيئة اللبنانية لمناهضة العنف ضد المرأة
- جمعية جائزة رايت ليفيلهوود
- لجنة احترام الحريات وحقوق الإنسان في تونس
- النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين
- الجمعية التونسية للدفاع عن القيم الجامعية
- الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية
- مركز تونس لحرية الصحافة
- الائتلاف التونسي لإلغاء عقوبة الإعدام
- الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان
- الجمعية التونسية لدعم الأقليات
- جمعية منَا لحقوق الإنسان
- نادي القلم الدولي (بن انترناشونال)
- جمعية علماء في خطر
- المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب
- صندوق التمويل الطارئ لحقوق المرأة
- جمعية يقظة من أجل الديمقراطية والدولة المدنية
- المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب
- مسيرة المرأة العالمية
- التحالف الإقليمي للمدافعات عن حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
معلومات خلفية
- منذ عام 2014، نفذت السعودية 807 عملية إعدام؛ وبإعدامات ف 23 أبريل/نيسان الماضي وصل إجمالي عدد الأفراد المنفذ بحقهم حكم الإعدام بالسعودية إلى110 شخصًا.
- منذ منتصف عام 2018، سُجن ما يزيد عن عشر مدافعات عن حقوق الإنسان بسبب نضالهن السلمي من أجل النهوض بحقوق المرأة في المملكة. وقد تعرض العديد منهن للتعذيب، بالصدمات الكهربائية، والجلد، والتحرش الجنسي وغيره من أشكال التعذيب. وفي 13 مارس/آذار، بدأت محاكمة 11 امرأة، بينهنّ العديد من المدافعات عن حقوق الإنسان، تلتها جلسة ثانية في 27 مارس/آذار، وثالثة في 3 أبريل/نيسان. وفي أعقاب الجلسة الثانية، أطلق سراح ثلاث نساء بشكل مؤقت، من بينهن المدافعتان عن حقوق الإنسان عزيزة اليوسف وإيمان النفجان. وفي 2 مايو/أيار، أفرج مؤقتًا عن خمسة من المدافعات عن حقوق الإنسان – هتون الفاسي، وأمل الحربي، وشدن العنيزي وميساء المانع وعبير النمنكاني. وقد مُنعت وسائل الإعلام والمراقبون، بما في ذلك الدبلوماسيين الأجانب، من حضور جميع جلسات الاستماع. وفي 17 أبريل/نيسان، ألغيت الجلسة الرابعة من دون تقديم أي معلومات. وخلال الجلسة الثانية، أفادت النساء بأنهن تعرضن للتعذيب بالصدمات الكهربائية على أيدي رجال ملثمين، وأنهن تعرضن للتحرش الجنسي أثناء التحقيق. ونفى الادعاء حتى الآن مزاعم وقوع التعذيب ووجه، من بين أمور أخرى، التهم التالية ضد العديد من المدافعات:
- التواصل مع الأشخاص والكيانات المعادية للمملكة.
- القيام بحملات من أجل حقوق المرأة وإنهاء نظام ولاية الرجل.
- التعاون مع الصحفيين والناشطين والدبلوماسيين الأجانب والمنظمات الدولية، مثل منظمة العفو الدولية، وهيومن رايتس ووتش، والمؤسسات الإعلامية.
- من بين المحتجزين في منتصف عام 2018، مدافعون عن حقوق الإنسان لا يزالوا رهن الاحتجاز دون توجيه تهم إليهم، ومن بينهم محمد البجادي، عضو مؤسس في الجمعية السعودية للحقوق المدنية والسياسية (حسم)، والذي سبق أن تعرض للاضطهاد بسبب نشاطه الحقوقي، وخالد العمير، ناشط قضى في السابق عقوبة بالسجن بسبب نشاطه الحقوقي. ومازالت مدافعتان عن حقوق الإنسان، هما سمر بدوي ونسيمة السادة، رهن الاحتجاز دون توجيه تهم لهما منذ يونيو/حزيران 2018.
- لا يزال العديد من النشطاء الآخرين رهن الاعتقال بتهم ذات صلة بأنشطتهم السلمية. بينهم مدافعين حقوقيين طالبوا بتعزيز وحماية حقوق المرأة والصحفيين مثل: عبد الله العطاوي ومحمد العتيبي، وأعضاء جمعية “حسم”، مثل: محمد القحطاني، وعبد الله الحامد، والمدون رائف بدوي، والصحفيين صالح الشيحي ونظر الماجد، والمحامي الحقوقي وليد أبو الخير، والناشط فضل المنصف، والناشطتين نعيمة المطرود وإسراء الغمغام.
- في سبتمبر / أيلول 2017، اعتقلت السلطات السعودية ما لا يقل عن 16 شخصًا بسبب انتقاداتهم للحكومة. من بينهم شخصيات دينية بارزة مثل الشيخ سلمان العودة، وكُتّاب مثل عصام الزامل، والصحفيان والأكاديميان عبد العزيز الشبيلي وعيسى الحامد – عضوا جمعية “حسم.” وفي أوائل أكتوبر/تشرين الأول 2017، اعتقل المسئولون 22 شخصًا بتهمة “التحريض على مخالفة النظام العام” على وسائل التواصل الاجتماعي، ثم احتجزوا 24 شخصًا آخرين بسبب “نشر الأكاذيب والمبالغة في وسائل التواصل الاجتماعي.” وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2017، بدأت الحكومة السعودية في تنفيذ حملة واسعة باسم مكافحة الفساد حسبما زعمت، واعتقلت مئات الأشخاص.
Share this Post